كلمة الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية إلى أبناء شعبنا اليمني في الداخل والخارج بحلول الشهر الفضيل رمضان المبارك استلهمت من روحانية ونورانية هذه الفريضة التعبدية دلالات معانيها ومضامينها التي جسدت ما يجب على أبناء الوطن القيام به، وبذل الجهود المخلصة والمتفانية في سبيل إنجاز متطلبات استحقاقات هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها بلادنا، والتي كما قال رئيس الجمهورية تستدعي ترسيخ فضائل الحوار والتفاهم وتجاوز الأخطاء والسلبيات.. مجدداً دعوته للجميع تغليب مصالح الوطن العليا، وتقديم التنازلات من أجل الحاضر ومستقبل الأجيال القادمة.. في هذا السياق لم يعد اليوم بمقدور أياً كان العودة إلى الخلف لأن عجلة التغيير قد دارت، وليس أمامنا إلا التسريع بها إلى الأمام في بلوغ الغايات المعبرة عن آمال وتطلعات شباب اليمن الذين خرجوا بثورة شبابية سلمية ينشدون وطناً جديداً خالياً من كل رواسب وتراكمات الماضي التي لا مصلحة لأحد من اجترارها وهذا يستوجب التسامي عن الصغائر وسفاسف الأمور والارتقاء إلى مستوى المسؤولية التاريخية التي تستوجب من الجميع مواطنين وأحزاباً وتنظيمات سياسية ونخباً اجتماعية اقتصادية وثقافية وإعلامية وجميعها ممثلة في مؤتمر الحوار الوطني الذي في بوتقته تنصهر كل الرؤى والتصورات والأفكار التي ينبغي أن تصب في مسارات التوافق والاتفاق المنتج لتعايش وشراكة حقيقية في السلطة والثروة تنتهي معها كل أشكال الهيمنة والاستحواذ والإقصاء والتهميش والظلم والفساد.. فالأمس ولّى إلى غير رجعة، وعلى الكل أن يدرك أننا أبناء اليوم والغد ومن لم يستوعب هذا يضع نفسه في طريق الغضب الشعبي الجارف ناهيك عن أن المضي في مسار إنجاح التسوية السياسية للمبادرة الخليجية وفي مرتكزها المحوري الحوار الوطني الذي فيه مصلحة لكافة الأطراف بصفة خاصة وللشعب اليمني بصفة عامة، لاسيما وقد تمكن المتحاورون بكافة مكوناتهم من تحقيق نجاحات تجلت في الجلسة العامة وبيانها الختامي الذي وضع الأسس والمرتكزات لعقد اجتماعي جديد يبنى عليه نظام سياسي جديد يجسد حقيقة إرادة اليمنيين في بناء الدولة المدنية المؤسسية الديمقراطية الحديثة الموحدة الآمنة المستقرة القوية المزدهرة.. لقد برهن الشعب اليمني بعد اجتيازه الكثير من الصعاب والمعضلات والتحديات أنه بصدد تقديم تجربة نموذجية في كيفية التعاطي مع قضاياه ومشاكله وإيجاد الحلول والمعالجات عبر الحوار والتفاهم الذي بات مدركاً أنه الخيار الوحيد الذي أمامنا كونه المنطق التوافقي الذي يحظى بثقة وتأييد أبناء اليمن وبدعم الأشقاء والأصدقاء في مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي ليقدم في ظل المتغيرات العاصفة في المنطقة العربية نموذجاً يحتذى به وإطاراً تلتقي عنده كل الأطياف السياسية بروح تسامحية وبقناعة راسخة مؤمنة بالتعايش وبالقبول بالآخر.. والالتقاء عند مصفوفة وطنية للتوافق الوطني ولا سبيل لأي كان ولا لأي تيار سياسي مهما كان حجمه أن يتجاوز الخطوط العريضة المتفق عليها في بناء هذا التوافق الوطني والتجارب السابقة شاهدة على ذلك.. ولذا يتوجب أن يتوثق الرؤية المؤكدة أن منطق القوة والاستحواذ والسيطرة القائمة على نفوذ طرف أو أطراف قبلية أو طائفية أو مناطقية أو مذهبية أو حزبية يجب أن ترمى وراء ظهورنا بعد أن صار واضحاً أن اليمن والوطن العربي والعالم يقفون على أعتاب فترة تاريخية تقتضي تغليب التوافق بين أبناء اليمن من موقع الوعي العميق بأنه وطننا جميعاً الذي علينا أن نُعلي فيه قيم المحبة والتسامح بدلاً من اجترار أغلال الأحقاد والضغائن وثقافة الكراهية والعنف والارهاب.. هنا علينا أن نجعل من فريضة الصيام التعبدية في هذا الشهر الكريم مناسبة لمراجعة النفس وتطهير الضمائر من أدرانها الأمارة بالسوء من خلال رحلة تأملية إيمانية نعيشها في ليالي هذا الشهر الفضيل.. شهر العمل الصالح والخير والنافع لنا ولوطننا وأمتنا.