أنشطة عدائية توسعية لنظام آل سعود للسيطرة على أراضي دول الجوار من عسير إلى نجران وجيزان الدعوة الوهابية تنهش بمخالبها تربة اليمن الطاهرة في الجزء السابق من ورقة العمل الرئيسية الموسومة بالعداء التاريخي السعودي وحروبه العسكرية على اليمن «قراءة تاريخية» والتي اعدها العميد الركن مهندس حسن علي السياني المقدمة في الحلقة النقاشية التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة بالتعاون مع دائرة التوجيه المعنوي والذي تناول فيه الباحث الغلو السعودي في معاداته لليمن الأرض والإنسان من الناحية المذهبية وهو عداء أساسي فرضه آل سعود من منطلق الفكر الوهابي الإرهابي أساس القاعدة وداعش، حيث تطرقت الورقة الى أسباب مجزرة تنومة ووادي سدوان المذهبية والسياسية والاقتصادية وحاكى الباحث احداث المجزرتين وواقعيتها من مصادرها الدينية والتاريخية. وفي هذا الجزء تناول الباحث الحروب السعودية التوسعية في الأراضي اليمنية عبر مراحل التاريخ وأطماعها الكبيرة في توسع مساحتها الجغرافية على حساب أراضي الدول المجاورة والذي نادى به مؤسس الدولة السعودية الأولى الأمام عبد العزيز بن محمد وذلك كما يلي: عرض: نبيل السياغي - أحمد طامش منطقة عسير بدأ نشاط السعودية في عسير في عام 1211ه 1796م حينما أرسلوا جيشاً بقيادة ربيع بن زيد الدوسري أغار على جماعة من شهران , وسار في عام 1212ه إلى بيشه وحاصرها حتى بايع أهلها على السمع والطاعة للدولة السعودية مما حدا بالشريف غالب أن يجهز حملة كبيرة في العام نفسه واستعادة البلد وفي طريق عودة الشريف واجهته القوات السعودية في الحزمة وهزمته. في عام 1213ه 1798م أعاد ربيع بن زيد الدوسري الكرة مهاجماً بيشة واستولى عليها وأصبحت تابعة للدولة السعودية وعين الإمام عبدالعزيز بن محمد احد زعماء تلك المنطقة سالم سكبان أميراً عليها وصار الطريق ممهداً أمام نفوذ الدولة السعودية نحو الجنوب. وقد أدى اقتناع عبدالوهاب أبي نقطه وأخيه محمد من زعماء عسير بالدعوة الوهابية إلى انضمام عسير إلى الدولة السعودية . المخلاف السليماني «جيزان» وصلت أخبار الدعوة الوهابية إلى منطقة المخلاف السليماني في الفترة التي وصلت فيها إلى اليمن وبدأ انتشارها الفعلي في عام 1215ه 1800م على يد أحمد بن حسين العلقي من أهالي صبياء وعين العلقي والياً عليها لكنه واجه معارضة من بعض أهالي المنطقة مما حدا بالسعودية إلى إرسال قوة تؤيد مؤيديها كان هناك خلاف بين أهالي إمارة أبي عريش على بن حيدر وعم الشريف حمود بن محمد المسمى بأبي مسمار معارضاً للوهابيين انتصر عليها مما حدا بالسعودية إلى الخروج من الإمارة وتولى أبي مسمار الحكم فيها, قامت الدولة السعودية بإرسال تعزيزات من عسير بقيادة عبدالوهاب أبى نقطة وذلك لقتال الشريف حمود ولعدم قدرته على مقاومة السعودية , طلب العون من الإمام في صنعاء فخذله مما أدى إلى إعلانه السمع والطاعة للسعودية وبقى أميراً عليها وتم ربطه ماليا وإدارياً بأمير عسير وتهامة عبدالوهاب أبي نقطة. ولكن الشريف حمود توجه بقواته الى الأراضي اليمنية رداً على خذلان الإمام له وبعد تحقيق انتصارات طلب من السعودية استقلاله إدارياً ومالياً عن إمارة عسير . استطاع الشريف حمود أن يضم مناطق من الأراضي اليمنية للنفوذ السعودي مثل الحديدة وزبيد وتوغلت