صورة واضحة الملامح قدمها الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية للعالم في جولته الأمريكية الأوروبية تعبر عن راهن اليمن السياسي والاقتصادي والأمني وما يواجهه من صعوبات وتحديات وتعقيدات في مجمل أوضاعه تقتضي عمليه حلها وتجاوزها وقفة جدية من المجتمع الدولي وفي مقدمتهم الأقربون عقيدة انتماء ووجودا في الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك ماضياً وحاضراً ومستقبلاً وهم الأشقاء في منطقة الجزيرة العربية والخليج الذين لم يتوانوا في يوم من الأيام عن دعم ومساندة اخوانهم اليمنيين، ليس فقط في أوقات الشدائد والمحن،ولكن أيضاً في كل الظروف والأحوال،ولعل الدعم والعون المقدم في مؤتمر المانحين الذي انعقد الشهر الماضي في عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة تجسيد لهذه الحقيقة وتواصل بمؤتمر أصدقاء اليمن المنعقد بحضور الأخ رئيس الجمهورية بمدينة نيويورك والتي هي واحدة من الفعاليات المهمة لزيارته للولايات المتحدةالأمريكية والتي شملت مشاركتة في الدورة ال67للأمم المتحدة، وكان لكلمته فيها أصداؤها بما تضمنته من معانٍ ودلالات وأبعاد عكست عمق رؤيته المستوعبة لمجمل مسارات إخراج اليمن من أزمته وفقاً للمبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن الدولي.. مبيناً بصدق وشفافية مسؤولية الشعب اليمني وقواه الاجتماعية والسياسية الحية ومسؤولية الأشقاء والأصدقاء في إيصال التسوية التاريخية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها إلى الغايات المرجوة منها في التغيير الذي خرج من أجله شعبنا وقدم التضحيات في سبيله. ان الأخ رئيس الجمهورية في خطابه أمام الجمعية العامة للامم المتحدة وفي لقائه بالرئيس الامريكي باراك أوباما والذي كان استثنائياً ومتميزاً في مضمونه وكذا استقبالاته ولقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين، وكل الفعاليات التي قام بها قد أحدثت تغيراً إيجابياً في النظرة إلى اليمن وشعبه الحضاري العريق وأزالت الكثير من التشوهات التي لحقت به خلال السنوات الماضية ليس فقط في أذهان الشخصيات السياسية والإعلامية التي التقى بها وقابلها بل وفي عقول الرأي العام الأمريكي والذهنية الغربية عموماً، معززاً الموقف الدولي الداعم والمساند للتغيير باتجاه بناء اليمن الجديد الموحد الآمن المستقر الديمقراطي المتطور المتقدم المزدهر. في هذا السياق ينبغي الإشارة إلى أن هذه الجولة لرئيس الجمهورية هي الأولى منذ حاز على ثقة اليمنيين في انتخابات 21فبراير الماضي وتحمله مسؤولية قيادة الوطن في إطار التسوية السياسية التي جاءت بها المبادرة الخليجية، لهذا لم يكن متوقعاً أن تحرز جولته هذا النجاح غير المسبوق والذي بكل تأكيد سيكون له نتائج مثمرة وكبيرة لا تتوقف أهميتها عند المضمون السياسي الاقتصادي الأمني المباشر الراهن وإنما سوف تمتد لتشمل مجمل سياقات الانتقال باليمن إلى مستوى جديد من التحولات العميقة المنهية لكل تراكمات الماضي القريب والبعيد وما خلفته من تركة ثقيلة تعبيراتها شملت كافة مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية وصولاً إلى تدمير البنية القيمية الاخلاقية للمجتمع اليمني بإعلاء النزعات والنعرات الطائفية والقبلية والمناطقية والمذهبية المقيتة، مشعلة صراعات وحروباً وارهاباً.. معممة الخراب والدمار والفوضى، وعلينا أن نخلص من هذا كله من خلال الحوار الوطني الشامل الذي نجاحه محور نجاح التسوية السياسية. ان الجولة الناجحة والمثمرة للأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية لأمريكا وأوروبا سيكون لها مابعدها على صعيد الأمن والاستقرار وعلى الحوار وصياغة الدولة اليمنية القادمة التي يجب أن تكون دولة لكل اليمنيين لا مكان فيها للإقصاء والتهميش، يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، ولا تمييز إلاَّ للعلم والمعرفة.. للإنتاج والإنجاز والإبتكار والإبداع الخلّاق الذي يشكل قيمة مضافة لبناء وتطوير اليمن الجديد الذي ينعم كل أبنائه بالأمان والرفاهية.