حب الوطن والاعتزاز به والتمسك بترابه من القضايا التي تعنى بها الأمم والشعوب في العصر الحاضر وذلك بهدف تحصين أبنائها وإنقاذهم من العمليات المضادة للأعداء والحرب الشرسة التي يشنونها على الأمة نفسياً وثقافياً واقتصادياً وعسكرياً والتي تستهدف تخريب شخصية الإنسان وتفريغها من كل الحوافز النفسية التي تدفعه الى العمل والإنتاج وبناء الوطن والنهوض به وتنميته بشرياً واقتصادياً وإدارة موارده والحرص على موجوداته ومدخراته حتى تسد حاجات المواطنين والأجيال القادمة.. ومن هنا نجد أن الدولة تحرص على تنمية حب الوطن في نفوس أبنائنا من نعومة أظافرهم حتى تملأ قلوبهم بالعمل الجاد المثمر في السلم والاستبسال في الحرب دفاعاً عن الدين والعرض ورداً للعدوان مضحين بالأرواح والأموال من أجل الأهداف النبيلة والقيم العليا، لذلك فإن الإنسان يحن إلى تراب وطنه الذي نشأ عليه وترعرع وهو أرضه ووطنه. ولقد أوجب الإسلام الدفاع عن الوطن والأرض والعرض وأماكن العبادة وأرخص في سبيل ذلك الأرواح والأموال. وكان رسول الله يتعلق قلبه وبصره ببلده الذي نشأ وترعرع فيه فالرسول صلى الله عليه واله وسلم قد علمنا حب الوطن من خلال ممارسته القولية والفعلية، لذا علينا الحفاظ على الوطن اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعدم التفريط فيه مهما كانت الاسباب. الولاء الوطني: الولاء الوطني من أرفع مظاهر الوعي القومي والتربية المدنية وإرادة العيش المشتركة بين أبناء الوطن الواحد والانتساب إلى الوطن هو نعمة وبركة، ولعل التفاتنا إلى المشردين في الأرض أو من عرفوا باللاجئين يجسم في أعيننا أهمية الانتماء للوطن والعيش فيه براحة وطمأنينة فمن لا وطن له لا عزة له، ولا كرامة، ولا أمان، ولا استقرار، ولذا فالمحافظة على الوطن تعد من الأعمال النبيلة، وطليعة الحاجات الأساسية التي يحتاجها الإنسان. كما أن الولاء للوطن تضحية وخدمة قبل كل شيء، من اقدس الواجبات. من تلك الواجبات خدمة العلم والدفاع عنه، والذود عن كل شبر من أرض الوطن، ومنها تطبيق الأنظمة والقوانين، واعتبار التقيد بها دليل قوة وشرف. والولاء للوطن عملية إنتاج وبناءِ مستمر، فكل مواطن يعمل في حقل اختصاصه من اجل تقدم البلاد، فالصناعي في مصنعه والتاجر في متجره والمزارع في أرضه والكاتب من خلال مُؤلفاته، والجندي في ميدانه والمحامي في مهنته والطبيب في رسالته.. وفي الوقت نفسه يجب على الجميع إشاعة الاستقرار وإحلال الوحدة الوطنية إذ لا مجال للتقدم والازدهار إلا في جو من التضامن والعمل المخلص البناء، وقد غرد أشهر الشعراء عنه وأطنبوا في وصفه وحبه ومن هؤلاء الشعراء، ابن الرومي حيث قال: ولي وطن آليت ألاّ أبيعه وألاّ أرى غيري له الدهر مالكا عهدت به شرخ الشباب ونعمة كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا وحبب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا وهذا الكاظمي يقول: ومن لم تكن أوطانه مفخراً له فليس له في موطن المجد مفخر ومن لم يبن في قومه ناصحاً لهم فما هو إلا خائن يتسترُ ومن كان في أوطانه حامياً لها فذكراه مسك في الأنام وعنبرُ ومن لم يكن من دون أوطانه حمى فذاك جبان بل أخس وأحقرُ