طلبت وزارة الخارجية الأميركية من رعايا الولاياتالمتحدة مغادرة ليبيا "على الفور" بسبب الوضع "الطارئ وغير المستقر" الذي يخيم على البلاد، وذلك بعد ساعات من تهديد جماعة أنصار الشريعة لأميركا إذا تدخلت في الأزمة الليبية واتهامها بدعم حفتر. وقالت الوزارة في تحذير جديد بشأن السفر صدر في مذكرة يوم الثلاثاء "تحذر وزارة الخارجية المواطنين الأميركيين من السفر مطلقا إلى ليبيا وتوصي المواطنين الأميركيين الموجودين حاليا في ليبيا بالرحيل على الفور". وجاء في المذكرة أنه بسبب "المشاكل الأمنية" التي تشهدها ليبيا، لم يعد لوزارة الخارجية سوى طاقم محدود في السفارة بالعاصمة الليبية طرابلس، وليس لها سوى وسائل محدودة جدا لنجدة المواطنين الأميركيين في ليبيا، وحذرت المواطنين الأميركيين من السفر إلى ليبيا. وكان التحذير الأميركي السابق بشأن السفر إلى ليبيا صدر في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث نُصح الأميركيون بشدة بألا يسافروا إلى طرابلس إلا في حالة الضرورة وعدم السفر إلى خارج العاصمة الليبية. القنصلية الأميركية في بنغازي بعد تعرضها في 2012 لتفجير قتل فيه السفير وثلاثة من معاونيه (غيتي-أرشيف) ويأتي التحذير الأميركي بعد ساعات من تحذير زعيم جماعة أنصار الشريعة في بنغازي (شرقي ليبيا) محمد الزهاوي الولاياتالمتحدة من التدخل في الأزمة الليبية، علما أن هذه الجماعة تتهم بالوقوف وراء هجمات عدة على مصالح غربية، وخصوصا هجوم 11 سبتمبر/أيلول 2012 على القنصلية الأميركية في بنغازي الذي قتل فيه السفير الأميركي وثلاثة من معاونيه. وتوعد الزهاوي أميركا بأنها ستواجه ما هو أسوأ من الصراعات التي خاضتها في الصومال أو العراق أو أفغانستان. واتهم الزهاوي الإدارة الأميركية بدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كما اتهمها بدفع ليبيا نحو الحرب الأهلية وإراقة الدماء. ودعت الجماعة -التي صنفتها واشنطن بأنها "تنظيم إرهابي"- في بيان بُث عبر قنوات تلفزيونية ليبية إلى عدم الاستماع إلى "من يريدون تقسيمنا"، متهما حفتر بأنه "عميل للمخابرات الأميركية"، وتوعده بالمصير ذاته الذي لقيه الراحل معمر القذافي. وأكد الزهاوي تصميم جماعته و"حلفائها" على "قتال الطاغية حفتر"، متوجها بخطابه خصوصا إلى القبائل الليبية التي دعاها إلى عدم "جرّ أبنائها إلى الفتنة". كما اتهم دولا عربية بالوقوف وراء تحركات حفتر، واتهمه بالسعي فقط إلى السيطرة على السلطة وإعادة الدكتاتورية إلى ليبيا. يذكر أن حفتر قد شنّ في 16 مايو/أيار الجاري حملة عسكرية أطلق عليها "الكرامة" ضد من سماها "مجموعات متطرفة" خصوصا في بنغازي (شرق) واعتبرها "إرهابية". وحذر رئيس الجماعة -التي ظهرت بعد الإطاحة بنظام القذافي- من أن إصرار حفتر "على هذه الحرب القذرة سيفتح أبواب جهنم عليه وعلى المنطقة". تحرك عسكري وفي سياق متصل بالمخاوف الأميركية المتصاعدة من الوضع المتدهور في ليبيا، قررت واشنطن إرسال بارجة هجومية برمائية على متنها ألف جندي من مشاة البحرية (مارينز) إلى السواحل الليبية لتكون على أهبة الاستعداد لإجلاء محتمل لطاقم السفارة الأميركية في طرابلس. وقال مسؤول أميركي في مجال الدفاع لوكالة الصحافة الفرنسية إن البارجة "باتان" ستصل خلال "الأيام القريبة" إلى المنطقة. وأضاف أن الأمر مجرد "إجراء احتياطي" بهدف الاستعداد للإجلاء في حال ازدياد الوضع تدهورا. يأتي ذلك رغم تأكيد الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي أن سفارتها في طرابلس تعمل بشكل "عادي". وعلاوة على ألف جندي من المارينز، تضم البارجة العديد من المروحيات التي من شأنها تسهيل إجلاء الدبلوماسيين، علما أنه لدى الولاياتالمتحدة 250 جنديا من المارينز وسبع طائرات "أوسبراي" وثلاث طائرات تموين في قاعدة سيغونيلا بجزيرة صقلية الإيطالية، للمساعدة في إجلاء محتمل. وفي سياق متصل، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن قوات العمليات الخاصة الأميركية تشكل وحدات ذات كفاءة عالية لمكافحة ما سمته "الإرهاب" في ليبيا والنيجر وموريتانيا ومالي. ونقلت الصحيفة في تقرير على موقعها الإلكتروني عن مسؤولين أميركيين قولهم إن هذه القوات تشكل أهمية كبرى في الحرب الموسعة على العناصر التابعة لتنظيم القاعدة بالقارة الأفريقية. وأشارت إلى أن البرنامج السري الذي موّلت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) جزءا منه، ينفذه مدربون من القوات الأميركية الخاصة لسلاح المشاة وما تعرف ب"قوة دلتا". وبدأ المشروع العام الماضي لتدريب وتجهيز مئات من أفراد قوات "الكوماندوز" اختيروا بعناية في ليبيا والنيجر وموريتانيا ومالي.