تستضيف العاصمة الفرنسية باريس اليوم مؤتمر «السلام والأمن في العراق»، لبحث التدابير الواجب اتباعها لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ويعقد المؤتمر بحضور وزراء من (30) دولة أولهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصل باري قادما من الشرق الأوسط بعد أن أنهى جولته على دول المنطقة لحشد دعمهم للحرب على «داعش». كما يحضر وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو». ويناقش المجتمعون وضع آليات عمل التحالف الدولي الذي تعمل واشنطن على بنائه لمواجهة داعش. وكذلك كيفية تجفيف الموارد المالية للتنظيم، وأمن الحدود، والمساعدات الإنسانية التي يجب تقديمها للمدنيين، الذين اضطروا لترك منازلهم، بسبب هجمات التنظيم. وقد اعلن الوزير الأميركي في تصريحات أذيعت أمس إنه «متشجع للغاية» من تعهدات دول من داخل الشرق الأوسط وخارجه بإرسال معونات عسكرية في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. وأضاف في برنامج تذيعه شبكة «سي.بي.إس» إن بعض الدول عرضت إرسال قوات برية لهذا الغرض «ولكننا لا نفكر في ذلك في الوقت الراهن»، ولم يسم هذه الدول. وتابع في المقابلة التي سجلت في مصر مساء أمس الأول ان استراتيجية مكافحة تنظيم «داعش» «ما زالت تتشكل بينما يتشكل التحالف والدول تعلن عما هي مستعدة لفعله». وكان الرئيس الفرنسي «فرنسوا هولاند»، قد صرح خلال زيارته للعراق الجمعة الماضي، بأن المؤتمر يهدف لتنسيق جهود الدول المختلفة، من أجل مكافحة «داعش»، والمحافظة على وحدة أراضي العراق. وأشار الرئيس الأميركي «باراك أوباما» الى أن الدول المشاركة في التحالف، الذي سيشكل ضمن استراتيجية أعلنها لمواجهة تنظيم الدولة، ستشارك في العمليات العسكرية ضد التنظيم. ولعل أستراليا كانت أول المستجيبين، حيث اعلن رئيس وزرائها توني ابوت ان بلاده سترسل 600 عنصر الى الإمارات للانضمام الى التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة لمواجهة تنظيم داعش. ويأتي إعلان أبوت بعد يومين على رفع كانبيرا مستوى التحذير في البلاد من «متوسط» الى «مرتفع» ما يعني ان مخاطر وقوع عمل إرهابي «مرجحة» بدون ان تكون بالضرورة «وشيكة». وجاء ذلك على خلفية القلق من عودة مقاتلين استراليين حاربوا في العراق وسورية. وقال ابوت ان نشر حوالي «400 عنصر من سلاح الجو وحوالي 200 عسكري» يأتي اثر طلب رسمي قدمته واشنطنلاستراليا للمساهمة في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وأضاف ان استراليا: «لا تنشر قوات مقاتلة وانما تساهم في الجهود الدولية الهادفة لمنع تفاقم الأزمة الإنسانية». وتابع أبوت خلال مؤتمر صحافي في داروين «هناك بالتأكيد قرارات أخرى يجب ان تتخذ قبل ان تلتزم القوات الأسترالية بعمليات قتالية في العراق». وقال ان «استراليا مستعدة رغم ذلك للمشاركة في عمليات دولية لإضعاف تنظيم الدولة الإسلامية بسبب التهديد الذي يشكله هذا التنظيم القاتل ليس فقط لشعب العراق أو لشعوب الشرق الأوسط وانما للعالم بأسره بما يشمل استراليا». وستشمل القوات الأسترالية المتجهة الى الإمارات للانطلاق في عمليات عسكرية في المنطقة، 8 مقاتلات «راف» و«اف/ايه 18» وطائرة إنذار مبكر ومراقبة «ايربورن» وطائرة «كي سي-30 ايه» لنقل الدبابات والجنود. وأضاف رئيس الوزراء الأسترالي في بيان ان قوات الدفاع تستعد ايضا لإرسال مستشارين عسكريين لمساعدة قوات عراقية وقوات أمنية أخرى تحارب تنظيم الدولة الإسلامية. وأكد أبوت ان نشر هذه القوات يركز على العراق وليس سورية. وقال «في هذه المرحلة، أستراليا لا تنوي القيام بتحركات في سورية». وأوضح «من الجلي ان قانونية العمل في العراق بموافقة وترحيب الحكومة العراقية مختلفة تماما عن قانونية العمل في سورية، التي لديها حكومة لا تعترف استراليا بشرعيتها». وأضاف رئيس الوزراء الأسترالي انه إذا بدأت العمليات هناك فإنها قد تستغرق «أشهر وليس أسابيع، وأشهر كثيرة بالتأكيد». ونال هذا القرار دعم زعيم المعارضة العمالية بيل شورتن الذي قال في بيان انه يشعر «بالاطمئنان لان الدعم الذي نقدمه يتم بطلب وبتنسيق كامل مع الحكومة العراقية». لكن السيناتور عن الخضر سكوت لودلام حذر قبل إعلان ابوت من ان التدخل الأسترالي بشكل أكبر في الشرق الأوسط يمكن ان يزيد احتمال حصول هجمات إرهابية داخل البلاد. كما ان جون بلاكسلاند الخبير العسكري في مركز الدراسات الإستراتيجية والدفاع في جامعة استراليا الوطنية حذر من ان البلاد «تلزم قسما كبيرا من قوات الدفاع» في هذا التحالف وانه «لم يتم التفكير في تداعيات ذلك في الشرق الأوسط وفي منطقتنا وكذلك داخليا».