بلغة واضحة وحصيفة ومسؤولة وحريصة على اليمن حاضراً ومستقبلاً، جاء تأكيد نائب رئيس الجمهورية المناضل عبدربه منصور هادي أثناء لقائه يوم أمس باللجان الأمنية على أن مسؤولية الخروج من الأزمة الراهنة تقع على عاتق الجميع، وعليهم أن يكونوا في مستوى هذه المسؤولية التاريخية والوطنية، باعتبار أن الوطن وأمنه واستقراره أمانة في أعناق أبنائه، بمختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية وميولهم الفكرية والثقافية وشرائحهم الاجتماعية. وإنه لحريٌّ بكل من يحب اليمن استيعاب دلالات هذه الرسالة، لكونها تحمل الخير للجميع، حيث وأن صيانة سفينة الوطن وحمايتها من كل الأنواء والأعاصير والأمواج المتلاطمة وإيصالها إلى بر الأمان، إنما تعني سلامة كل من في هذه السفينة، وهم في كل حال جميع أبناء الشعب اليمني- سلطة ومعارضة، سياسيين وحزبيين عمالاً وفلاحين، مثقفين ورجال أعمال، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، أفراداً وجماعات- وفي المقابل فإنه وإذا ما غرقت هذه السفينة لن ينجو أحدٌ على الإطلاق. لقد وضع نائب رئيس الجمهورية الأمور في نصابها الصحيح، وهو يشير في ذات الاجتماع إلى أن صمود الشعب اليمني وتلاحمه في هذه المرحلة الحساسة دليل على وعيه بما تحمله الأزمة الراهنة من مخاطر وما يواجه الوطن من تحديات. ولذلك فإنه بهذا التماسك قد برهن من جديد على أنه يرفض أية محاولة لدفع الوطن إلى مستنقع الحرب الأهلية، التي إذا حدثت فإنها ستشكل إهانة بالغة للأجيال الحالية وتاريخها الحضاري وكل ما أنجزته من تحولات وإنجازات كبرى، وفي المقدمة منها الإنجاز الوحدوي العظيم، الذي جاء متلازماً مع إقرار التعددية السياسية ونهج الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة. ولاشك أن نائب رئيس الجمهورية المناضل عبدربه منصور هادي قد أراد لفت أنظار القوى السياسية والحزبية إلى مفردات هامة تستحق أن تصبح المعجم الذي ينبغي على الجميع أن يستقوا منه مضمون خطابهم، حتى تكون لغتهم مصدراً من مصادر التقارب وإزالة الجفوة والتباعد، وإعادة الثقة في ما بين هذه القوى السياسية والحزبية، باعتبار أن الجميع يمنيون وأبناء وطن واحد، وما يجمعهم أكثر مما يفرقهم. ومن هذا المنطلق فإن هذه القوى معنية بسدّ كل الثغرات التي يمكن أن تنفذ منها ريح خبيثة قد تصيب الوطن بوباء الفوضى أو الفتن أو أمراض النعرات الطائفية والمناطقية والمذهبية والقبلية والسلالية خاصة وأن الأحزاب هي من يفترض فيها أن تقدم القدوة في التمسك بالثوابت الوطنية وتغليب مصلحة اليمن العليا على ما سواها من المصالح الأنانية والضيقة. ونعتقد أن من مصلحة هذه الأحزاب ألاّ تترك لبعض المقامرين أو المغامرين من داخلها أو خارجها المجال للعبث بأمن واستقرار هذا الوطن، وممارسة الابتزاز بكل صوره، وإلحاق الأذى بالمواطنين وتنغيص حياتهم اليومية، لأن ترك الحبل على الغارب أمام هؤلاء لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من الويلات والكوارث التي ستحل علينا جميعاً. وإنه لم يعد من المجدي ذلك الصمت المريب الذي يمارسه البعض تجاه ما يجري من اعتداءات على أبراج الكهرباء وتقطع في الطرق، وعدوان على النقاط الأمنية والمعسكرات وإقلاق للسكينة العامة، في ممارسة للعقاب الجماعي الممنهج والمبرمج وبصورة يأباها كل صاحب ضمير وكل ذي خلق، وتستهجنها جماهير الشعب التواقة إلى توافق وطني. لن يجدي الصمت بعد اليوم تجاه ممارسات تسعى إلى إغراق الوطن في برك من الدماء ومستنقعات الشر والعنف والتمزق والشتات. وعلى كل الخيرين في أحزاب المعارضة أن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية والوطنية، وذلك عن طريق المجاهرة بكلمة الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.