أحزاب تعز تدين الهجوم على موكب المحافظ والجبولي وتدعو لتعزيز التنسيق العسكري    محافظ المهرة يُشيد بدور الإصلاح والمكونات السياسية في دعم جهود السلطة المحلية    منتخب الناشئين يفوز على غوام بعشرة أهداف ويتصدر مجموعته    قراءة تحليلية لنص "أريد أن أطمئن" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص "أريد أن أطمئن" ل"أحمد سيف حاشد"    مونديال الناشئين قطر2025 : النمسا تهزم إيطاليا بثنائية وتتأهل للنهائي    لحج .. نجاة محافظ تعز من محاولة اغتيال ومقتل خمسة من مرافقيه    الحرس الثوري يتوعد برد ساحق لاستشهاد القائد "طبطبائي"    الفريق السامعي يتفقد مستشفى تخصصي بصنعاء ويؤكد أهمية الاستثمار في القطاع الصحي    استشهاد واصابة 79 مواطنا في صعدة جراء خروقات العدو السعودي    العلامة مفتاح يؤكد حرص الحكومة على دعم صندوق المعاقين وتمكينه من أداء دوره في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة    قبائل ذي السفال والسياني في إب تُعلن الجهوزية لمواجهة الأعداء    الإمارات تدعو لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار والحرب الأهلية بالسودان    الكاتبة اليمنية آلاء الحسني تُطلق روايتها "حينما تأكلك الجزيرة"    تنفيذية انتقالي حالمين تعقد اجتماعها الدوري لشهر نوفمبر    وقفة احتجاجية في بلحاف بالمهرة للمطالبة بحلّ أزمة المياه جذرياً    جامعة صنعاء تحقق المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية في نشر الأبحاث    نائب وزير الخارجية يلتقي مسئولة الصليب الأحمر باليمن    قتلى وجرحى في محاولة اغتيال لمحافظ تعز الموالي للاحتلال    مدرب المنتخب اليمني: الفوز على جزر القمر هو هدفنا للبقاء في كأس العرب    الأمن في عدن ينجح في استعادة حقيبة تحتوي على وثائق هامة خلال ساعات من سرقتها    فضيحة مدوية : حسابات الدعارة على إكس.. أرباح بالملايين تحت إدارة استخبارات الحوثيين    الأزمة تخنق الجنوبيين... صرخة النقيب إلى من بيدهم القرار    كان عاقلاً مع الوحدة.. ثم أصبح مجنوناً مع الإنفصال    الضالع تستعد لأول مشاركة في مهرجان التراث الدولي    مصادر حكومية: انفراج مرتقب في صرف المرتبات وتحولات اقتصادية تعزز فرص الاستقرار    ميسي يحطم رقم قياسي جديد    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    شبوة برس تنشر صور تظهر لقاء صلاح باتيس بالمرشد للإخوان محمد بديع (صور)    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    الأرصاد يحذر من رماد بركاني واسع الانتشار وأجواء باردة في عدة محافظات    بن بريك يعلن إجراءات تقشفية تشمل تقييد سفر الوزراء والمسؤولين للخارج    لقاح وقائي لسرطان الرئة يدخل التجارب السريرية    رئيس الوزراء يؤكد استمرار الإصلاحات وتعزيز حضور الدولة وتقليل السفر الخارجي    آخر حروب الإخوان    لايبزيج يقفز إلى «الثاني» بثنائية بريمن    رئيس سياسية الإصلاح يلتقي مسؤولا في الحزب الشيوعي الصيني لبحث العلاقات وأوجه التعاون    تحديد موعد انتهاء السحب البركانية من اليمن    ريال مدريد يقع في فخ إلتشي    أرسنال يضرب توتنام.. وفيلا يعاقب ليدز    تقرير عبري: نصف الإسرائيليين يعانون أمراضا نفسية بعد 7 أكتوبر    وزير الخدمة المدنية يؤكد أهمية ربط مسار التدريب بالمسار العملي في وحدات الخدمة العامة    وزارة الزراعة تؤكد استمرار قرار منع استيراد الزبيب الخارجي    الدوري الايطالي: ميلان يحسم الديربي ضد الانتر لصالحه    أزمة وقود خانقة تدفع محافظة المهرة نحو كارثة إنسانية    (وَمَكرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ) .. عملية أمنية اتسق فيها التخطيط مع التنفيذ    تقرير دولي: توسع إماراتي لشبكة قواعد عسكرية حول البحر الأحمر وخليج عدن    يوم كانت المائة الشلن أهم من الوزير    اختتام الدورة الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي في المصانع الدوائية    استئناف إصدار وتجديد الجوازات بتعز    صنعاء.. الحكم بالإعدام على قاتل فتاة الفليحي    قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الدوحة تفتتح مهرجانها السينمائي بفيلم فلسطيني مؤثر    حديقة عدن مول تتحول إلى مساحة وعي... فعالية توعوية لكسر الصمت حول مرض الصرع    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيدة إلهان عمر ظاهرة فريدة في الشجاعة وثبات الموقف.. إنها امرأة بألف رجل
نشر في 26 سبتمبر يوم 01 - 05 - 2019


ا. د. عبدالعزيز صالح بن حبتور*
إلهان عمر، كما يسميها أهلنا في الصومال، و في اليمن وبقية الأقطار العربية ب “إلهام عمر”، هي بالفعل امرأة مُلهمة استثنائية، وأصبحت اليوم ظاهرة مميزة على الصعيد الإعلامي العالمي. وهنا نود الإشارة إلى أن النظام السياسي الليبرالي الغربي هو ما حقق لها هذا النوع من النجاح والشهرة، علاوة على أن شخصيتها وثقافتها ودافعيتها وقدراتها الذاتية كانت دون شك العامل الأهم في مسيرتها, ولولا تلك المساحة الواسعة لدى النظام السياسي الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية التي أتاحت الفرصة لنجاح أمثالها من الطموحين والمتميزين في الظهور والبروز واعتلاء منصات النجومية والنجاح، فإن هذا الطموح وذلك التميز للأشخاص عادةً ما يُكبَت ويوأد في المجتمعات التقليدية والمتأخرة عن ركب التطور العلمي والانفتاح الثقافي والسياسي.
