حنين بريطانيا إلى ماضيها الاستعماري كما هو واضح يتجدد مع تراجع مشروع الهيمنة الأمريكية وهزيمته القريبة في منطقتنا, وهذا التجدد على ما يبدو في الشكل والمضمون ويتخذ واجهات صنعتها الإمبراطورية في أوج مجدها ونعني هنا مملكة بن سعود بعد الحرب العالمية الأولى والثانية أوجدتها في أسوأ لحظات تراجعها ونعني مشيخيات دولة الإمارات (الاتحادية) وعلى ما يبدو أن محور الارتكاز عدن وخليجها والساحل اليمني الجنوبي والغربي, ولكن بريطانيا الواهمة باستعادة عظمتها تدرك من خبرتها وتجاربها السابقة أن ذلك لن يتحقق لها في اليمن ما لم تهيمن على المناطق الداخلية عبر مشروع تقسيمها إلى كيانات متصارعة ومتناحرة ممسوخة التاريخ والهوية. وبريطانيا في هذا كله تعتقد أنها قادرة على تحقيق ما عجزت عنه أمريكا في المنطقة العربية وغرب آسيا انطلاقاً من اليمن وتحديداً من السيطرة على ممره الحيوي الاستراتيجي للمصالح العالمية باب المندب وتأمينه من الجزر في البحر الأحمر والعربي ومن الساحل. في هذا السياق يأتي الإصرار العجيب على استكمال احتلال الساحل الغربي من باب المندب وحتى الحديدة ولتحقيق هذه الغاية تصر بريطانيا على الإمساك بملف حرب التحالف العدوانية القذرة الشاملة على اليمن وبعد أن عجزت مع أدوات أمريكا وأدواتها من قبل ومن بعد- نراها اليوم تمسك بملف الحل السياسي الدبلوماسي في الأممالمتحدة ومجلس أمنها وهذا يفهم من التعيينات لممثل الأمين العام للأمم المتحدةواليمن وللمراقبين وقيادتهم العسكرية لتنفيذ اتفاق استوكهولم في الحديدة والذي بمعنى معين يفسر تغير قيادة العدوان على اليمن من الولاياتالمتحدة التي كانت قد أسندت الدور لوكيلتها الإقليمية السعودية ولأنها فشلت وهزمت أمام صمود الشعب اليمني وجيشه ولجانه الشعبية تصدرت المشهد الصنيعة الإقليمية لبريطانيا دويلة الإمارات وانتقلت قيادة العدوان الدولي على اليمن إلى المملكة المتحدة. هذا هو الاستنتاج التحليلي لاتجاهات العدوان والذي يمكن استشراف الكثير من تفاصيله في إجابات السفير البريطاني لليمن على أسئلة قناة الجزيرة والتي ظهر فيها وكأنه ليس ممثلاً لوزارة الخارجية البريطانية نهاية العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين, بل ممثلاً لوزارة المستعمرات البريطانية نهاية العقد الثاني للقرن العشرين. ما تبيناه في اللقاء الخاص للسفير البريطاني مع فضائية الجزيرة هو تحقيق ما عجزت عنه الحرب العدوانية القذرة على اليمن عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية وشرحه لبنود اتفاق السويد لا يختلف عما تريده حكومة فنادق الرياض الخيانية العميلة, ليظهر بجلاء حديث السفير من هو المخرج لمسرحية شرعية الأراجيز. الشعب اليمني شعب سلام وقيادته الوطنية تريد السلام الحقيقي الجاد الذي يحفظ لليمن سيادته ووحدته واستقلاله وكرامة وحرية أبنائه, لكنه يرفض الاستسلام مهما جاء مغلفاً بمسميات وتعبيرات براقة.. وتطبيق اتفاقية السويد في ما يخص الحديدة والأسرى وفقاً لمعانيها التي لا تقبل التفسير والتأويل هو معيار جدية المجتمع الدولي وهذا ما لم يجسده ممثل الأمين العام للأمم المتحدةباليمن مارتن غريفيث إلى الآن. قيادة الوطن المدافعة عن السيادة والاستقلال والكرامة تقابل ما يجري بنوايا حسنة عل وعسى أن يتوقف هذا العدوان الإجرامي وبربريته المتوحشة ويرفع الحصار عن شعبنا الصابر الصامد مع إدراكنا أن بلوغ السلام الحقيقي لا يكون إلا بتفاوض مع من يشنون العدوان علينا وليس مع الدمى المسماة شرعية بقوة أمريكا وخبث بريطانيا والمال النفطي السعودي الذي وان اشترى العالم كله فلن ينال من إيمان وإرادة وكرامة الشعب اليمني المسالم الحضاري العريق والعظيم.