في هذا الشتاء اليمني المتجمد في طقسه.. الملتهب في أحداثه وجرائمه.. تحتار ويحتار دليلك وأنت تسأل.. ما الذي يحدث لأبو يمن؟ هل هو فيروس أم لعنة؟ أين ذهب الإيمان.. ولماذا توارى الفقة ومن الذي اغتال الحكمة..؟ لا أريد أن أعبر عن الوجع الذي أصاب اليمن بجريمة مجمع وزارة الدفاع بالسرد الممل.. فلقد صارت أي إضافة مجرد طحن للطحين وتكرار لذات الأوجاع التي تضرب اليمن وأهله صباح مساء.. لم يعد مهماً الحديث عن مسلسل العنف إلا من باب التأكيد على أن توضيح الواضحات من الفاضحات. في ضوء الاستهلال السابق لن أعيد في التفاصيل ولن آزيد استعراض الأوجاع.. ذلك لأن ما نحتاجه اليوم ليس المزيد من الغرق في الماضي القريب والآلام الأقرب إلا من باب الكلام العام الذي يترك صراع ديكة الأمس البعيد وصراع ثيران أمس القريب فهل من سبيل إلى مغادرة نحو المنطلقات.. وإلى المستقبل الذي يبدأ الآن..؟ ويا ألطاف الله.. ما الذي يحدث أمامنا..؟ هذا يريد إثبات أنه متشبع بثقافة السلطة ولا يريد الإجابة على السؤال.. ما هي السلطة الآن.. وذاك يريد إثبات تشبعه بروح المعارضة لكنه لا يعرف ما الذي بقي من مفردة المعارضة.. والحصيلة هي هذا المشهد السريالي الغارق في العبث والدم واستدعاء الأحقاد.. يسمع المواطن جعجعة مساع للبناء لكنه لا يرى طحينا وإنما رتلا كبيرا من التكاذب فهل أذكركم بما هو التكاذب.. تكذب علي وأكذب عليك ويعرف كلانا آننا نكذب على بعض ومع ذلك نتعايش في فندق النجوم الخمس ونتأمر على بعض فيدخل الشياطين وترتفع أعمدة الدخان من بقع النار والأشلاء..!! وأم الكوارث أنه حتى من يمثل دور الضحية صار جاهزا وفوراً لتمثيل دور الجلاد وهذا ما يفسر ثورات الشك بالأخ الآخر.. بدليل السعي إلى الحوار وفي نفس الوقت الغرق في شرانق البحث عن الضمانات . . مع أن الضمانات ليست سوى دستور نافذ وقوانين لا توضع في الأدراج وانتخابات نزيهه وشفافه. والغريب.. بل المستعصي على التفسير أننا حولنا الديمقراطية إلى ثنائية من المأساة والملهاة.. فضلاً عن "لوغاريتمات" يحتار لها كل أساطين الرياضيات.. فلقد اشترك في اللعبة الديمقراطية ودسائسها وفوضاها الجميع حتى من يحرمون قواعدها. اشترك في العابها الاغنياء والنازحون والمرحلون وهوامير الفساد وحتى من يعيشون تحت خط الفقر.. لكن الجميع نسوا أنها ليست سوى وسيلة للحياة وليست ابداً طريقاً للفوضى والهدم. ثم أن القوى السياسية والجهوية الحاكمة والمعارضة والمتشاركة والمتحالفة والنص نص تبدو بوجوه متعددة.. متداخلة .. متباينة.. ومتنافرة.. في عملية يمكن وصفها هندسيا بالوجوه الآدمية المكعبة..!! إذا راودكم الاحساس بأن في الأمر مبالغة أو تهويلا أو مسرحة للموقف المهني فما بالنا تائهون في حضرة سوق الصراع السياسي وصراع المواجهات في أكثر من جبهة..؟ ما لنا نتواطأ مع ارتفاع منسوب الدم وأعمال التفجير الفاجر ومخططات القتل الغادر..؟ مالنا نشكو من فساد الحكومة وعجزها وهشاشتها ثم نختلف على وسيلة مواجهة هذا العجز وهذا الشلل بتداعياته وانعكاساته التي تهدد بالوصول إلى كل بيت. وما للحكومة عندما نذهب إليها للشكوى من أورام في أصابع ايدينا تتسارع إلى وضع الجبس على أقدامنا حتى تتجمد ونقف من مسؤولياتنا موقف النعامة التي ليست طيراً وليست جملاً. وعلى طريقة معلقي لعبة الملاكمة لماذا لا تقول لي واقول لك.. يا إلهي .. لقد ورطت نفسك في واقع صرنا فيه مشدودين أما إلى حزب أو إلى شيخ أو إلى شخص .. ولا سبيل إلى مسؤولين خالين من الرسم الحزبي بما فيه من التأثير على الأعضاء الحيوية والميتة في الجسم. أعرف أن منكم من سيقول: لقد أصابنا الملل من واقع محبط ومواقف كلامية أكثر إحباطاً ولكن لا بأس من أن أصارحكم بأمنية لعلها تأتي في صورة معجزة. كم أتمنى آن يصير لليمن جهاز يضبط العبث في صورة بقرة كبيرة تسقط فوق رأس كل مخرب وفاسد وقاتل فتسويه بالأرض..!! ومن يدري...؟ عند الله كل خير..