يطوي شعبنا اليمني الأبي صفحات ناصعة من تاريخه البطولي النضالي بمرور 49 عاماً على اندلاع ثورته الخالدة الرابع عشر من اكتوبر 1963م، والتي لقنت المستعمر البريطاني دروساً في القيم الوطنية، والتضحية والفداء من اجل الوطن ارضاً وانساناً وانتماءً.. هكذا صور الفداء والنضال والتضحيات صفحات تسجل بمداد من نور في ذاكرة الشعوب.. ومهما كتب عن ثورة 14 اكتوبر 1963م، ستظل هناك مواقف وسيناريوهات منسية في تاريخ ونضال اولئك الشرفاء الأحرار الذين وهبوا أرواحهم الطاهرة فداءً لهذا الوطن الحبيب.. ان الثورات العظيمة دائماً يفجرونها الاحرار الشرفاء، ويتنسمون مناصبها وقيادتها الاغبياء والدهماء واشباه الرجال الذين تربوا على موائد اللئام، وترعرعوا في احضان الانظمة الشمولية المستبدة.. ان احتفاءنا بمرور 49 عاماً من عمر الثورة الاكتوبرية الخالدة يمثل للشعب اليمني شمالاً وجنوباً منعطفاً تاريخياً مهماً، ومحطة فاصلة في تاريخ اليمن قديماً وحديثاً، خاصة في ظل زخم الثورات العربية، وانتفاضات الربيع العربي الذي اثبت للعالم قاطبة إن إرادة الشعوب لا تقهر اقوى لأنها من سطوة الطواغيت، والانظمة الديكتاتورية الجائرة.. لذلك اختارت جماهير شعبنا العظيم طريق النضال والكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني الغاشم، ومن جبال ردفان الشماء الشامخة شموخ رجالها الاوفياء الشرفاء انطلقت الشرارة الاولى للثورة بقيادة المناضل الثائر راجح بن غالب لبوزة ومعه رجاله البواسل الذين حملوا السلاح في تحدٍ واصرار لمواجهة صلف وكبرياء المستعمر البريطاني المستبد في شموخ وإباء وشمم.. وشجاعة نادرة.. وفدائية قل ان نجدها في زماننا هذا.. ويستحضرني موقف المرأة الردفانية الثائرة النادرة البطولة احدى حرائر جبال ردفان الشماء.. الثائرة البطلة «نور ناصر» تلك المرأة البطلة التي حصدت ارواح سبعة جنود بريطانيين في لحظة واحدة.. هذه الواقعة تمثلت عندما هجمت القوات البريطانية الغاشمة احدى قرى ردفان، واقتحمت احد المنازل، وقامت بقتل زوج نور ناصر امام عينيها جهاراً نهاراً.. فجن جنونها، وانتفضت كالليث الهصور، في غضبة عارمة.. وشجاعة نادرة.. وسرعة فائقة واختطفت سلاح احد الجنود كضوء البرق، واطلقت نيران الرشاش واردت بسبعة جنود بريطانيين قتلى في الحال.. ثأراً لكرامة زوجها، ودفاعاً عن شرفها وابائها.. علينا اليوم ان نستقي ونتذكر تلك المواقف البطولية النادرة التي ستظل في ذاكرة الشعوب مدى الزمن.. كما لا يفوتنا ان نتذكر أثر الدور المصري الفاعل في دعم ثورة الجنوب.. والثوار ما ادى الى تعزيز فاعلية القاعدة الثورية النضالية والفكرية والمادية والمعنوية التي اسهمت في تسريع وتائر الحراك الشعبي داخلياً وخارجياً.. ورغم مرور 49 عاماً من اندلاع الثورة الاكتوبرية الا اننا مازلنا نتذكر نبرات صوت الزعيم الراحل جمال عبدالناصر التي اطلقها مدوياً من مدينة تعز في حشد جماهيري حاشد، قائلاً: «ان على الاستعمار البريطاني ان يحمل عصاه على كتفه ويرحل من عدن».. هذه العبارة المدوية كانت اجمل واسمى هدية من ابناء الكنانة الى شعب اليمن في الجنوب.. فياترى بعد 49 عاماً من عمر الثورة الاكتوبرية الخالدة نحتاج الى ثورات.. وثورات ام صراعات ومماحكات؟!.. علينا ان نعي تماماً ان كل شيء يهون من اجل اليمن.. رغم التحديات والخلافات والاختلافات.. نحن «اليمانيين» هكذا نختلف ثم نتفق، نتعارك ثم نتصالح.. لأن اليمن اكبر واسمى من خلافاتنا ومصالحنا وطموحاتنا.. وعلينا أن نتفق من أجل اليمن كل اليمن!!..