ما كان لأعداء هذه الأمة النيل منها بالحروب الاستعمارية المباشرة, بل باختراقها وشق صفوفها بوسائل وأساليب شيطانية أخطرها الدعوات والشعارات المؤسسة على عناوين طائفية ومناطقية ومذهبية وعرقية وحتى قبلية وعشائرية, ليجعلوها تدمر أوطانها وتمزق نسيج مجتمعات شعوبها بأيدي أبنائها الذين وقعوا في شراك مخططات أعداء أمتهم والتي هي الأخرى ما كان لها أن تكون لولا تلك الأنظمة الخيانية التي سخرت كل إمكانات وقدرات وثروات هذه الأمة لتنفيذ المخططات التآمرية للمشاريع الأمريكية الصهيونية.. هذا هو المضمون الأهم لكلمات وعبارات خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة الذي حمل في مضامينه معان شاملة في أبعادها الدينية والأخلاقية والإنسانية وحمل رسائل معني بها القريب قبل البعيد والصديق قبل العدو.. من الطبيعي أن يتصدر خطابه بهذه المناسبة المرأة المسلمة وفي طليعتها المرأة اليمنية التي يختزل فيها عظمة المبادئ والقيم الإسلامية الحقة المجسدة في الروح الإيمانية التي استمدت منه صمودها وصبرها وتضحيتها في مواجهة تحالف عدوان لم يعرف له التاريخ مثيلاً في حقده وإجرامه البربري المتوحش ضد شعب مسلم مسالم مفقر ومستضعف.. ورغم كل هذا أثبت بنسائه ورجاله وأطفاله وشيوخه أنه أقوى منهم جميعاً بما يمتلكه من إيمان وإرادة وقضية عادلة.. أثبت هذا الشعب في الأشهر الأولى انه المنتصر أمام تكالب تحالف قوى الشر في هذا العالم.. لقد اعتقد الأمريكان والصهاينة والبريطانيون وأدواتهم في المنطقة وعلى رأسها مملكة بني سعود وإمارات أولاد زايد أن أياماً أو أسابيع أو أشهراً معدودة كافية لهزيمة القوى الوطنية اليمنية الثورية ومشروعها التحرري الاستقلالي من كل أشكال الهيمنة والوصاية الخارجية.. هذه هي تقييماتهم والتي بعدها سيعدون اليمن واليمنيين إلى سياق تنفيذ مخططاتهم بأيديهم بعد تمكين التكفيريين والفوضى المغطاة بذريعة شرعية عصبة العمالة والخيانة والارتزاق ليجعلوا من اليمن كوكتيل المنطقة تختلط فيه كل النماذج المذهبية والطائفية والمناطقية والسلالية والعشائرية التي تفتت اليمن إلى كيانات متصارعة ومتناحرة تجعلهم جميعاً في خدمة مشروع احتلال موقع اليمن الاستراتيجي والسيطرة على ثرواته، غير متوقعين ولا قادرين على استيعاب صموده الأسطوري وقدرته ليس فقط على هزمهم وإفشال مشاريعهم, بل وجعلها مكشوفة في غاياتها ومفضوحة أمام ليس فقط من تصدوا وواجهوا هذا العدوان, بل وأمام من استخدموهم من أبناء اليمن بعد أن غسلوا أدمغتهم بأوهام تلك النعرات والنزعات المريضة التي مازالوا يلعبون أوراقها المحترقة والتي تتجلى مظاهرها بأشكال تستهدف جر بعض ضعاف العقول ومرضى النفوس الذين ينساقون بردة الفعل وراء الترويج لتلك العناوين الطائفية والمذهبية والمناطقية والسلالية والعرقية التي لطالما عولوا عليها في تحقيق مشروعهم الذي مع كل يوم لعدوانهم على الشعب اليمني يرتد عليهم.. وفي هذا السياق يأتي كلام السيد قائد الثورة حول ما يجري في المحافظات الجنوبية من احتلال للأرض واستباحة للعرض.. ويكفي الإشارة إلى الفوضى والانتهاكات التي تسود هذه المحافظات وتكشف ما يرتكب في سجون ومعتقلات قوات الاحتلال الإماراتي السعودي فيها.. خطاب السيد عبدالملك في هذه المناسبة -كما هو دائماً- يحمل القول الفصل مع فارق أن المستجدات بمرور الوقت على هذا العدوان تتغير لصالح الشعب اليمني الذي تأكيده على إرادته في السلام كما هي إرادته في مواجهة هذا العدوان دفاعاً عن سيادته ووحدته واستقلاله وحرية وكرامة أبنائه، لم يكتف هذه المرة قائد الثورة بتمسكه بالنهج المؤدي إلى حل شامل, بل واستعداد القوى الوطنية المدافعة عن حق شعبها في الوجود حراً متنقلاً على أرضه للحل السياسي المتمثل باتفاق ستوكهولم والمبادرة إلى تنفيذ خطوات منه, فيما يخص الحديدة والأسرى وملف تعز انطلاقاً من القيم الدينية والوطنية والإنسانية التي ترى أن العدوان ومرتزقتهم من فرضوا هذه المواجهة المدمرة لليمن والمصرة على استمرار سفك دماء أبنائه والتي لم يكن أمام شعبنا إلا مواجهتها ما داموا لم يجنحوا للسلم, أما إذا أرادوا فالسلام غايتنا وعلى دول العدوان ألا تعتقد أن ذلك ضعفاً فقراءتها الخاطئة قد تحملها إلى مهالك لم تشهدها من قبل ولم تتصورها.. وهذا هو التحذير الذي وجهه سماحة السيد في شكل نصح للإمارات فيما يخص الحديدة وكل قوى العدوان وفي كل الجبهات بشكل عام.. خلاصة القول السلام غايتنا والاستسلام لا مكان له في أجندتنا فإن أردتم السلام فنحن اليمنيون رجاله, وإلا فالقادم أعظم.