السيدة إلهان عمر مثال حي لكل إنسان ملتزم بقضايا وطنه وعروبته ودينه وإنسانيته, هي إنسانة بسيطة فقيرة هاجرت من مقديشو عاصمة الصومال، تعرضت كغيرها من أهلنا الصوماليين لآلام التهجير، وتحديات اللجوء، وقسوة التشرد من بلد إلى آخر، كان آخر محطاتها للاستقرار والسُكنى في بلد جديد هو الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1995م، في ولاية مينيسوتا، وأصبحت مواطنة أمريكية بامتياز لها ذات الحق كما عليها ذات الواجب كمواطنة أمريكية. هكذا يضمن النظام الليبرالي الحق الإنساني لظاهرة اللجوء والاغتراب.
تخيلوا لو هاجرت السيدة إلهان عمر إلى إحدى الدول العربية المسلمة، وبالذات إلى إحدى دول (مجلس التعاون لدول الخليج العربية)، لبقيت حتى يومنا هذا إنسانة هامشية مُضطهدة تعيش بنظام الكفيل كثير الشبه بنظام الرق في المجتمعات البدائية, فنظام الكفيل يشبه إلى حدٍّ بعيد النُظم الاجتماعية في أحد مجتمعات ما قبل الحضارة الإنسانية.
ولأن لها من اسمها نصيباً (إلهام عمر)، ألهمت ذاتها أولاً، كما ألهمت الشباب والشابات من جيلها في العديد من البلدان الإسلامية، الهجرة الطامحة إلى الغرب، لا إلى البلدان (المسلمة) لتجد ذاتها هناك وشخصيتها هناك في موطنها الجديد أميركا.
فهي لم تحمل حقيبة ثيابها فحسب وهي مسافرة مهاجرة؛ بل حملت معها إلى الوطن الجديد أحلامها وآمالها وطموحاتها، وحافظت على هويتها الخاصة كمسلمة مُثقفة مُحتشمة منفتحة على التعايش الإنساني الواسع في بلد الأحلام الجديدة أميركا، واستوعبت لغة أهلها بسرعة فائقة؛ لكنها حافظت على جزء كبير من لغتها العربية والصومالية.
تعلمت فنون الحوار مع الغير، ولكنها لم تنسَ قضيتها كصومالية مسلمة قادمة من بلد مزقته الحرب الأهلية.
تعلمت وأتقنت اللباس العصري والموضة الأميركية المحترمة، لكنها لم تنسَ الاحتشام وفريضة الحجاب كمسلمة, أتقنت فنون الأكل بالشوكة والسكين وأكل وجبة الإستيك والسُبى، لكنها لم تنسَ وجبة (العمبولا (Camboola، والعصيد (سُوَر (Soor والمرق والقوارمة (الأوتكع (Ootkac الشهية, كما استوعبت بحرفية لافتة سياسات وأيديولوجية الحزب الديمقراطي في أميركا كنصير نسبي للفقراء والمعوزين المهاجرين ومحاربة الفكر العنصري المقيت.
عندما قررت خوض الانتخابات في مجلس النواب الأمريكي نسخة أغسطس 2018م، عن الدائرة B60 ، نافست بجدارة على مقعد ولاية مينيسوتا لتحظى بشرف أن تكون أول إنسانة مسلمة مُحجبة تحظى بانتخابات الناخبين في الولاية ببرنامج الحزب الديمقراطي بشكل جريء وواضح بانحيازها إلى فئة المهاجرين الجدد من القارة السوداء ومن العالم العربي والإسلامي، لأنها تدرك حجم التحديات التي تواجه هذه الفئة من المواطنين الأمريكيين.
