اختتم الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني العراقي أعماله، مساء اليوم الاثنين، بعد ثلاثة أيام من المناقشات بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة. وتم التوصل من قبل الأطراف المختلفة على اتفاق بشأن مشروع البيان الختامي الذي فرق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للمحتل. وخلال الجلسة الأخيرة ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، كلمة، أشاد فيها بالمناقشات الجادة التي سادت الاجتماعات وبالتوصل إلى توافق بشأن كثير من الأمور. كما تليت في الجلسة رسالة بعث بها رئيس إقليم كردستان العراق "مسعود البارزاني" للاجتماع أكد فيها تشبثه بخيار المصالحة، إلا أنه شدد على ما أسماه الخيار الديمقراطي الفدرالي. كما استمع المشاركون أيضا لرسالة بعثها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أشاد فيها بالاجتماع. وقد اتفق المشاركون الذين يمثلون الأطياف العراقية المختلفة فضلا عن ممثلين عن دول عربية وأجنبية والأمم المتحدة على تشكيل لجنتين إحداهما لبناء الثقة بين الأطياف العراقية المختلفة. كما تم الاتفاق على تشكيل ما يسمى" لجنة المتابعة والإعداد بالتعاون مع الجامعة العربية والأمم المتحدة للإعداد لمؤتمر الوفاق العراقي. وتم الاتفاق على عقد المؤتمر في العاصمة العراقية بغداد في آخر شهر فبراير أو أول مارس القادم. وتلا عمرو موسى البيان الختامي الذي تم التوصل إليه خلال الاجتماع، وفيه أكد المشاركون على تطلع الشعب العراقي إلى خروج قوات الاحتلال الأجنبية. ويقر البيان المكون من خمس صفحات بالمقاومة كحق مشروع فيما ينبذ ما يسمى بالإرهاب، ويفرق بينه وبين المقاومة، ويدعو لإدانة أعمال العنف التي تستهدف العراقيين ودور العبادة. كما ينص على جدولة الانسحاب الأجنبي من العراق بالتزامن مع بناء قدرات القوات العراقية. ويدعو البيان للإفراج عن المعتقلين الأبرياء، والتحقيق في ممارسات التعذيب، ويحث الدول العربية على التعاون مع العراق أمنياً ودبلوماسياً. كما يتضمن البيان الختامي جدول أعمال مؤتمر الوفاق الوطني، ومعايير المشاركة، وإجرءات بناء الثقة اللازمة لتهيئة الأجواء لنجاحه. وحسب البيان فإن "توسيع العملية السياسية" هي النقطة الأولى على مشروع جدول أعمال مؤتمر الوفاق، الذي يتضمن نقاطاً أخرى منها علاقة العملية السياسية بما يعاني منه العراق أمنياً وسياسياً واقتصادياً. كما يتضمن الجدول الوضع الأمني، والعلاقة مع دول الجوار، والمساواة في المواطنة بين العراقيين، ومجالات الدعم المطلوب لإنجاح عملية الوفاق في العراق. من جهة أخرى يحدد البيان معايير المشاركة في مؤتمر الوفاق الوطني، وهي التمثيل الموسع والمتوازن لمختلف مكونات الشعب العراقي ومؤسسات المجتمع المدني، والالتزام بالحوار والنهج الديمقراطي ونبذ العنف، إضافة إلى الالتزام بالسعي نحو تحقيق أهداف العملية السياسية والالتزام بأمن العراق واحترام وحدته. وقد أعرب الأمين العام لهيئة علماء المسلمين حارث الضاري عن تحفظه على بعض النقاط لكنه أكد التزامه بالبيان الختامي. وقد تم تشكيل لجان مصغرة لمتابعة أعمال التحضير لمؤتمر الوفاق العراقي الذي اتفق المشاركون على عقده نهاية فبراير أو مطلع مارس المقبلين في العاصمة العراقية. وقد تميز الاجتماع التحضيري بإجراء أول لقاء بين رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري وحارث الضاري أمس الأحد. وقد جرى اللقاء بمساعي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وتركز على موضوع عمليات التعذيب التي تتهم بها وزارة الداخلية. وقد وعد الجعفري بتشكيل لجنة مشتركة من الحكومة والهيئة للتحقق من الموضوع. إثر ذلك اللقاء صرح الجعفري بأن تقدماً كبيراً تحقق في الاجتماعات التحضيرية، وبأن مسلسل الحوار والمصالحة بين العراقيين قد أخذ مساره. كما تميز الاجتماع بعرض الرئيس العراقي جلال الطالباني لقاء ممثلين عن المقاومة العراقية إذا رغبوا في ذلك. وقد رحبت هيئة علماء المسلمين بمبادرة الرئس الطالباني. وفي سياق متصل قالت جماعات مقاومة في العراق : إن المصالحة التي تجرى بين الأقطاب السياسية، أمر لا يعنيها من قريب ولا بعيد. وذكرت الجماعات في بيان لها على الإنترنت : "أن ما يعانيه العراق من استقطاب طائفي وعرقي وتدهور أمني سببه الاحتلال وعملاؤه، وإن معالجة الوضع تبدأ بخروج قوات الاحتلال". كما طالبت في البيان بحل المليشيات المسلحة، وتشكيل قوات الجيش والشرطة، على أساس وطني ومهني، وأن لا تكون في موقف المدافع عن المحتل. وأكدت رفضها للدستور العراقي بصيغته الحالية وتعهدت بمواصلة عملياتها العسكرية. وجاءت أهم النقاط التي تم الاتفاق عليها وورد ذكرها في البيان الختامي كالتالي : -إدانة ممارسات النظام السابق في العراق. -الترحيب بمبادرة الجامعة العربية لعقد مؤتمر الوفاق العراقي والعمل على إنجاحه. -الالتزام بوحدة العراق وحريته واستقلاله وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. -تطلع الشعب العراقي لخروج القوات الأجنبية وبناء الجيش العراقي وإنهاء الإرهاب. -المقاومة حق مشروع للشعوب كافة لا جدال فيه. أما الإرهاب( بما في ذلك القتل والخطف والتعرض للمؤسسات الرسمية ودور العبادة والمواطنين المدنيين) فإنه لا يمثل مقاومة مشروعة. -إدانة التكفير للشعب العراقي لأنه يتعارض مع تعاليم دين الإسلام الحنيف. -الدعوة للإفراج عن كافة السجناء الأبرياء ومحاسبة المقصرين ومنتهكي الحقوق. -المطالبة بجدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية يتوافق مع بناء القوات العراقية. -احترام مواقف جميع الأطياف في الشعب العراقي والمشاركة الكبيرة في الاقتراع القادم واحترام رأي الشعب والعراق الاتحادي. كما نص البيان على نقاط مطلوبة من الدول العربية المجاورة تتلخص في: -التعجيل بإلغاء الديون العراقية أو خفضها. -المساهمة في تدريب القوات العراقية. -تقديم المساعدات للعراق. -المساعدة في ضبط الحدود ومنع المتسللين من الدخول إلى العراق. أما مؤتمر الوفاق الذي سيعقد في بغداد فتم الاتفاق على أن يشمل جدول أعماله توسيع العملية السياسية لتشمل جميع القوى فضلا عن وحدة العراق واستقلاله وسيادته والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين ومسألة الديون وإعادة إعمار العراق إلى جانب احترام وجهات النظر المختلفة. وطالب البيان الختامي أيضا بالابتعاد عن تبادل الاتهامات بين الأطراف العراقية المختلفة، وعدم استغلال المنابر الدينية لهذه الغاية وضرورة مراجعة وضع كافة المعتقلين والافراج عمن لم تثبت إدانته وعدم اعتقال أي شخص إلا بأمر قضائي. وبعد ختام المؤتمر التحضيري تواترت أنباء أن الشيخ حارث الضاري الأمين العام ل"هيئة علماء المسلمين" قد تحفظ على البيان الختامي، إلا أنه ظهر بصحبة عمرو موسى في المؤتمر الصحفي بعد الختام، وأوضح أنه لا اعتراض له على البيان طالما كان يفضي إلى وضع أفضل في العراق مما هو عليه الآن، لكنه ألمح إلى تحفظ على بعض النقاط الواردة في البيان.