اليمنيون جميعاً- وفي طليعتهم القوى السياسية- مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى استحضار حكمتهم وتغليب مصلحة وطنهم ووحدته وأمنه واستقراره, وهو ما يتطلب منهم الرهان على إرادتهم الحرة المستمدة من تطلعات شعبهم التواق إلى إخراجه من أزماته التي راكمتها أخطاء وخطايا عقود من الزمن ونتجت عن عوامل داخلية وخارجية تجاوزها يقتضي وعياً وطنياً صادقاً وحقيقياً مستوعباً لما ينبغي القيام به, بعيداً عن أية استقطابات أو تأثيرات إقليمية ودولية أكثر ما تتجلى في خطاب الشحن الإعلامي باتجاه الفتنة وإثارة الضغائن والأحقاد وبث ثقافة الكراهية من خلال إثارة النزعات الضيقة- الجهوية والمناطقية والطائفية والمذهبية- على ذلك النحو الذي نشاهده ونقرأه في بعض الفضائيات ووسائل الإعلام العالمية.. وهنا لابد من التذكير بمصائر من سبقونا من الدول والشعوب العربية التي زُج بها في أتون لهيب صراعات وحروب عبثية وإرهاب أعمى مدمر يأكل الأخضر واليابس.. ما كان لذلك أن يحيق بها لولا أنها انقادت- بعلم أو بغير علم- لمشاريع الآخرين التي لعب الإعلام دوراً محورياً في تسويق الوهم وتأجيج نيران النعرات وإيقاظ الفتن لتحقيق مآرب لا علاقة لها بيافطات الشعارات البراقة والزائفة المعلنة في وسائل إعلام تلك الأطراف التي يجب أن نحذر أبواقها التي تسعى إلى تمزيق اليمن الوطن والشعب إلى كيانات متناحرة.. آخذين العبرة ومستوعبين الدرس للنجاة من إشراك المؤامرات التي تحاك لشعبنا الحضاري العريق والعظيم.. بعد هذا كله وقبله لا خيار أمامنا إلا التلاقي والتفاهم والاتفاق كيمنيين على طاولة الحوار منطلقين من قناعة راسخة ان مصير وطننا بأيدينا نحن وليس بيد الآخرين, وأن نبني مسارنا في هذا الاتجاه على ما انجزناه من اتفاقات في إطار المراحل السابقة للتسوية السياسية وأهمها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة باعتبارهما المخرج الذي يشكل السياق الصائب والصحيح, إن أردنا فعلاً يمناً يتسع لكل أبنائه ينعمون فيه بالأمن والأمان والرقي والتقدم والرفاهية لجيل الحاضر والأجيال القادمة.. بكل تأكيد هذا كله يستوجب استشعاراً عالياً بالمسؤولية لاسيما من القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة التي عليها أن تتخلى عن أنانية مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة.. فلا مصلحة لأي من أبناء هذا الوطن إلا بيمن موحد قوي مزدهر يتسع لهم جميعاً على قاعدة الشراكة والمواطنة المتساوية.