استهداف بعض الأطراف في التسوية السياسية المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية في خطابها الإعلامي الذي اتخذ منحىً يفسر مرامي هذه الأطراف هو في محصلته استهداف للأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الذي مثل انتخابه تجسيداً لإرادة الشعب اليمني الذي صوت له بغالبيته العظمى في واحد وعشرين فبراير 2012م، وهذا يجعل من هؤلاء لا يقفون على طرفي نقيض مع إرادة الشعب وحسب، وإنما أيضاً مع الإرادة الإقليمية والدولية, ومع إخراج اليمن من الظروف والأوضاع التي مازال أبناؤه يرسفون تحت وطأة تداعيات أحداثها, وهم بهذه التوجهات يظهرون تراجعاً وإرتداداً عن مواقف لطالما سمعناهم ورأيناهم يعلنونها ويتبنونها طوال ثورة الشباب السلمية مما يجعلنا ننظر إلى مواقفهم المعبر عنها في حملتهم الإعلامية هذه وكأنهم يسعون إلى تحديد سقف التغيير بحيث لا يتجاوز المصالح الحزبية والشخصية لهم، غير آبهين بمصالح الوطن والشعب والتضحيات التي قدمها شبابه من أجل يمن موحد وديمقراطي يقوم بناؤه على أساس دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية التي لا مجال فيها لإعادتنا إلى التوازنات القائمة على التقاسمات والمحاصصات القبلية والمناطقية والحزبية والجهوية؛ وكانت هذه الأطراف شريكاً في وجودها وبقائها واستمرارها, وبالتالي تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن أوزار ذلك الماضي بكل مساوئه ومآسيه التي يعمل الرئيس هادي- ومعه كل اليمنيين والأشقاء والأصدقاء في مجلس التعاون الخليجي والعالم على تجاوزها. إن الإرادة السياسية للأخ رئيس الجمهورية للخروج بالوطن من أزمته إلى بر الأمان تجلت في القرارات الصائبة والقوية التي اتخذها رغم الصعوبات والتعقيدات والتحديات التي تعترضه جراء محاولة البعض وضع العراقيل والإعاقات أمام طريق تنفيذها إلاّ أنه صمم على السير بالوطن قدماً, ويأتي قراره بتشكيل اللجنة الفنية للحوار الوطني تأكيداً على عزمه وإصراره على الانتقال باليمن إلى مرحلة جديدة على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني من خلالها يتمكن اليمن من تجاوز الماضي الذي يتضح لنا الآن أن ليس طرفاً بعينه له مصلحة من بقائه واستمراره , وإنما هناك أطراف بحكم تفكيرها السياسي التقليدي العقيم لا تريد أو لا تستطيع مغادرة ذلك الماضي، غير مستوعبة أن المتغيرات لم تعد تقبل مثل هذا السلوك السياسي، الذي لن يثني الرئيس هادي عن مواصلة طريقه في إنجاز المبادرة الخليجية وقيادة الوطن صوب الغد الذي يستعيد اليمن فيه اعتباره ومكانته وقدرته على التنمية والتطور والتقدم إلى الأمام انطلاقاً من صيغة توافق أتفق عليها اليمنيون في حوارهم الذي لن تكون المشاركة فيه مرتبطة بشروط مسبقة، ولن يكون لطرح القضايا والمشكلات سقف ولا خطوط حمراء، وعلى طاولته ستناقش كل الموضوعات بروح جادة وصادقة ومسؤولة تُفضي إلى حلول حقيقية موضوعية لكل مشكلات اليمن المتراكمة والمزمنة. ما هو مطلوب الآن هو استيعاب موجبات وضرورة الالتفاف حول رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي من كل أبناء اليمن، وفي المقدمة القوى السياسية الحية والفاعلة في الساحة الوطنية، وكذا الشباب الذين هم صناع التغيير والذي ينبغي أن يكونوا هم هدفه الرئيسي، وفي هذا المنحى تقع مسؤوليةً كبيرة على وسائل الإعلام والصحافة في إنجاز استحقاقات هذه الفترة, لذا عليها ترك الاستمرار في اجترار مماحكات ومناكفات ومهاترات المرحلة السابقة، والعمل باتجاه تعبيد طريق التسوية مقدمة مساندة ودعماً حقيقياً لرئيس الجمهورية نابع من وعي حقيقي لمسؤولياتها الوطنية في هذه الظروف الدقيقة والحساسة التي يمر بها الوطن.. كما أن عليها تجنب زرع الأفخاخ ووضع العراقيل أمام فرصة الخروج مما نحن فيه، وخاصة تلك المنابر الإعلامية الحزبية والمحسوبة على بعض الأطراف والشخصيات التي وجودها وتأثيرها يرتبط بإسهامها ودورها الفاعل في إنجاح وإنجاز التسوية السياسية, وفي هذا السياق ينبغي قراءة الدعم الإقليمي والدولي لرئيس الجمهورية المتواصل وبالذات من رعاة المبادرة لندرك أنه رهان هذه المرحلة والقادر ومعه شعبنا على إعادة اليمن إلى المسار الصحيح الذي يحفظ له وحدته وأمنه واستقراره, وبما يحقق متطلبات حاضره واستحقاقات تطلعات أجياله القادمة.