عام وبضعة أشهر مضت كادت تنسي ابناءنا -إن لم نقل تمسح من ذاكرتهم- شيئاً اسمه فلسطين، لقد غابت فلسطين وقضية شعبها ومظلوميته عن بعض وسائل الاعلام العربية وتراجعت عند البعض الآخر الى المرتبة الرابعة في ترتيبها لأخبارها حسب الاهمية.. على الرغم من الاحداث التي تشهدها الساحة الفلسطينية وممارسة القمع والتعنت الصهيوني الذي زادت وتيرته خلال العام الماضي وما مضت من شهور عامنا الحالي، بعد ان استغل الكيان الاسرائيلي انشغال الاعلام العربي بأحداث ومستجدات الفترة التي تمر بها واطلقت عليها وسائل الاعلام الامريكية ب«الربيع العربي». كانت فلسطين أو القضية الفلسطينية هي قضيتناالاولى والمحك الذي يقيّم لي نظام عربي -سلباً وإيجاباً- من خلال مواقفه منها، وتعامله مع اعداء الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومع نضالات ذلكم الشعب الذي تنزف دماء ابنائه نيابة عن اشقائهم العرب منذ عقود مضت وستستمر لسنوات قادمة. لقد غابت عن وسائل الاعلام العربي، كل الاعمال الابداعية الداعمة لعدالة قضية الشعب الفلسطيني، الممجِّدة لنضاله وتضحياته المحافظة على جذوة ثورته مشتعلة في وجدان الاجيال، وبلغ الحال اننا لم نعد نستمع حتى اغنية وطنية مؤازرة لقضايانا الوطنية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، القضية الاولى للعرب سابقاً.. ثم جاء دور التهميش الاخباري لها، وكل ذلك يعود إلى التعلل بالانشغال بالربيع الذي اخذ يجتاح العالم العربي بصورة أو بأخرى مع العلم انه تعليل مفضوح وغير مقنع ومحاط بالشبهات كون وسائل الاعلام تلك لا تقف موقفاً واحداً ومتساوياً من كل ما يحدث أو ما تسميه بثورات الربيع بل انتقت ما تنشغل وتشغل به المتلقي أو من لم يفقد مصداقيته وينصرف الى وسائل اعلامية فضائية اخرى خاصة الفضائيات الاجنبية الناطقة بالعربية.. ليعرف ماذا يحدث ويُعدّ للعالم العربي. انشغل اعلام بعض الدول العربية، بثورات الربيع العربي، وكأنها الأنموذج الذي يجب أن تحتذى به تلك الثورات في مجال الحقوق والحريات والعدالة.. وتجاهلت أو غيّبت الربيع الاهم، أو ربيع الثورة الفلسطينية الذي باكتماله ستزهر كل اشجارنا اليابسة، وتنبت الزهور في كل ارض جدباء من المحيط الى الخليج، وتُزال اكبر كارثة انسانية حلّت بشعب اضناه الشتات والقمع والبطش والتنكيل به وبمقدساته. لسنا بحاجة للتذكير بما تشهده الساحة الفلسطينية منذ الانشغال بثورات الربيع، خاصة في مصر وليبيا وسوريا.. من عجرفة صهيونية، ولسنا بحاجة أيضاً لأن نشير إلى المضربين عن الطعام في السجون الاسرائيلية، ولكن نتساءل: هل فلسطين بحاجة إلى ثورة ربيعية ضد محمود عباس أو منظمة التحرير (فتح) حتى تتصدر أخبارها نشرات فضائيات تلك الدول؟!! هل المضربون عن الطعام في السجون الاسرائيلية بحاجة إلى نقلهم إلى سجن في سوريا حتى تهتم تلك الوسائل الإعلامية بهم.