لا ريب في أن الاتجاهات الرئيسية لمشروع برنامج عمل حكومة الوفاق الوطني قد ركزت بشكل أساسي على مجموعة من الأولويات والموجهات المتصلة باستحقاقات المرحلة الانتقالية بشقيها السياسي والتنموي، آخذة بعين الاعتبار الأهم ثم المهم وبما يلبي تطلعات أبناء الشعب اليمني وطموحاتهم في الحياة الآمنة والمستقرة، لإدراك الجميع أن استتباب الأمن والاستقرار هو الضامن الحقيقي لانسياب حركة الاقتصاد والتنمية وتجاوز تداعيات الأزمة التي مرت بها بلادنا خلال الأشهر الماضية واستثمار الإمكانيات المتاحة بشكل صحيح وإعادة إعمار المباني والمنشآت والطرقات العامة التي تضررت جراء الأزمة والسير في اتجاه الحد من ظاهرتي الفقر والبطالة ووضع المعالجات لمسبباتهما وغيرها من القضايا المرتبطة بالاهتمام بالشباب وتحسين الخدمات التعليمية والصحية وتعزيز الحريات السياسية والشراكة في اتخاذ القرار. إنّ هذا البرنامج الطموح الذي سيتم تبويبه ضمن عشرة محاور رئيسية يتفرع عنها عدد من السياسات القطاعية التي تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والبنية التحتية والتنمية الحضرية والموارد البشرية وشبكة الأمان والحماية الاجتماعية والحكم الرشيد لم تضعه الحكومة لمجرد دغدغة عواطف الناس أو الهائهم بل هو برنامج وضعت له العديد من المحددات الأساسية التي تجعله قابلاً للتنفيذ انطلاقاً من اعتماد مبدأ التقييم الدوري لأداء الحكومة ومدى تنفيذها لأنشطتها ومهامها في الفترات الزمنية المحددة وإيجاد آلية متابعة تمكنها من التعامل السريع مع أية معوقات عارضة أو استثنائية ومعالجتها وبما يؤدي إلى منع التراكمات المعيقة لأدائها. وبكل تأكيد، فإن هذه الحكومة التي يتعين عليها إنجاز الكثير من المهام خلال عامين هي أمام اختبار صعب بحكم ضغط الزمن أولاً وحساسية المرحلة ثانياً والعبء الكبير الملقى على عاتقها ثالثاً، واستشعاراً منها أنها ستكون تحت رقابة الشعب الذي سيظل يتابع عملها أولاً بأول، حرصت على أن تكون الاتجاهات الرئيسية لمشروع برنامجها متجاوبة مع المهام والمسؤوليات الاستثنائية المناطة بها، وهو ما دفعها إلى التأكيد على أنها ستعمل على تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بدلاً من الرقابة التقليدية المتبعة التي رأى واضعو الاتجاهات الرئيسية لمشروع برنامج حكومة الوفاق الوطني أنها لم تؤد إلى النتائج المطلوبة في محاصرة مظاهر الفساد وعجزت أيضاً عن حفز الشعور بالمسؤولية الوطنية. وتأسيساً على ذلك فإن كل الأنظار ستظل ترقب نجاح الحكومة في تنفيذ برنامجها والإيفاء بما ستقطعه على نفسها من وعود في هذا البرنامج الطموح والذي لا شك وأنه يتطلب من كل أعضاء هذه الحكومة العمل بروح الفريق الواحد وأن ينأوا بأنفسهم عن المكايدات والتجاذبات الحزبية حتى يتفرغوا بشكل كلي لمهامهم ومسؤولياتهم وواجباتهم التي سيتحدد على أساسها فشل أو نجاح هذه الحكومة وأعضائها واحداً واحداً. ويحسن بهذه الحكومة أن تضع في اعتبارها أن اجتيازها لهذا التحدي لن يتم إلاّ بالعمل المشترك وانحيازها للرؤية الوطنية الجامعة وتغليبها على الانتماء الحزبي الضيق، وخير لها ألف مرة أن تكون حكومة لخمسة وعشرين مليون مواطن من أن تظهر كحكومة تمثل مجموعة أحزاب، وخير لها أيضاً مليون مرة أن تجعل اليمن حزبها الكبير الذي إذا لم نعتز به فمن أين يمكن أن نستلهم عزتنا وكرامتنا؟!