من يدفعون بالأوضاع على الساحة الوطنية نحو المزيد من التوتر والتأزم والعنف، ويعملون على تأجيج الأزمة الراهنة يرتكبون بهذه الحماقة خطأ فادحاً وجسيماً بحق أنفسهم، لأنهم بهذا المسلك المتهور يقدمون الدليل على أنهم دعاة فوضى وتخريب وتدمير، وأنهم جعلوا من أنفسهم معاول هدم بعد أن تجردوا من التزاماتهم ومسؤولياتهم تجاه هذا الوطن، الذي صار بالنسبة لهم ليس أكثر من وسيلة يتاجرون بها وفق ما تمليه مصالحهم وأهواؤهم وغاياتهم الأنانية ونفوسهم المعتلة بالأمراض والأسقام. وهذا بالفعل ما تأكد لأبناء الشعب اليمني الذين اكتشفوا حقيقة هؤلاء، سواء كانوا من الذين ينتمون لحركة الإخوان المسلمين ويحملون فكراً مشبَّعاً بالغلو والتطرف والتعصب أو كانوا من المحسوبين على بعض التيارات السياسية والحزبية، أو من القوى التقليدية والقبلية التي تبحث لنفسها عن أدوار أو تلهث وراء السلطة. حيث اتضح لجميع اليمنيين أن هذه القوى - ومن تحالف معها - قد أسقطت من حساباتها أية مسؤولية حيال دورها في إذكاء الفتن ونشر الفوضى وتوتير الأوضاع، وإشاعة الأحقاد والضغائن بين أبناء الوطن الواحد، بل وشرعنة ظاهرة العنف ومدها بأسباب الاستمرار والانقلاب على الشرعية الدستورية وإرادة الجماهير في صناديق الاقتراع. ولذلك فقد كان من الطبيعي أن تصطدم المساعي الجديدة لهذه القوى الانقلابية والظلامية بوعي الشباب للمرامي التي أرادت بها الزج بمن تبقى من المعتصمين من الشباب في محرقة أخرى، اعتقاداً من هذه القوى الدموية بأن سفك المزيد من الدماء سيساهم في استعادة البريق لثورتهم المزعومة، ويحقق لهم حضوراً إعلامياً في الساحة الدولية، خاصة بعد الانسحابات المتواصلة للشباب المعتصمين من الساحات وعودتهم إلى منازلهم والإخفاق في تشكيل المجلس الانقلابي. وقد برزت ملامح هذا الفشل في رفض الشباب، بما فيهم المنتمون إلى أحزاب اللقاء المشترك، الانغماس في أعمال العنف والتخريب واستهداف البنى التحتية والخدمات الأساسية تحت يافطة التصعيد الثوري، الأمر الذي شكل صفعة مؤلمة لتلك القوى الإخوانية والحزبية والوجاهية والانقلابية والمتمردة على النظام والقانون. وأمام هذه الضربة الماحقة فإن من بين ما ينبغي على هذه القوى مراجعته وإعادة النظر فيه كضرورة من ضرورات إصلاح الذات، تلك النزعة الدموية والعدوانية التي تطبعت بها، خاصة وأن استمرارها متشبثة بهذه المسلكية العنيفة يضعها تحت طائلة المساءلة القانونية على كل ما اقترفته من آثام بحق هذا الشعب. وعلى هذه القوى أن تدرك أن كل الدماء التي سالت بسبب تحريضها على العنف، من الشباب أو المواطنين أو الجنود، لن تذهب هدراً، وسيطال القانون كل من شجع وحرض على العنف تحت أي مسمى كان. ولابد أن يكون معلوماً لهذه القوى أن ما تدفع باتجاهه تحت مسمى التصعيد الثوري سيكون وبالاً عليها وسيرتد إلى نحرها ولن تجني من ورائه سوى الخزي والعار، وعليها أن تحذر من غضبة الشعب الذي ضاق ذرعاً بأفعالها ولم يعد بقادر على السكوت أمام هذه الحماقات الطائشة والجرائم التي تندى لها الضمائر باعتبار أن الساكت عن الحق شيطان أخرس.