من سخريات الزمن الدامي أن يُطعن الوطن في خاصرته غدراً من أحب وأقرب الناس إليه، بأيدي أبناء جلدته الذين ترعرعوا بين أفيائه.. وتنعَّموا بخيرات أرضه ورشفوا فرات مائه.. وتنَّسموا عليل هوائه.. متناسين أن للوطن حقوقاً وواجبات نحوهم.. كاشفين عن أقنعتهم الزائفة وأفكارهم المأفونة ونفسياتهم السقيمة وسقوطهم المروِّع في مستنقع العمالة والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي عدو الإسلام والمسلمين الأول.. مهما تظاهروا بحبهم للوطن.. إلا أن النوائب والمحن ستكشف عن سوء نواياهم وزيف معدنهم.. فالتاريخ لم ولكن يرحمهم.. لا أحياء ولا أمواتاً..وهم بذلك يكشفون عن الوجه الانتهازي القبيح وعن زيف مقاصدهم التي تتبنى مواقف عدائية وتعبئة ملغومة وأفكاراً مشحونة بالتزييف والتحريف لتشويه المسار الوطني وتضليل الرأي العام الإقليمي والدولي والأممي.. علينا أن ندرك أن مسيرة الأمن والسلام وبناء مشاريع الإعمار ونشر روح الإخاء والصفاء والنهوض بالوطن أرضاً وإنساناً لا يتحقق إلا بصدق النوايا وصفاء القلوب وتضميد الجراح النازفة.. وتناسي جراحات الماضي بكل ما فيها من بؤس وشقاء وعناء.. أما الذين يحاولون تحريف بوصلة الوطن لمآرب وأهداف وأجندات خارجية.. تخدم قوى استكبارية عالمية عميلة.. أو أطماع ونزوات قوى عربية خليجية بقيادة النظامين السعودي والإماراتي الغارقين في العمالة والنذالة.. هم واهمون.. وفي غيهم غائصون.. وفي ضلالهم تائهون لأنهم لم يدركوا بعد أن الشعب اليمني العظيم لم تنطل عليه تلك الأساليب والسيناريوهات البراقة التي ظاهرها الصفاء والنقاء وباطنها المكر والدهاء.. فليدرك هؤلاء المأزومون فكرياً أن التطبيع مع الكيان الصهيوني هو استسلام وخنوع وانكسار وإذلال.. فما علينا إلا أن نُقبِّل أقدام هؤلاء الأبطال الميامين الأفذاذ المرابطين في ذرى الجبال والسهول والأودية والصحارى والفيافي الذين يسطرون كل يوم أعظم وأنبل وأسمى الملاحم البطولية في تاريخ اليمن الحديث.. ضد الغزاة المعتدين المحتلين.. رغم كل هذا وذاك لابد من أخذ الحيطة والحذر في كافة الجبهات لأن العدو لا عهد له ولا ميثاق.. وعلى المأفونين فكرياً وثقافياً وسياسياً أن يتركوا اللعب بأوراق المكلومين إنسانياً وحياتياً.. وأن يدركوا أن لكل غاز أو معتد أطماعاً ومصالح يسعى لتحقيقها بشتى الأساليب والسبل، والوسائل.. فالوطن هو الأبقى.. هو الأعلى.. هو الأسمى.. يكفي أنه ميلادنا الأول.. هواؤه شفاء.. وقطرات سمائه دواء.. وذرات ترابه عز وفخر وإباء.. من هنا ندرك أن عهد الخطابات الفضفاضة وشحن الوعي الجمعي ببارود المفردات البراقة وشيطنة الأحداث وتفخيخ المواقف ما عادت تنطلي على أبناء شعبنا الأبي.. بل تؤجج مجريات الأحداث وتأزم الاحتقانات وتكرس لواقع فكري متقوقع وسياسي منغلق محقون بخدر الحقد والكراهية والبغضاء.. أما أنتم يا دعاة الفكر والثقافة ويا مشاعل الأمة من وطن يُذبح ليل نهار بأيادي العمالة والارتزاق والمنافقين وأنتم غارقون في بهو الفنادق والقصور.. لذلك تظل السدود والحواجز التي يصطنعها العدوان وحلفاؤه من الأعراب والمنافقين هي التي تُفضح مراميه وتُعرّي نواياه المبيتة.. وتكشف أجنداته التآمرية تجاه الوطن والأرض والإنسان.. التاريخ والجغرافيا.. وفي ظل هكذا عراقيل يضعها العدوان ومعه كوكبة من النخب المثقفة التي بيعت كقطيع أغنام بأثمان بخسة من أجل الثراء والرفاء لأولئك الأوباش وتعاملوا مع الوطن بعقلية ابتزازية محضة مهمتها صب الزيت على النار وشيطنة الواقع السياسي وتأزيم الحالة الاقتصادية والإنسانية في البلاد.. من هنا ندرك أن رسائلهم الملغومة المشحونة بالعداء والبغضاء تُعبِّر عن نفسياتهم المأزومة وأفكارهم المأفونة ولكن الزمن كفيل بفضح عما يجوس في نفوسهم وتعرية عما يجول في خواطرهم.. فالتاريخ لم ولن يرحم كل خائن وعميل ومرتزق.. والذاكرة الجمعية ستنير الطريق للأجيال القادمة مهما طال الزمن ستظل اليمن محفورة على خارطة الكوكب الأرضي شاء من شاء وأبى من أبى..!!