كيف لا تتسع حيرة المفكر.. وتغيم رؤية الشاعر وترتبك ملكة الإنسان المجتهد حين يبلغ في سعيه لمسافة مغلقة بأكثر من جدار.. أو هاوية خلاف المآزق والمخانق والكوابح والاحباطات! وذلك في جملة صور الحياة وعلاقاتها.. وعلاقات الناس فيما بينهم، وفيما يتحملونه من مسؤوليات أو يؤدونه من وظائف ويقومون به من اعمال!وارتباط ذلك بالقيم والاخلاق والانسجام معها والانفراط منها في معظم صور ممارسة المسؤوليات والوظائف والاعمال.. بل وفي طرق واساليب عيش الحياة. وكأن لا عاصم من الضياع والانخراط في الفوضى في مرأى يتكرر كل يوم هنا وهناك بالنسبة للأفراد والمجتمعات كما هو حال الامة في اكثر من قطر عربي واللامبالاة.. والتسيب والانفلات ورفض الانضباط، وقلة الحياء، وكل ما صار يتورط فيه البشر والاخوة فيما بينهم لا أتحدث عن اعمال التخريب والغدر والإرهاب فلها مجال آخر غير أن ما اتحدث عنه لا يختلف عن ذلك في الآثار المدمرة التي يسببها للمجتمعات وفي عمق حياة الناس. وكما لا يحدث في الغابات! لقد «اعتجنت» المجتمعات في تلك الأقطار البائسة وبلادنا خاصة بكل ما يغاير طبيعتها الانسانية واهتزت شخصية الدولة والسلطات فيها وغدت كان لا سطوة لها، ولا تأثير ولا هيبة فقد تضاءلت وضاعت وظائفها.. كما ضاع الانسان، وتميع المجتمع وقامت قيامة الاخلاق والالتزام بالنظام وحسن التعامل والإحترام! هذا المدون اعلاه هو نوع من الكوابيس الكلامية لا صلة له بأي واقع، إنما هو مستحيل لاحتمالات المخاطر التي قد توصل أية دولة أو أي مجتمع كما تسوق اليه الفوضى الهدامة.. حتى يتأتى بعد ذلك البناء من الصفر او على الانقاض، كما كانت تنظر لذلك النظريات المتطرفة تطلعاً لإقامة مجتمع شوعي أو مجتمع يكتفي بذاته.. حسب الناس فيه أن يتعاطوا الحق فيما بينهم.. فلا يحتاجون الى انظمة، أو دولة أو اية اشارات او ادلة أو خارطة طريق؟! هذا الاندفاع في الكتابة الهذيانية انما تخاطب كل من لم يدرك العلاقة السببية بين الوجود والعدم وتحمل الامانة وبين الانسان وقيام المجتمعات وملاحقتها عن فطرة كامنة وقصد حتمي لقدر الوجود ومصارعة الفناء، ومداوات علل الموت.. كما بين الماء واليابسة وعمارة الدنيا.. وبين البحر والغرق والمحيطات وقصة التواصل بين اهل الارض وحب الوطن والبقاء والاستماتة فيه وجوهر الانتماء للامة وتحبير احلام صمودها ومجدها وبين العقل ولجية اللامرئي وتقلب المشهود في احوال متعددة. وبين الوصول وما تلقفه الهاوية وبين علامة التعجب والدهشة المصلوبة في اندياح الاسئلة المتغابية -كما افعل الآن- والمخاطر السهلة الذكية التي تحاول التهامنا من كل الجهات وبينها كلها وبين ربطة الحذاء وربطة العنق وحبل المنشقة وحبل الغسيل والحبل الكاذب، والعري والهندام والتعرية والكساء السابغ.. والمتزين بكامل بريقه والوانه والاشعث الاغبر «ونادش القعشتين» وبين اريكة الشهوة وعدالة القوة وبين السلطة والصولجان وسديم الطغيان، والنوم العميق واذان الديك.. والعافية، وباقة الادواء التي تجلد الحيوان وبين الراية التي تعلو الناصية.. والسلالم التي يصعد عليها الشهداء.. والارتهان للسقوط والاحتضار.. واشارات الانبعاث الحضاري وجنون الغربة وعمق الولاء الوطني.. واحتمالات السير على الصراط وعبور البرزخ، الخ.. فقد كتبت ما يكفي لينفر القارئ من الإطلاع والمتابعة! غير أن المهم في هذه اللحظة في نظري هو في عبور برزخ التسوية السياسية هذا الذي نقف امامه، ونترقب بأمل كبير مخرجاته عبر غربال الحوار المتواصل والذي لا بد له أن يصف الدواء الناجح لكل ما نعانيه بعد أن يعالج جراحاته ويصفى كل الادواء وصور الشطط الناشزة التي يتورط فيها القلة المشوهة للسمعة والطبخة في الحضور البهي للحخرية وقيم الاخاء والمحبة والعقلانية في عمق المؤتمر مثلما تفعل المصالحة ومثلما يعمل العصف الفكري بالنسبة للخلافات واستهداف النهوض للمجتمع بالرغم من انه لا علاقة على الاطلاق بين العقل المتشنج والمجتمع المريض والفرد المتهور والدولة المتعثرة ولكن هل هناك علاقة بين جلد الذات وسلخها والثقة بالنفس ؟ أو بين السخرية والأمل العظيم؟ الذي أعرفه جيداً هو العلاقة الوطيدة بين املاء ضمير الشعب ومخرجات مؤتمر.. الحوار الوطني الشامل! [email protected]