قواته إلى قرب عدن في الجنوب طلب الإمام سعود بن عبدالعزيز من الشريف حمود مهاجمة صنعاء ولكنه تقاعس لصعوبتها وخشية من هجوم أمير عسير عليه من الخلف . أوعز الإمام سعود إلى أمير عسير بالهجوم على الشريف حمود فزحف إلى المخلاف السليماني ودارت معركة كبيرة في عام 1224ه 1809ه قتل فيها أبو نقطة وبعد أن حققت قوات الشريف حمود الانتصارات انسحب إلى قلعة أبي عريش وتولى إمارة عسير طامي بن شعيب وتمكن من انتزاع اللحية والحديدة من الشريف حمود الذي طلب الصفح من الإمام سعود على أن يدفع الخراج الى خزينة الدولة السعودية فوافق الإمام على الطلب عام 1226ه 1811م . العلاقة بنجران ساءت العلاقات بين سكان نجران من المكارمة والسعودية منذ وقت مبكر حيث كانوا يدعمون المعارضة للوهابية «الإصلاح»ولحكم السعودية, شكلت القوات النجرانية تهديداً للسعودية في أكثر من موقف. في 5 رمضان 1177ه / 1764م قام الإمام عبدالعزيز بن محمد على رأس قوات كبيرة بمهاجمة منطقة «قذله» لتأديب العجمان على مهاجمتهم قبيلة مبيع الموالية للسعودية وانتصر عليهم واتصلوا بحاكم نجران احسن ابن هبة الله المكرمي»شيعي المذهب» وطلبوا منه مساعدتهم ضد الدرعية ,جمع حاكم نجران جيشاً كبيراً وسار به إلى الحائر جنوب وادي حذيفة وشدد الحصار عليها , علمت السعودية بالأمر وأرسلت جيش لكنهم هزموا وقتل واسر الكثير منهم في عام 1178ه 1764م وقد استطاع السعودي وعقد صلح مع حاكم نجران استعادوا بموجبه الأسرى السعوديين. في سنه 1202ه 1787م استنجد المعارضون للدولة السعودية بحاكم نجران فأمدهم بنجدتهم وهو على رأسها ولكنه انسحب. في عام 1210ه / 1795م غزا مبارك بن هادي بن قرمله نواحي نجران وقاتل باديتها وانتصر عليهم . في عام 1220ه / 1805م غزت نجران قوات سعودية ضخمة بقيادة عبدالوهاب أبي نقطه امير عسير وفهاد بن شكمان زعيم بيشه وابراهيم بن مبارك رئيس الوادعيين من الدواسر وقع قتال شديد وعادت القوات السعودية بعد أن أقام أبي نقطه قصراً عظيما وأبقى فيه حامية عسكرية كبيرة كحراسة القصر ولمضايقة النجرانيين عسكرياً واقتصادياً (1). في عام 1224ه 1809م حارب النجرانيون مع الشريف حمود أبي مسمار ضد عبدالوهاب أبي نقطة لم تخضع نجران للنفوذ السعودي خضوعاً كاملاً رغم التواصل بالإمام سعود بن عبدالعزيز على مر التاريخ. في عام 1322 ه – 1904 م توفي الإمام المنصور محمد حميد الدين الذي كان يقود مقاومة الاتراك في اليمن ، وتولى الإمامة من بعدة الامام يحيي الذي سمي نفسه المتوكل على الله بعد أن اجمع علية اهل اليمن ، وكانت تنتظره مجموعة من المهام الرئيسية : إخراج الأتراك من اليمن وتحريرها منهم. أقامة الدولة اليمنية المستقلة القادرة علي سد الفراغ الذي ستخلفه الدولة العثمانية وجمع القبائل حولها والسعي للاعتراف بها من المجتمع الدولي. اعادة منطقة عسير وجيزان ونجران إلى سيادة الدولة اليمنية والتي كانت المملكة السعودية قد بسطت النفوذ عليها . عمل الإمام يحيي جاهداً على تنفيذ تلك المهام حيث قام بقتال الاتراك حتي إخراجهم من اليمن وذلك عبر اتفاقية بين الإمام يحيي والدولة التركية سميت باتفاقية» دعان « الشهيرة وذلك في عام 1911م ، وقد تضمنت قيام الإمام يحيي بالإشراف علي شؤون القضاء والأوقاف وتعيين الحكام والمرشدين وتشكيل هيئة شرعية من