قالت الشرطة العراقية ان تفجير سيارات ملغومة استهدف مدنيين وأفرادا من قوات الشرطة في بغداد يوم الثلاثاء مما أسفر عن مقتل عشرة على الاقل في هجومين منفصلين يبرزان مدى خطورة التحدي الامني الذي يواجه الحكومة العراقية التي لم يكتمل تشكيلها بعد. وأضافت أن خمسة مدنيين قتلوا في هجوم على قوات الشرطة الخاصة واصيب سبعة أيضا في بغداد. وهذا هو واحد ضمن عدة هجمات عبر البلاد بما في ذلك هجوم بسيارة ملغومة في شرق بغداد الشيعي عصر يوم الثلاثاء اسفر عن مقتل خمسة اشخاص واصابة 13 في وقت الذروة المرورية باحد ميادين المدينة. جاءت أعمال العنف في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لاختيار وزيرين لتولي حقيبتي الداخلية والدفاع لاستكمال تشكيل الحكومة الجديدة التي أعلنت يوم السبت والتي يأمل أن تتمكن من تجنب وقوع حرب أهلية. وقالت مصادر سياسية ان تحالفات شيعية وسنية رئيسية تتبادل خلال محادثات قوائم تضم مرشحيها. ونفت جبهة التوافق العراقية السنية تقارير اعلامية بان وزير الثقافة في الحكومة الجديدة وينتمي للجبهة قد ترك منصبه. وتعهد المالكي وهو إسلامي شيعي باستخدام "أقصى قوة" في القضاء على العمليات التي يقوم بها مسلحون في اطار حملة من التفجيرات الانتحارية والسيارات الملغومة وحوادث اطلاق الرصاص وجرائم الخطف بهدف الاطاحة بالحكومة المدعومة من الولاياتالمتحدة. كما فتح الباب أمام مفاوضات مع المقاتلين المستعدين لتبني العملية السياسية. وسيتعرض المالكي لضغوط كي يقنع العراقيين بان بامكانه تحقيق تقدم سريع في قتال مسلحين يتألفون أصلا من موالين للرئيس المخلوع صدام حسين ومتشددين من تنظيم القاعدة بقيادة المتشدد الاردني ابو مصعب الزرقاوي. وتجمع العراقيون حول موقع انفجار السيارة الملغومة في حالة من الذهول وهم يفتشون وسط السيارات والمتاجر المحترقة. وقال صاحب متجر يدعى ابو محمد "انفجرت السيارة وأدت إلى انقلاب حافلة صغيرة. ماذا بوسعنا أن نفعل .. نحن لا نفعل سوى السعي لكسب قوت يومنا." وفي منطقة أخرى وفي هجوم يحمل البصمات الطائفية على ما يبدو قتل ثلاثة مسلحين في سيارة ثلاثة رجال وأصابوا سبعة آخرين وسط حشد من العمال يسعون للحصول على فرصة عمل بالمياومة في المزارع الواقعة إلى الشمال من بغداد. ووقع الهجوم في منطقة الاسود القريبة من بعقوبة التي تبعد 65 كيلومترا شمال شرقي بغداد. وكان معظم العمال المتجمعين من بلدة هويدر الشيعية القريبة في حين أن معظم سكان منطقة الاسود من السنة. وفي بغداد نفسها قالت الشرطة إن مسلحين قتلوا بالرصاص ثلاثة من كبار السن كانوا يجلسون أمام منزل. وفي شمال العراق قتل أربعة أشخاص برصاص مسلحين كانوا يستقلون سيارة مسرعة في الموصل. ويواجه المالكي مهمة بالغة الحساسية في اختيار وزيري الداخلية والدفاع المسؤولين عن تحسين الشؤون الأمنية في بلد يعاني من العمليات اليومية التي يقوم بها مسلحون ومن أعمال العنف الطائفية التي اجتاحت البلاد بعد تفجير مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في فبراير شباط. واتهم زعماء من السنة وزارة الداخلية التي يسيطر عليها الشيعة بدعم فرق اعدام ولكن الوزارة تنفي ذلك. وقد يؤدي مصرع صبي شيعي عمره 12 عاما إلى ارتفاع وتيرة العنف