مرحلةً جديدة يلجها اليمن، تضعه -وطناً وشعباً- على مفترق طرق، بعد أن وصلت الى المحور الاهم والمفصلي في التسوية السياسية للمبادرة الخليجية، ونعني هنا مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي تواصلت جلساته لليوم الثالث على التوالي، في اجواء ومناخات مفتوحة لكافة الآراء والرؤى تجاه القضايا وبدون سقف او خطوط حمراء،فالكل يتحدث بشفافية ودون ضغوط أومصادرة رأي أوتكميم أفواه وهذايعكس استيعاباًواعياً..إن الحوار هو الخيار الوحيد الذي يجب على طاولته حل كل القضايا مهما كانت تعقيداتها، وعلى جميع المشاركين في الحوار وضع نصب أعينهم حقيقة ان الشعب اليمني ينتظر منهم في الشمال والجنوب في الساحل والسهل والجبل، حلولاً ومعالجات جدية نابعة من استشعار المسؤولية تجاه حاضر ومستقبل اليمن وأجياله القادمة، وهذا ما عبرت عنه كلمة رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوارالاخ المناضل عبدربه منصور هادي، في الجلسة الافتتاحية وبدء جلسات العمل، مؤكداً أن نجاح مؤتمر الحوار فيه مصلحة لكافة اليمنيين، وأن أي فشل -لا سمح الله- ستحمل وزره كافة القوى المشاركة، وسيكون ذلك لعنة تطاردنا وتطارد اجيالنا القادمة.. لذا ينبغي أن تكون الشفافية والوضوح في طرح القضايا ليس الغاية منه وضع العراقيل والعوائق امام وصوله للهدف المنشود، بل تحفيز العقل والضمير السياسي لإيجاد المخارج الموضوعية لكافة القضايا، وفي الصدارة القضية الجنوبية وقضية صعدة كونها تكتسب اهمية حيوية واستراتيجية في حل بقية القضايا، وهذا لا يعني انتفاء جدلية العلاقة بين هاتين القضيتين.. والاتجاه نحو تحديد طبيعة ووظيفة وتكوين وتركيب النظام السياسي وفقاً لعقد اجتماعي يستوعب الحلول التي سوف يتوافق عليها اليمنيون، ونعني هنا الدستور فيما هو اساس لبناء دولة اليمن الجديد، المدنية الديمقراطية المؤسسية الحديثة المستمدة هيبتها ومكانتها من قدرتها على تطبيق النظام وفرض القانون المحقق للعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية طبقاً لمتطلبات واستحقاقات طموحات وتطلعات ابناء اليمن في حراكاتهم وثورتهم الشبابية السلمية. وعلى نحو ينهي إمكانية العودة الى الصراع والحروب بصورتها التي جرت في صعدة او اماكن اخرى، كادت أن تودي بنا نحو مهالك الدمار والخراب والفوضى والفرقة والتمزق التي دون شك ستوفر البيئة الخصبة لتنامي ظاهرة الارهاب والتطرف والتشدد.. ولهذا تؤكد المعطيات ان الحوار هو السفينة التي سنبحر عليها لنجتاز بحر التحديات والاخطار بكل عواصفها وأعاصيرها لنصل الی شاطئ الامان وضفاف الاستقرار، وهذا يفترض قطع طريق العودة الى الخلف، ونركز تفكيرنا وطاقاتنا وجهدنا في بناء غدٍ جديد ليمن سعيد خالٍ من الاحقاد والضغائن ومن ثقافة الكراهية والعنف.. يمن لا مكان فيه لحسابات أصحاب المصالح الضيقة وأضرابهم من الأفاقين والفاسدين، الذين جميعهم يتحملون مسؤولية ما وصلنا اليه من هشاشة وضعف.. اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً.. مثل هؤلاء امامهم فرصة لاصلاح ما أفسدوه عبر اثبات انهم الأشد حرصاً على أن تنجز مخرجات الحوار المجسدة لخيارات اليمنيين في بناء وطن آمن ومستقر ومزدهر، لا ان يسعوا الى فرض أجندتهم التي يستحيل أن يقبلها الشعب والمجتمع الدولي الذي هو على بينة ومعرفة عميقة لمخاطر انزلاق اليمن الى الفوضى على مصالحه وعلى السلام في المنطقة والعالم، وهذا المعنى أشار اليه وأكد عليه رئيس الجمهورية في مضامين كلمته امام المشاركين بقوله ان المجتمع الدولي حسم أمره، ولن يسمح بحرب جديدة في هذا البلد وأي حل لن يكون إلاّ عبر الحوار. من كل هذا نستخلص حقيقة ان قضايا هذا البلد ومشاكله وصعوباته وتحدياته، لا يمكن الخروج منها الى وطن يتسع لكل ابنائه إلاّ بالسمو فوق الجراح، واعلاء ثقافة التصالح والتسامح والمحبة والوئام دون نسيان الماضي بما هو عبرة ودرس، يتوجب ان لا نكرر اخطاءه وسلبياته في اليمن القادم المنبثق من ارادة وطنية غادرت دهاليز الماضي المظلمة الى اشراقة فجر ينعم فيه اليمنيون بعطاءات خير وطنهم جميعاً بعيداً عن«سياسات» كرست النعرات والنزعات المناطقيةوالطائفية والحزبية والفسادوالارهاب والاقصاء والتهميش،وبابتعادنا عن هكذا مسلكيات سنتمكن وبالحوار من صنع غدٍ خلاق لشعب يستحق ان يعيش حياة حرةً كريمةً وعزيزةً.