حينما قررت السيدة إلهان عمر خوض معترك الحياة السياسية، كانت تدرك بأنه طريق محفوف بالتحديات والمخاطر، لكنها لم تتوقع قط أن الإرث الثقيل للتاريخ العنصري، والحقبة العبودية للمجتمع الأمريكي سيلقي بظلاله عليها، حتى من قبل السيد دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي لم يكن مُحترماً في التخاطب مع امرأةٍ شابة مسلمة مُنتخبة كعضو في الكونجرس الأمريكي الذي يمثل الأمة والقيم الأمريكية كلها, كما لم تسلم قط من هجوم اللوبي الصهيوني ال (الأيباك (AIPAC المزروع كخنجر مسموم في قلب المجتمع الأمريكي، وأصبح أسيراً له للأسف, الأدهى والأمر من كل ما سلف أن هناك نشاطاً مُعلناً وخفياً من قبل القادة العرب المُطَبِّعين مع الكيان الصهيوني الذين يحاولون تمرير ما يسمى ب(صفقة القرن) ضد القضية الفلسطينية برمتها، كان هؤلاء جميعاً ضد السيدة إلهان عمر.
السيدة إلهان تدرك أنها ستواجه الفكر الشعبوي العنصري لها باعتبارها سياسية ديمقراطية سوداء مسلمة مُحجبة، لكنها لم تدرك أنها ستحيي ذلك المخزون المُخزي للفكر والثقافة العنصرية في المجتمع الأمريكي وبالذات من قبل اليمين الشعبوي وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب وفريقه السياسي. نعم إن مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية كله لا يزال مُثقلا بعبء التجربة العنصرية المقيتة، والتمايز الاجتماعي، لمرحلة العبودية المُهينة للإنسانية.
ما يثير الاعتزاز لدى هذه السياسية الشابة السمراء التزامها بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، مع علمها بحجم تأثير اللوبي اليهودي المتصهين ضد أي سياسي يرفع صوته ضد الكيان الإسرائيلي، وأن أي رأي منصف تجاه أهلنا بفلسطين سيتحول إلى أسلحة إعلاميةٍ ضد حاملها، وسيقولون أنه مُعادٍ للسامية، وهذا اتهام جزافي يوجه ضد كل من انتقد سياسات الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين.
السيدة إلهان عمر صمدت بثقة عالية بذاتها كإنسانة أمريكية سمراء، كمسلمة مُحجبة مُحتشمة، وبشهادة انتخابها من قبل الناخب الأمريكي كعضو في الكونجرس، كما تقول بذلك علناً, صمدت أمام عواصف وانتقادات اليمين الشعبوي العنصري، وجماعات الضغط من اللوبي الصهيوني، ومن القادة والنافذين (العرب) المتصهينين، وهي محمية من الله سبحانه وتعالى ثم من كل الأحرار في العالم.
إنها امرأة بألف رجل في زماننا الحالي الذي نشاهد فيه مواقف (الرجال) أو (القادة) يتساقطون بشكل درامي وغير مسبوق تجاه القضايا العربية الكبرى، كقضية فلسطين باعتبارها قضية مركزية للأمة كلها، والمساومة الرخيصة للتنازل عن حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، والتآمر العلني مع الإدارة الأمريكية للتنازل عن الأراضي العربية المحتلة في الجولان، وجنوب لبنان، وتصفية القضية الفلسطينية برمتها من خلال ما حُكي عنه من (صفقة القرن).
إننا نتضامن تضامناً أخوياً كاملاً مع السيدة إلهان أو إلهام عمر تجاه ما تتعرض له من تشويه لمواقفها وتخويف شخصي لها، وتهديدها بالتصفية الجسدية من قبل غُلاة القوى اليمينية الأمريكية المتطرفة بمن فيهم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ذاته.
نتضامن معها ونحن في قمة الوجع والألم والمعاناة من قبل الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي تزود دول العدوان -المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة- ضد شعبنا اليمني المقاوم، بالسلاح والعتاد والذخائر والعمل الاستخباراتي واللوجستي والحماية الدبلوماسية والسياسية.
شعبنا اليمني يتعرض لعدوان وحشي وحصار خانق وتضليل إعلامي من قبل دول العدوان ودعم وإسناد جميع الدول الغربية الاستعمارية منذ ال 26مارس 2015م وحتى كتابة هذه الأسطر، هذا العدوان غير المبرر هو أكبر انتهاك لحقوق الإنسان في العالم, ومع ذلك نتضامن مع أي صوت حر وموقف إنساني تجاه الطغيان في أي مكان في العالم، والله أعلم منا جميعاً.
وفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم
* رئيس مجلس الوزراء
صنعاء أبريل 2019م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.