لا يختلف اثنان ان الثورات المنبثقة من معاناة وارادة الشعوب لا تهزم، بل تظل حيةً متوهجةً في ذاكرة الشعوب مدى الزمن.. وكلما تقدم بها العمر ازدادت تجذراً وقوةً وصلابةً.. فالثورة التي تصنع لشعوبها أهدافاً وطنيةً ساميةً، وانجازاتٍ تاريخيةً عظيمة، ومآثر خالدة، ستظل في وجدان وقلوب وعقول ابنائها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. فثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة عام 1963م غيرت مجرى التاريخ في المنطقة العربية، وأحدثت خللاً في موازين القوى العالمية آنذاك، ما ادى إلى احداث شرخٍ عميقٍ في صفوف قوات المستعمر البريطاني.. وهانحن نحتفي اليوم بذكرى أكتوبر المجيدة في عيدها ال55 علينا ان نعود قليلاً الى الوراء- وما اشبه الليلة بالبارحة- ان نستحضر تلك المواقف الدامية، والواقع الأليم الذي عاناه آباؤنا وأجدادنا الأوائل الذين وهبوا ارواحهم ودماءهم الطاهرة الزكية فداءً للوطن ارضاً وانساناً وهويةً.. ان مرور 55 عاماً على ثورة 14 اكتوبر المجيدة، هو في الحقيقة احتفاء بذكرى انطلاق اعظم مواجهة نضالية كفاحية عسكرية خاضها شعب اليمن الأبي ضد المستعمر البريطاني الذي كان ما يسمى «بالامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس».. وكانت مضرب الأمثال في البأس والقوة والجبروت آنذاك.. وذات باع طويل في تاريخ الاستعمار العالمي.. ولكن بفضل الله ثم بفضل الرجال الشرفاء والمقاومة الشعبية من الفصائل والقبائل والضباط الاحرار الذين قاوموا المستعمر البريطاني حتى رحل منكسراً وتحقق النصر والاستقلال.. فالثورة الاكتوبرية الخالدة التي لقنت الاستعمار البريطاني دروساً في التضحية والفداء والوطنية، والوفاء والشرف والشجاعة لم ولن ينساها طوال حياته.. وقد انطلقت الشرارة الاولى للثورة الاكتوبرية من قمم جبال ردفان الشامخة الأبية بقيادة المناضل البطل الجسور الشيخ راجح غالب لبوزة الذي سيظل رمزاً خالداً لهذه الثورة، وفي قلوب كل اليمانيين الاحرار الشرفاء، وايذاناً لانطلاق الاحرار الشرفاء الذين لم يهابوا الموت.. ولم يخافوا المنايا، ولم يثنهم بطش وقمع الاستعمار وجبروته، بل خاضوا غمار المعارك، واشرس المواجهات بصدور عارية.. وهامات شامخة.. فداءً للوطن، ودفاعاً عن سيادته وهويته وأمنه الوطني والقومي.. حيث قدموا انموذجاً وطنياً رائعاً في التضحية والفداء والوفاء.. فكانوا بحقٍ رجال الرجال الذين سطروا مجداً وعزاً وفخراً لوطنهم.. من مفارقات الزمن العربي المخزي من كنا نحسبهم اشقاء وابناء عمومة، اصبحوا بين عشيةٍ وضحاها من ألد الناس عداوةً وكراهيةً وحقداً لليمن ارضاً وانساناً ووحدةً وانتماءً وهوية.. طامعين في ارضنا وثرواتنا وكنوزنا، مستغلين ما يسمى بعاصفة الحزم، والدفاع عن ما يسمى بحكومة الفار هادي.. كلها دعاوٍ زائفة.. ومواقف هلامية لتبرير اجنداتهم واهدافهم التوسعية الاحتلالية.. فالحرب العدوانية الغاشمة التي شنها العدوان الصهيوامريكي- السعودي الاماراتي وحلفاؤه من المرتزقة والعملاء على اليمن بالوكالة هي عبارة عن توزيع ادوار وسيناريوهات مفبركة بين آل سعود