كثيراً ما تتشعب المفاهيم والتعريفات بالنسبة لبعض المصطلحات كالسياسة والثقافة ونحوهما.. وقد اختزلت السياسة إلى جملة من كلمتين هما فن الممكن وقد اعتبر ذلك تهرباً من المفاهيم السلبية التي تدل عليها السياسة في محتواها.. وفي الممارسة ولذلك ذهب البعض إلى أنها فن إدارة الأمور للوصول بها لغايات محددة ويشمل ذلك كل المجالات الحياتية وقيل أن السياسة الناجحة لا تقوم إلا على احتيال ودهاء وليس على مجرد معرفة وحسن تقدير وذكاء في الاختيار واتخاذ القرار والتصرف.. وحتى لا تتوهنا السياسة في تعريفها نعود للثقافة وهي أيضاً كلمة ذات دلالات ومعانٍ متعددة تعددت لذلك التعريفات الخاصة بالثقافة حتى تجاوزت المائة كما قال الأخ الدكتور عبدالله عوبل منذوق وزير الثقافة شاهداً بأنها كلها صحيحة.. وقد فضلت أنا في كثير من كتاباتي التعريف الذي حصرها في الفكر والآداب والفنون عموماً انتاجاً وممارسة دون أن أصرف النظر عن ما يعنيه الموروث المادي وبعض الموروث الاجتماعي في التقاليد وكذلك الفلكلور لأن فيها روح الثقافة الحية وبالأخص الثقافة الشعبية والكثير منها متوارث وغير مكتوب وحتماً تبني عليه الأجيال إبداعاتها وأزكى وأقوى ما فيها يجد له طريقاً للوجود الأبقى. هذا الاستهلال في الكتابة اليوم أوحى به مؤتمر السياسات والتنمية الثقافية الذي أقامته وزارة الثقافة خلال الثلاثة الأيام الماضية بحضور القيادات الثقافية والشخصيات ذات الصلة بالثقافة والسياسة على حد سواء.. ذلك أن موضوع رسم السياسات الثقافية ما زال حتى اليوم هما كبيراً لدى الدول العظمى والدول الغنية مثلما هو الأمر بالنسبة للدول النامية والفقيرة والأشد فقراً ووجود وزارات للثقافة تهتم بالثقافة في تلك الدول العظمى تأكيد على مدى خطورة التخلف الثقافي.. ومدى الأهمية القصوى التي توليها الإدارة السياسية فيها للتنمية الثقافية والحفاظ على الذاتية الثقافية التي في صلب بصمات الهوية الوطنية أو القومية رغم دواعي وواجبات الأمتثال للعولمة وطموحاتها الحضارية على مستوى كوكبنا الصغير.. فكيف بالنسبة للثقافة في الأقطار النامية والتي قد لا تمتلك سوى هويتها وموروثها الثقافي.. هل تحافظ عليه وتنميه؟ وكيف تلحق بالركب الثقافي الإنساني المتطور؟ وما هي إمكانات التحديث للثقافة؟ بعد أن تكون مكفولة للجميع كحق وكزاد حيوي للمعرفة ووسيلة لتكوين الشخصية الوطنية الفاعلة والمقتدرة.. تلك أسئلة كثيرة ومهمة قد لا ينشغل بالإجابة عليها مؤتمر السياسات الثقافية والتنمية في بلادنا، ولكنه سيهتم كما أشار الوزير بالخطط العملية في صورة سياسات عامة وأهداف وبرامج تنفيذية برغم أن أوراق العمل والمناقشات تجاوزت ذلك كله امتثالاً لدواعي الشأن الثقافي المتعدد والمتشعب الشجون!! ولا شك بأن هذا المؤتمر قد أضاف جديداً من واقع ما تفرضه حركة التطور.. وما يدعو إليه حتماً التوجه نحو تكريس الحرية الفكرية والإبداعية.. والديمقراطية الثقافية التي من دونها لا يمكن تحقيق الغايات التي نتطلع إليها بالنسبة للتنمية السياسية وبناء الإنسان الذي هو غاية التنمية وأداتها. ملء عين البصر: في اللقاء الذي ترتجيه القلوب لا نفراج الكروب ونضوج الثمر سوف يأتي الخلاص سوف تشفى الجراح التي نكأتها الخطوب في تلاقي الرؤى واجتماع الفكر ونعود إلى رشدنا السبئي ملء عين البصر كالشعوب التي غادرت جهلها وانتمت للبشر. hassanallow@ gmail.com