شاب يركض مثل الكهل في منتصف الستين من العمر ، قدماه مقوستين من الاسفل ، لم يعد يستطيع أن يقطع مسافات طويلة، في الماضي كان يتجاوز 4 مدافعين بحركة واحدة ، اليوم يبحث عن مجموعة من الحركات المخزونة بذاكرته وبشق الانفس يتجاوز لاعب عجوز صاحب كرش كروي يحمله في منتصف جسده، اخبروني اسلافي في كرة القدم أن الركض والسرعة والمراوغات هم فقط من رعيل كرة القدم ، وانا اضف على اكتشافهم بأن كرة القدم اجمل بالقليل من كل ذلك ! في طفولته كان نجماً بين اقرانه ، يفرحون به ويهللون لكل مايقوم به ، عرفته حافات عدن لاعباً موهوباً ليجذبه نادي شمسان ، عرف في تلك الفترة بعزيز السيد ، رغم كل العروض من التلال والوحده كبيري عدن لجلب هذا الموهوب القادم ، لكن عزيز قرر أن يهاجر الى صنعاء ، ربما هناك ظروف خارجة عن ارادته جعلته يرحل عن روحه عدن ، في صنعاء كان يرغب في اللعب لاهلي صنعاء الفريق ذائع الصيت ، لم يستمر طويلا في باب اليمن، وانتقل الى ميدان التحرير، ويلتحق بفتيان صنعاء ويبدأ مرحلة ذهبيه لن تمحى من تاريخ كرة القدم اليمنية! الثعلب لقبه الذي ظل معه الى اليوم دون ان ينتزعه منه احد ، عزيز الكميم هو تجسيد لقانون أن كل شئ يعشق ويكره حتى وان كان بلا روح ، وأن كرة القدم عبارة عن قطعة جلد منفوخة قادرة على اسر احدهم.. فالطاعة هي المنبع الوحيد لمن يداعبها بفنٍ وحرفنة، في الحقيقة هذا النجم شرح تفصيلي لكل معاني الحب.. والحب أن تفرح من تحب وتشاركه مناسباته ، وكذلك الحب هو ان تتغنى بكل شئ قام به كما لو كان إعجازياً، وأن ترمي اللعنات على من وقف في وجهه يوماً وحاول عرقلة جزء من مسيرته ! حقق مالم يحققه غيره خصوصاً مع شعب صنعاء ، كان بطلاً يحمل على الاعناق من جمهور فتيان صنعاء ، عشقه للتحدي صنع منه مهاجماً فذاً صاحب حس تهديفي عجيب ، يخشاه ابطال الدفاع وترتعد لقدومه مسرعاً مع الكرة حراس المرمى ، عندما يواجهون شعب صنعاء والثعلب غائب عن التشكيلة البيضاء يحمدون الله ، لعب كرة القدم حتى صرخت سيقانه بأن يتوقف عن الركض عن ضرب قدميه بتلك الجلد المنفوخة، عزيز ظل وفيا لعشقه لم يصدق اعضاء جسده المتهالك مع تراكم الايام والسنين ، تجده بعد هذا العمر يمارس هوايته في ملاعب كرة القدم مع مجموعه من الشبان راميا خلف ظهره كل مطالب جسده العجوز ! عزيز الكميم لم يتغير مع مرور الزمن، وتغير الاحوال ، هو ذاك في السبعينيات او في الوقت الحاضر ، يعشق الشغف وتذهب النجومية إليه.. ان دون يطلبها ، في عمر ال 65 يسير متبختراً مزهواً بماضيه الناصع ذات اللون الذهبي ، داخله عبقرية كل شيء عبقرية المهارات وعبقرية الابتسامة، عبقرية اهدافه الخالدة، وعبقرية المزج بين الخيال والحقيقة، هو عبقرية كل شيء ظننته يوماً من يمتزج بالعبقرية، هو عبقرية التساؤلات التي لا تعقبها إجابات لأن عزيز الثلعب الكميم لا إجابة له !