ثورة ال14 من أكتوبر الخالدة التي احتفل شعبنا بمباهج عيدها ال51 يوم أمس الأول الثلاثاء جسدت في معاني ومضامين مبادئها وأهدافها الروح النضالية الوطنية اليمنية التواقة إلى الخلاص النهائي من جبروت مستعمر غاصب أراد تأبيد احتلاله عبر العصف والقهر والضيم والاعتماد في هيمنته على سياسة- فرق تسد- وهي سياسة ان لها بإطلاق شرارتها الذئاب الحمر من قمم ردفان الشماء ملهبةً تحت أقدام المستعمر البريطاني براكين الغضب ضد الغزاة لم يخمد لهيبها إلا رحيل آخر جندي له وإعلان الاستقلال الكامل والناجز في ال30 من نوفمبر 1967م الذي لم يقبل الثوار أية مساومة عليه أو انتقاصاً منه..فكانت ثورة ال14 من أكتوبر واحدة من أعظم الثورات العربية والعالمية التحررية ذات البعد الوطني الإنساني المعبر عن عظمة شعبنا اليمني وتاريخه الحضاري العريق وها هي أفراحنا بمرور 5عقود على قيامها يؤكد حقيقة ان أولئك الأبطال الذين قدموا أرواحهم في سبيل حرية واستقلال وطنهم ستبقى حية في ذاكرة اليمنيين تتناقل الأجيال سيرة مآثر شجاعتهم وتضحياتهم التي أنهت سنوات طوال جثم فيها الاستعمار على أجساد وعقول شعباً لم يهدأ ولم يستكين له طوال 129عاماً رغم خبثه ودهائه المتجلي في أقبح صوره بتمزيق الوطن الأرض والإنسان إلى مشيخيات وسلطنات وإمارات قزمية متناحرة.. استطاع ثوار 14أكتوبر بإيمانهم الوطني اليمني والعربي توحيدها على طريق استعادة وحدة الوطن والأمة العربية كلها وهم بهذا الإيمان الذي لا يتزعزع واجهوا وانتصروا على أعتى وأقوى آلة عسكرية لإمبراطورية استعمارية كانت لا تغيب عنها الشمس رغم عتادهم وإمكانياتهم المتواضعة لتكون هزيمتهم لهذا المستعمر معجزة حقيقية مبرهنين بشكل قاطع أن إرادة الشعوب أقوى من كل التحديات والأخطار وهذا هو المضمون الذي عبر عنه في حديثه بهذه المناسبة الأخ الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي قائلاً: إن إرادة شعبنا أقوى من كل التحديات وأمضى من كل وسائل البطش والقهر والتغييب والتآمر الذي استمرت الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر تتعرض له بعد انتصارها ليمر بمراحل ومنعطفات تاريخية تمكن بوعيه وحكمته من تجاوزها، وبتجاوزها اليوم ليمضي صوب الغايات التي تطلع إليها اليمنيون وهم يناضلون في سبيل الحرية والاستقلال والوحدة والعدالة والمساواة.. إن الأهمية التي يكتسبها احتفالنا بأعياد الثورة اليمنية ليست تغني بالمناسبة بحد ذاتها فحسب, ولكن بما حملوه مناضليها من روح وإرادة وإيمان ملهمة لنا اليوم لإيجاد الحلول الخلاقة لقضايانا بمصاعبها وتعقيداتها غير المسبوقة.. وفي هذا السياق يأتي النجاح الذي حققناه في توافقنا واتفاقنا المعبر عنها في مخرجات مؤتمر حوارنا الوطني وفي اتفاق السلم والشراكة واللذان بتنفيذهما وتطبيقهما يمكننا ليس فقط الخروج من الظروف والأوضاع الناتجة عن أحداث السنوات الأخيرة بل وكل الأخطاء التي رافقت مسارات الثورة والوحدة اليمنية بالانطلاق نحو بناء يمن جديد ودولة مدنية اتحادية ديمقراطية حديثة تتحقق في ظلها طموحات شعبنا في أن يعيشوا أعزاء كرماء أحرار في وطنٍ متقدم ومزدهر يتسع لكل أبنائه.. وهذا هو ما ثار وضحى واستشهد من أجله أنبل وأشرف وأطهر أبناء اليمن قبل خمسة عقود ليحرروا ويخلصوا وطنهم وشعبهم من الظلم والقهر والطغيان والتخلف والفرقة والتمزق والفساد والإقصاء والتهميش ليكونوا جميعاً مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات أمام دولة القانون والحكم الرشيد.