البلاد ، وبذلك حصل الإمام على الاعتراف به رسمياً ملكاً على اليمن تحت سيادة أسمية للدولة العثمانية . بعد هذه الاتفاقية دفعت الحكومة الايطالية بالإدريسي في المخلاف السليماني لمد نفوذه إلى السواحل الغربية اليمنية والسيطرة عليها بمساندة الأسطول الايطالي في مواجهة الاتراك ، تم تنفيذ المهمة التي كٌلف بها ثم حاول السيطرة علي المناطق الجبلية الشمالية التي تقع تحت أمرة الإمام يحيي مباشرة فأمر الإمام يحيي نائبه محمد بن الهادي تجهيز قوة للقضاء علي تحركات الادريسي وبعد معارك عنيفة وعديدة استطاع هزيمته في عام 1332ه – 1914م واستولى على عدد كبير من الأسلحة والذخائر الايطالية وتم إخراجه من المواقع التي كان قد احتلها. في عام 1914م قامت الحرب العالمية الاولي وقامت الدول العربية بالانضمام الي المعسكرات المتصارعة عدا اليمن بقي الامام يحيي فيها علي الحياد ، تم التنكيل بالاسرى عدا اليمن التي عاملتهم معاملة حسنة واعطتهم حق اللجؤ او السفر الي بلدانهم . في عام 1918م انتهت الحرب العالمية الاولى التي كان من أهم نتائجها خروج الاتراك من كل المناطق اليمنية الشمالية عدا المناطق اليمنيةالجنوبية « عدن « رزحت تحت الاحتلال البريطاني في هذه الأثناء تم إعلان اسم المملكة المتوكلية اليمنية . في عام 1918م وعلى حين غفلة هاجمت البحرية البريطانية سواحل اليمن الغربية واحتلت ميناء الحديدة وحاولت تدويل السيادة على الحديدة وطرح القضية على عصبة الأمم فقام الإمام يحيي بتهديد البريطانيين ومقاتلتهم في المناطق الجنوبية والزحف على عدن وبالفعل تم الزحف والسيطرة على أربع مناطق وهي الضالع – الشعيب – الاجعود – القصيب ، شعرت بريطانيا بخطر توجيه القبائل اليمنية لقتالها وتحرير كامل الجنوب فأعلنت مبادرة التفاوض مع الإمام يحيي والتي لم تنجح واستمر القتال باتجاه الجنوب . قامت بريطانيا بتسليم الساحل الغربي وميناء الحديدة للأدارسة وتشجيعهم على إعلان استقلالهم في تلك المنطقة وبعد أن وقع الادارسة معاهدة حماية مع بريطانيا تتيح لها السيطرة على هذه المنطقة بطريقة غير مباشرة . قام الإمام يحيي بتجهيز حملة كبيرة للسيطرة علي المناطق الجبلية المطلة على «الخوخة – المخا – ذباب – باب المندب « وتم الاستيلاء على « ذباب – الشيخ سعيد – وباب المندب» والتمركز فيها كانت الحديدة وبعض المناطق « باجل – اللحية – الصليف « تابعة للمحمية البريطانية بإدارة الادارسة وكانت القوات اليمنية متمركزة في سفوح تهامة من باجل الي حجور ، بعد موت السيد محمد بن علي الادريسي نشب الخلاف بيت اسرة الادريسي قامت القوات اليمنية بمهاجمة تلك المناطق والاستيلاء على « باجل – الحديدة – الموانئ – الصليف – اللحية – ميدي « ومدن تهامة « الضحي – الزهرة – المنيرة – الزيدية – المراوعة وغيرها» . في عام 1925م سيطرت القوات اليمنية على بعض مناطق عسير «صامطة – أبي عريش وغيرها» لجأ الحسن الادريسي إلى الملك عبد العزيز آل سعود لمساعدته وكان الملك عبدالعزيز منتظراً لهذه اللحظة والفرصة التي كان ينظر لها من زمان فأرسل جيوشه التي أخضعت عسير حتي جيزان وسرعان ما أستثمر هذا التدخل وعقد معاهدة مع الادارسة سميت « معاهدة مكة» والتي بموجبها اصبحت عسير وجيزان محمية تابعة للملك عبد العزيز. بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية قسم البريطانيون الجزيرة العربية ، واستقل شمال اليمن عن الإمبراطورية العثمانية ، وقامت المملكة المتوكلية اليمنية عام 1918م وملوكها من آل حميد الدين ، وكان الأدارسة يسيطرون على جيزان وعسير والسواحل الغربية حتى الحديدة وعقدوا معاهدة صداقة مع الإنجليز عام 1915م وبدأ بتلقي المساعدات المالية عام 1917م وأقاموا معاهدة مشابهة مع ابن سعود عرفت بمعاهدة «دارين» بحضور النقيب ويليام هنري شكسبير وتخلى البريطانيون عن سياسة عدم التدخل في شؤون وسط الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية وسلموا الحديدة إلى الأدارسة عام 1926م كانت علاقة الإمام يحيى حميد الدين سيئة مع الإنجليز وكان يحاول بسط نفوذ المملكة المتوكلية على باقي اليمن فخاض حروباً ضد سلاطين جنوباليمن المرتبط بالإنجليز وكان جيشه على بعد خمسين كيلو متر من عدن فتدخل البريطانيون أخيراً وقصفوا قعطبة وتعز بالطائرات لمدة خمسة أيام ، وخاض حروباً مماثلة مع الإمارة الإدريسية دفعت الأدارسة للإلتحاق بإبن سعود, أدرك الإمام أن توقيع معاهدة مع الإنجليز أمر لا مفر منه خاصة أن قوات بن سعود كانت تهدد المناطق الشمالية للبلاد، في عام 1932م، توجه الإمام إلى مناطق قبائل وائلة ومنها إلى نجران موطن قبيلة « يام «حيث قام عدد كبير من هذه القبيلة بمناصرة الإمام وطُرد جيش بن سعود من المنطقة . نجران لم تكن مصدر المشكلة بل عسير، إذ أدرك الأدارسة أن ابن سعود سيبتلع بلادهم فنقضوا الحلف بينهم وبينه والتحقوا بالإمام عام 1933م وكانت قوات ابن سعود تحاول استعادة السيطرة على نجران حينها، فهرب كثير من سكان نجران إلى عسير وقامت الحرب اليمنية السعودية عام 1934م وكانت حرباً بين الأدارسة في عسير وجيزان والحديدة التابعة للإمارة الادريسية حينها وبين آل سعود ولم تشتبك قوات الإمام يحيى مع ابن سعود إلا في نجران ، واستعاد ابن سعود نجران وأنسحب مائة كيلو متر بعد صبيا كانت قد سقطت بيده من الأدارسة وتم توقيع معاهدة الطائف في 1934م,ولإدراك الإمام أن قواته لن تصمد أمام قوات ابن سعود وقوات سلاطين قبائل جنوباليمن وكلاهما كان متعاهداً مع الإنجليز تم إبرام معاهدة مع الانجليز وابن سعود , نصت المعاهدة بين الإمام والإنجليز على ضرورة تجديدها كل أربعين سنة ومع ابن سعود كل عشرين سنة وكانت هذه المعاهدة هي ما حدد حدود شمال اليمن بين ابن سعود في شماله والإنجليز وسلاطين ما عُرف باليمنالجنوبي في جنوبه وجاء في المعاهدة أن تُضم عسير إلى السعودية عقب وفاة الأمير الإدريسي. في عام 1962م, قامت ثورة أخرى استطاعت إسقاط الإمامة وقتل الإمام أحمد ومحاصرة قصر الإمام محمد «البدر» أحمد حميد الدين وإعلان الجمهورية العربية اليمنية في 26سبتمبر 1962م ففر الإمام البدر إلى السعودية التي قدمت له الدعم وأغرقته والقبائل الموالية بالأموال والمرتزقة ومن خلفه بريطانيا والأردن واستمرت المعارك التي تدخل فيها الجيش المصري لصالح الثوار الجمهوريين سبع سنوات انتهت بانتصار الجمهوريين وقيام الجمهورية العربية اليمنية. في 1974 م، طلبت السعودية اعتماد الحدود نهائيا ووافق وزير الخارجية اليمني آنذاك على الطلب إلا أنه قوبل برفض شعبي وسياسي كذلك أدى إلى رفضه, تم اعتماد الحدود بعد اتفاق جدة في 13 يوليو عام 2000م .