أحمد الزبيري الوضع الداخلي اليمني السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي محتقن ومنسد ولا يمكن الانفكاك منه الا بالانخراط الجدي والصادق في التسوية السياسية التي لا تتحقق الا بتنفيذ وثيقة مؤتمر الحوار الوطني والتسريع من انجاز مشروع الدستور ليناقشه اليمنيون بكل فئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية الفكرية الثقافية بصورة مباشرة وعبر وسائل الاعلام ومن ثم استيعاب اية اطروحات او ملاحظات في مواده وبنوده ثم الاستفتاء عليه ليصبح عقداً اجتماعياً ناظماً للعلاقة بين مكونات الوجود الوطني للشعب وكيانه السياسي الجديد المجسد في الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية الحديثة. ولتحقيق هذه الغاية يتوجب على الأطراف المراهنة على خيارات أخرى ان تدرك ان الاستمرار في أعمال العنف والإرهاب و السجالات السياسية والمزايدات والمناكفات والمماحكات الإعلامية والتي كلها لا يمكن فهمها والتعاطي معها خارج سياقات تصفية الحسابات فيما بين القوى القديمة التي عملت وتعمل جاهدةً للإبقاء على نفوذها وهيمنتها على المشهد السياسي وكذلك مع الأطراف الجديدة سواءً المحسوبة على المجتمع المدني او تلك المسلحة التي انبثقت من دوامة عواصف الأزمات ومدارات الصراعات والحروب العبثية والفساد وما تخلق في رحم كل ذلك من ثقافة التطرف والكراهية والحقد على الأخر الى حد العمل على إقصائه وتهميشه وتصفيته لينبثق منها تفكيراً تخريبي تدميري انقسامي إرهابي عدمي تعبيرات مظاهره الشنيعة والبشعة تتجلى في سفك الدماء والقتل اليومي لليمنيين وتعكير حياتهم المتعبة اصلاً بأوضاع وظروف معيشية وخدماتية لا يمكن ان يتحمل صعوبتها الا شعباً صبوراً سباقاً في فهمه الواعي للتحديات والمخاطر التي يمكن ان ينزلق إليه وطنهم من القوى السياسية ونخبها الفكرية والثقافية والإعلامية التي أثبتت أنانيتها وضيق افقها وحماقتها الى حد التعارض مع مصالحها التي لا يمكن فصلها عن مصالح اليمنيين لكنها عاجزة عن إدراك حقائق الواقع المزري الذي أوصلتنا إليه ولا مخرج منه الا مرة اخرى نقول بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وانجاز الدستور الذي على أساسه سوف نحقق الانتقال الى مرحلة وطنية يمنية مغايره لما كنا عليه ولما هو كائن اليوم. ان الفرصة الداخلية ما زالت مواتية رغم كل ما حصل لتجاوز ما نحن فيه .. وكذلك الأوضاع الإقليمية والدولية ما زالت ايضا في صالح إنجاح الحلول والمعالجات السياسية التي توافق واتفق عليها اليمنيون لكن هذا لن يستمر طويلاً فالأحداث التي تشهدها المنطقة تمضي في مسارات جلاتينية رجراجة والمواقف الدولية الفاعلة تتجه الى مزيد من التباعد والتعارض بشكل مضطرد وهذا ما نلمسه في الصدام الدبلوماسي المتصاعد الذي نخشى في لحظة معينة ان ينعكس على اليمن وتصبح الأطراف الداخلية موضوعياً جزءاً من استقطابات هذا الوضع فتفلت من ايدينا امكانية اخراج وطننا الى بر الامان.. ولهذا ينبغي على من ما زالوا يصرون على " اما نحن او الطوفان" ان يراجعوا حساباتهم ويحكمون عقولهم ليروا ان الخيار الصائب لهم وللبلاد والعباد في تطبيق اتفاق السلم والشراكة ودعم الحكومة المنبثقة منه ولجنة اعداد الدستور لتتمكن من استكمال مهام عملها على النحو الذي يلبي تطلعات شعبنا في بناء دولة اتحادية مدنية واستعادة الامن والاستقرار المبني على العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية.