للحركة العمالية تاريخ مجيد في مسار حركة النضال الوطني.. والمشاركة في حركة التغيير التي شهدتها بلادنا.. اذ لم تقتصر دور العمال في اليمن على العمل المتفاني في مجال النهضة العمرانية.. والخدماتية، والصناعية بل تعداه الى مجال الحركة التغيير والثورة، ففي شمال الوطن شارك العمال -الذين طردتهم السلطة البريطانية من عدن بسبب مشاركتهم في المظاهرات المعادية لمخططاتها- شاركوا لحظة اعلان ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في الانخراط في تشبث الثورة وانتصارها -خاصة في تعز- وكذا في الدفاع عنها. وفي جنوب الوطن فللحركة الوطنية اليمنية دور بارز في توحيد الحركة الوطنية اليمنية ومجابهة المخططات البريطانية- بل امتد دورهم في دعم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والدفاع عنها، والمشاكة الفعلية في ثورة الرابع عشر من اكتوبر، كما واننا ندرك ان دور الطبقة والفئات العمالية اين كانت اتجاهاتها السياسية دوراً مستمراً تقوم به تحت كل الظروف في عملية البناء والتطور.. ظل العمال من اليمنيين وغيرهم يتزايد عددهم خاصة من بداية القرن العشرين لكنهم كانوا محرومين من كل حقوقهم المشروعة كانت حياتهم حنكا لا تسر العدو.. وصفها الحاكم البريطاني «هيكنبوتام» (T. Hickinbtham) في كتاب له بقوله انها مهينة، فالعلاقات العمالية غير موجودة ولم يكن هناك اي شكل من اشكال التفاهم بين العمال ورب العمل بل كانت سلطة رب العمل أكان من اصحاب اشريكات او الحكومة مطلقة، والاجور منخفضة بشكل لا تكفي سد الرمق.. وكان العمال محرومين من العطل الرسمية والاسبوعية، والسنوية، والمرضية، ولا يحصلون على ضمانات اجتماعية او نقودية او رعاية صحية او علاوات.. وحين اضطرت بريطانيا الى اتخاذ سياسة تميزها عن بقية الحكام على الساحة اليمنية منحت عدن هامش من الديمقراطية، حيث اصدرت قانون تنظم العمل عام 1948م، ويسمح بانشاء النقابات العمالية، والنوادي والجمعيات الاجتماعية والثقافية، لكن القانون لم يلب الحقوق الكاملة للعمال، واعطى مسجل النقابات -وهو بريطانيا- صلاحيات كبيرة تتعلق في قبول تسجيل النقابات او في حلها. وللدفاع والنضال محصول العمال على حقوقهم باحد العناصر المثقفة من الوطنيين في تشكيل جمعيات عمالية، وفي نوفمبر 1955م شكل الوطنيون الجهة الوطنية المتحدة والتي يثبت تشكيل النقابات والمطالب العمالية والعمل على تحقيقها وتوزع قاعدة الى جانب اهدافها الوطنية، وتوزع اعضاء الهيئة الادارية في الجهة الوطنية رؤوساء النقابات العمال، في مارس 1956م شكلوا المؤتمر العمال المؤتمر التي عمق الوحدة الوطنية لكون العمال المنظمين فيه ينحدرون من كل المناطق في عموم الساحة اليمنية، تلك هي بداية تنظيم الحركة العمالية، وما تناول مسارها وتاريخها ودورها النقابي والنضالي فيحتاج الى سعة بحجم كتاب او اكثر.. وما يهم عمال اليوم هو انهم محظوظون، فثورة الشباب المجيدة والدافعة بحركة التغيير، اودت بان يصل الى سدة السلطة رئيساً للوزراء واحد من الذين ارتبط تاريخهم بالنضال النقابي والسياسي، وهو الاستاذ محمد سالم باسندوه، فقد كان نقابياً بارزاً وواحداً من قادة الحركة العمالية، ففي عام 1958م احد صحفيين «المنبر» وهي صحيفة عمالية اسبوعية سياسية صدرت في عدن، اتخذت «المنبر» نهجاً وطنياً منطلقة من وحدة العمال، معبرة عن الوحدة الوطنية ومثلت سياسة المؤتمر العمالي بما يعني الدفاع عن حقوق العمال وقضاياهم وتصدت للمشاريع الاستعمارية وفضح المؤآمرات، ومواقف عملاء بريطانيا ورموز الاحزاب المرتبطة بالاستعمار ودعت الى دعوة النضال الوطني، والنضال ضد القوى الرجعية والاستعمارية. وبسبب نهجها الوطني العمالي اقدمت السلطة البريطانية على اغلاقها في اوآخر عام 1960م. وهكذا لقد شكلت الحركة العمالية نقطة تحول في تاريخ الحركة الوطنية المناهضة للوحدة الاستعمارية في جنوب الوطن والنظام الامامي في الشمال وجسدة الوحدة الوطنية باسمى معانيها والمؤسف ان تاريخها كما هو تاريخ الثورة اليمنية لازال مجهولاً رغم مرور سنة وخمسين عاماً على تأسيسها وخمسون عاماً على انطلاقة الثورة اليمنية.. وداعاً ايها القائد النقابي والدبلوماسي مات المناضل والقائد النقابي والدبلوماسي عبده فارع نعمان وهو يراجع للحصول على حقوقه. يقول الامام الغزالي عن الموت: «عش ما شئت فانت ميت، واحب ما شئت فانك مفارق، واعمل ما شئت فانك مجزى به» والذين عملوا ما شاؤوا.. وهم نفر معروف في وزارة الخارجية في الامعان -والمهانة لانسان فاضل- مدرس واصبح دبلوماسياً انه الاستاذ عبده فارع نعمان.. لقد تعب ووهنت قواه ونفذ ما يجيبه من المال وهو يتنقل بين عدنوصنعاء من مكتب وزارة الخارجية في عدن، حيث مقر عمله الى مبنى وزارة الخارجية في صنعاء.. يراجع بصرف حقوق له مكتسبة.. وآخر مرة انتقل من عدن الى صنعاء كانت خلال شهر سبتمبر الماضي: لقد تحمل عناء السفر من.... ان الاحتفال الذهبي لقيام الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر وحركة التغيير، وما سبق من توجيهات من قبل الرئيس السابق، والرئيس الحالي المشير عبدربه منصور هادي- حين كان نائباً للرئيس يعرف مستحقاته.. سوف تشعل له عند المتنفذين في وزارة الخارجية وسوف يعود الى عدن حاملاً المبلغ المتعلق بمستحقاته لكنه صدم.. حين وجد الاصرار المعتمد بالرفض ودون شك عصف به الحنق، والقهر، والظلم، والوهن، فتوقف قلبه، مات الاستاذ عبده فارع نعمان قهراً وكمداً.. مات في صنعاء بعد معاناة تحملها وعدد من رفاقه منذ ان احيل الى الخارجية، لكونه ممثل عمال اليمن في الاتحاد العالمي لعمال اليمن في براع حينها، ونقل جثمانه الى عدن يوم الاربعاء الموافق 26سبتمبر 1962م.. اعد القراء تناول سيرة حياته النقابية والنضالية في تناوله اخرى.. # رئيس مركزالأمل للبحوث التاريخية والدراسات الاجتماعية