نأمل أن تكون الاطراف السياسية على الساحة الوطنية قد تعززت لديها القناعة، وبعد كل المعارك التي خاضتها خلال الفترة الماضية، بأنه لا بديل لها عن التواصل والتفاهم حول كل القضايا التي تهم الوطن خاصة وقد بدت مؤشرات هذه القناعة في اللقاء الذي جمع الأخ نائب رئيس الجمهورية المناضل عبدربه منصور هادي يوم أمس بقيادات أحزاب اللقاء المشترك، والذي جرى فيه مناقشة السبل الكفيلة باحتواء تداعيات الأزمة الراهنة وتهدئة الأوضاع أمنيا وإعلاميا، فيما جاء المؤشر الثاني في ما حمله اتفاق السلطة المحلية بتعز مع أحزاب المشترك في المحافظة على إنهاء كافة المظاهر المسلحة بمدينة تعز، وكل ما يقلق الأمن والاستقرار والسكينة العامة. وفي ذلك ما يعني أن الجميع بات مدركا أن التصعيد والتأزيم وإشعال الفتن والحرائق والسير في طريق المكايدات والمناكفات واختلاق الأحقاد والعداوات، وتأجيج الضغائن ونوازع الانتقام لا يمكن أن تفضي إلى رابح وخاسر، ومستفيد ومتضرر. بل أن الحصيلة ستكون وبالا على الجميع وكوارثها ستشمل الكل ودون أي استثناء لأحد. والحق أن فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، الذي ينتظر أبناء شعبه بتلهف وشوق كبيرين عودة فخامته من رحلته العلاجية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، التي نقل إليها لتلقي العلاج عقب الاعتداء الإجرامي الغادر الذي استهدفه وعددا من كبار مسؤولي الدولة أثناء أدائهم صلاة جمعة غرة شهر رجب الحرام بمسجد النهدين بدار الرئاسة، قد ظل حريصا على تجنيب الوطن الانزلاق في أتون التوترات والصراعات السياسية، غير أن التطورات التي عمد البعض إلى تغذيتها والنفخ في كيرها خلال العامين الأخيرين كشفت عن أن هناك من كان له مصلحة في توسيع شقة الخلافات وزعزعة الثقة بين الأطراف السياسية والحزبية، وضرب أي تقارب يقود إلى إنهاء الجفوة وتغليب منطق الحوار ولغة العقل ومصلحة الوطن العليا على الجوانب الأخرى، سواء اتصلت بمصلحة حزبية أو شخصية أو غاية سياسية انتهازية، لتصل الأمور إلى ما وصلت إليه في الآونة الأخيرة من تعقيدات وتداعيات سلبية، كان أشدها إيلاما الاعتداء الإرهابي الجبان الذي استهدف رمز الوطن وكبار مسؤولي الدولة، والذي لا شك وأن من دبره وخطط له ونفذه وتورط فيه لن يفلت من العقاب أياً كان وأياً كانت الجهة التي تقف وراءه. وما نأمله أيضا أن تكون الأحزاب بمختلف أطيافها قد استوعبت أن المجتمع اليمني في تجلياته السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية، إنما ينطلق من خصوصيته الحضارية التي تستند إلى روح التسامح والوسطية والاعتدال ونبذ التطرف بكل صنوفه وأشكاله، سواء كان تطرفا دينياً أو تطرفاً سياسياً أو فكريا أو حزبياً، وانه بهذا الفكر الذي يتميز بالوضوح والشفافية والصراحة صار يرفض ممارسة العمل الحزبي بوسائل غير ديمقراطية وغير حضارية وغير وطنية. وما لم تصدق الأحزاب اليمنية مع الشعب وتغير من اساليبها وطريقة تعاملها مع نفسها ومع الآخرين، وتتخذ الوجهة الصحيحة والسليمة وتصبح معبرة عن نبض هذا الشعب وآماله وطموحاته، فعليها ألا تفاجأ إذا ما وجدت هذا الشعب ينتفض عليها، لأنه بالفعل لم يعد يحتمل المزيد من الازمات والمزيد من الأفعال والممارسات الخاطئة والمتمردة على النظام والقانون. فإما أن تكون هذه الأحزاب مع مفهوم الدولة وتتصدى لكل تمادٍ يسعى إلى إشاعة الفوضى والانفلات وأعمال التخريب وإما أن تتوارى وتسقط في الاختبار الأخير.