المذهبي. وكان مسلحون في ثلاث سيارات قد حاصروا هاني سعدون عند نقطة تفتيش يوم الاثنين قبل أن يردوه قتيلا وعثر على جثته يوم الثلاثاء ملقاء في قطعة أرض خلاء في منطقة الدورة الشيعية المضطربة بجنوب بغداد. وقالت مصادر بوزارة الداخلية انه عثر على جثته موثوقة ومعصوبة العينين وقد اخترقت طلقات نارية رأسه وصدره. وبدت على جثته اثار للتعذيب بمثقاب كهربي واقطاب كهربية. وفيما اختطف اطفال من أجل الحصول على فدية او قتلوا في تفجيرات الا انه يبدو ان قلة من هذه الحوادث تتعلق باعمال الخطف والقتل الطائفية الثأرية. وقال عم سعدون وهو صحفي مرموق ان الشرطة والجيش في العراق يرفضون المساعدة في استعادة جثة الصبي بدعوى ان منطقة الدورة ذات طبيعة خطرة. وقال العم الذي رفض نشر اسمه خشية الاعمال الانتقامية "لم يكن له اي صلة بالمسائل الطائفية او السياسية. كان مجرد صبي." وافرد تقرير للامم المتحدة تفاصيل عن تصاعد اعمال العنف الطائفي في اعقاب تفجير مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في فبراير شباط الذي فجر موجات من القتل وهدد باندلاع حرب اهلية. وافادت تقارير بمقتل واصابة مئات من المدنيين كل اسبوع مما اضطر 85 الفا من السكان الى النزوح عن ديارهم وفقا لما ورد في التقرير. وقال تقرير حقوق الانسان "يستهدف بصورة متزايدة نساء واطفال ومهنيون واكاديميون وقضاة في العنف المستمر." وقال التقرير انه من بين 28700 معتقل في العراق تحتجز وزارة الداخلية اكثر من خمسة الاف منهم على الرغم من انه يتعين فقط احتجاز البعض لفترات قصيرة فقط. وقال التقرير "وتشيع عمليات التعذيب والممارسات اللانسانية القاسية الاخرى او اساءة المعاملة في بعض المنشات." ويرغب أقرب حلفاء للحكومة العراقية وهما الولاياتالمتحدة وبريطانيا بشدة في أن يروا القوات العراقية قادرة على تولي الشؤون الامنية بمفردها حتى يمكنهم سحب قواتهم. وقال المالكي يوم الاثنين ان قواته ستتولى المسؤولية في أغلب أجزاء البلاد بحلول ديسمبر كانون الاول وقال مساعدون لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي زار العراق ان كل القوات الاجنبية من الممكن أن تنسحب خلال أربع سنوات. ولكن بلير ذاته في الوقت الذي أظهر فيه تأييده للمالكي من خلال توجهه الى هناك بعد يومين من أداء حكومة وحدة وطنية من الشيعة والسنة والاكراد اليمين لم يتحدث عن جدول زمني محدد للانسحاب. كما أن الرئيس الامريكي جورج بوش احجم عن الاعلان عن موعد بعينه لسحب 133 ألف جندي أمريكي ولكنه قال في كلمة ألقاها في شيكاجو "مع اكتساب الحكومة العراقية الجديدة الثقة والقوة باطراد فان أمريكا ستلعب دورا مساندا بشكل أكبر." وقال المالكي إن العراقيين في حاجة لمزيد من التدريب والمعدات وأقر بأن مجموعة كبيرة من العوامل تجعل احتمال قيام حرب أهلية خطرا قائما وهي نتيجة ستصعب بشدة من انسحاب أي قوات أجنبية. لكنه قال أيضا ان منطقتين تديرهما القوات البريطانية وهما المثنى والعمارة في الجنوب يمكن تسليمهما الى قوات الامن العراقية في الشهر المقبل. وقال بيان أصدرته الحكومتان العراقية والبريطانية "بحلول نهاية هذا العام ستكون مسؤولية الامن في أغلب أجزاء العراق قد تم تحويلها الى السيطرة العراقية."