وآل نهيان لتمزيق الجسد اليمني، وارجاعه الى عهود المشيخات والدويلات والامارات، والسلطنات المتناحرة في ما بينها.. وخير دليل على ذلك ما تقوم به السعودية والامارات الآن من احتلال للجزر والموانئ والسواحل اليمنية، والمطارات على مرأى ومسمع من العالم، وحكومة ما يسمى بالفار هادي لا تحرك ساكناً، وكان هناك اتفاقاً مستبقاً مبرماً بين جميع الاطراف.. وما وجود مليشيات سعودية- اماراتية في المحافظاتالجنوبية: في عدن، والمهرة، وسقطرى، وشبوة الا خير دليل واضح وساطع على سوء النية المبيتة تجاه اليمن قديماً وحديثاً.. فيا ترى: بعد مرور 55 عاماً من النضال والكفاح، وتقديم قوافل من الشهداء الذين اجبروا بريطانيا العظمى على اتخاذ قرار الانسحاب عن جنوب الوطن في ذلٍ وانكسار وخيبة أمل.. ان يأتي رعاة الأبل والبعير أشقاء الأمس غازين معتدين محتلين اراضي اشقائهم وابناء عمومتهم.. أين هم من مقولة حكيمهم الشيخ زايد: «اليمن مني وانا منها».. اما كان حري بنا اليوم ان نحافظ على هذه المنجزات الشامخة، والمكاسب العظيمة التي تحققت بفضل الله ثم الوفاء من الرجال الشرفاء الذين قدموا دماءهم الزكية لأجل الوطن، وفي سبيل رقيه وازدهاره، وصون اراضيه براً وبحراً وجواً.. فلنواصل مشوار النضال والكفاح ضد كل غازٍ معتدٍ مهما كلفنا ذلك من تضحيات ومهما بلغت الاثمان.. فالثورة مستمرة، وستظل قدر ومصير كل اليمانيين، ولا يمكن لكائن من كان، ومهما كان حجم قوته وعتاده الرجوع بالوطن الى زمن التسلط والتشظي والاستبداد والاستعمار.. وعلى الجميع اليوم من الرجال الشرفاء الاوفياء على اختلاف فصائلهم ومشاربهم واطيافهم السياسية والفكرية والعقدية ان يدركوا خطورة الحرب العبثية على اليمن، وعواقبها الكارثية على المنطقة برمتها.. فالثورة مصانة في حدقات ابناء الوطن، وفي سويداء قلوب الرجال الشرفاء المناضلين المرابطين على قمم ووديان وسهول مناطق اليمن في كل جبهات الشرف والعزة والبطولة الذين يسطرون كل يوم اروع واعظم الملاحم والانتصارات ضد قوى العدوان البربري الغاشم.. اما الذين في عقولهم هوس التملك والتسلط والاحتلال عليهم ان يدركوا ان كل مساعيهم واعمالهم الاجرامية التوسعية الاستعمارية ستبوء بالفشل الذريع، وان الشعب اليمني الجسور البطل قادر على مواجهة كل التحديات والمخاطر.. مهما كلفه ذلك من ثمن.. لذا فان نجم هذه الثورة وكل الثورات العظيمة سيظل ساطعاً متوهجاً دوماً رغم أنف الغزاة المعتدين.. والمهووسين بحب الجاه والسلطان والثروة.. على الجميع ان يدرك ان وقائع التاريخ وتجاربه تؤكد ان المؤامرات القذرة، والسيناريوهات المفبركة مصيرها الفشل الذريع عاجلاً أم آجلاً.. فاليمن ستنتصر بإذن الله للشعب العظيم الصامد الصابر.. ولارادته وعزيمته التي لا تقهر.. والتاريخ سيدون بمداد من نور على صفحاته، تلك المآثر الخالدة، والمواقف البطولية النادرة، للرجال الشرفاء من ابناء هذا الوطن الغالي ضد كل غازٍ معتد عميل.. وشمس الحقيقة مهما اعتراها من سحائب الصيف السوداء، لابد لها من لحظة شروق وسطوع وهاج فاقع التوهج.. والقادم سيفصح عن ذلك عاجلاً أم آجلاً..!!.