إن مقتل الرائد نعمان صالح في منطقتنا الوسطى كان ضمن جدول ممارسة القتل والقتل الآخر بدلاً من ممارسة ديمقراطية الرأي والرأي الآخر بين منظمة المقاومين الثوريين اليمنية وسلطة صنعاء. وحادثة مقتل نعمان كانت حلقة من سلسلة الحملة القبيلة والعسكرية التاسعة التي وجهها المقدم أحمد الغشمي رئيس الاركان حينذاك الى المنطقة الوسطى وفي أوائل عام 1975م دون علم الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي.. وقد قتل الرائد نعمان وجميع مرافقيه بكمين مكون من ثمانية أشخاص دون أن يصاب أحدهم بأذى وهذا يدل ان منظمة المقاومين ومعظمهم كانوا عسكريين أو موظفين في صنعاء يدل ان المنظمة كان لها اليد الطولى في المنطقة الوسطى لكن السلطات المتعاقبة لا الارياني ولا الغشمي ولا علي عبدالله صالح استوعبوا ذلك.. فقد استمرت الحروب ضد المنطقة 13عاماً نتج عنها سفك دماء الآلاف من الطرفين وتهدمت مئات المنازل وشرد آلاف الأسر دون ان تستوعب السلطات المتعاقبة دروسها المرة.. فو اعطى تحليلاً قصيراً جداً وحيادياً عن مقتل الرائد نعمان أجزم القول ان عساكر الدولة كانوا المهاجمين في حروب ظالمة ضد من اسموهم «مخربين» واعضاء منظمتنا كانوا المدافعين دفاعاً مشروعاً عن أنفسهم.كما ان الرائد نعمان كقائد عسكري كان من واجبه التموضع في معسكرات الدولة والاشراف على حماية مراكزها المدنية والعسكرية.. لكن ايس من حقه إهاة المواطنين وإجبارهم على شق طرقات الى الجبال المجاوره للقرى لتحويلها الى مواقع عسكرية. ملاحظة: بعد عملية مقتل الرائد نعمان أيدها معظم اهالي المنطقة وعارضها البعض، أما استشهاد السيد سفيان محمد وجيه الدين وابن اخيه رضوان منور، وعبده الحاج طاهر العماري فقد استهجنها كل اهالي المنطقة الوسطى، ولم تعرها الدولة الاهمام اللازم بل ان النقيب داحش علي داحش علق بقوله: «مابلا جيد على سب أهل المنطقة يشنوا المقاومين». عودة الى الموضوع : بعد استشهاد السيد سفيان محمد وجيه الدين ومعه اثنين من أبناء منطقة عمار الابرياء: وهم عبده الحاج وطاهر ورضوان منور حزن أهالي مخلاف عمار والمناطق المجاورة له على استشهاده ومعروف عنه اراؤه السديدة وقدرته المعهودة على اصلاح ذات البين اضافة الى فقاهته والمامه بعلوم الدين وعدم انتمائه الى حزب سياسي وبدورها منظمة المقاومين عبرت عن حزنها واسفها عن استشهاده ببيان صادر لها في مساء نفس يوم 5/4/1975م واكدت عن عدم معرفتها بأنه كان بمعية الصريع نعمان صالح سيف لكن هذا المبرر وان كان منطقياً نسبياً فانه لا يعفي منظمتنا من تحمل الجزء الاكبر من مسؤولية استشهاد السيد سفيان وابن اخيه رضوان وعبده الحاج واصابة الطفل محسن سفيان وجيه الدين بحروق وجراح غائرة مازال آثارها على جسده الى اليوم. تفاصيل العملية على لسان احد ضحاياها وكذلك من المنغدرين وهي: تفاصيل عملية اغتيال الرائد نعمان صالح سيف إن بعض تفاصيل اغتيال الرائد نعمان صالح في 5/4/1975م سمعتها وكنت حينذاك طالباً في الشطر الجنوبي من الوطن لكنني فضلت ان تقال من قبل الناجي الوحيد منها والذي نجا بأعجوبة كون شهادته اقوى من غيرها انه الاستاذ محسن سفيان محمد وجيه الدين والذي تفضل مشكوراً وساعدني الاسبوع الماضي بأهم معلومات الحلقة الماضية من هذا البحث مشروع الكتاب القادم حول تفاصيل عملية سيارة الموت التي ازهقت ارواح تسعة اشخاص ولم ينج غيره قال الاستاذ محسن سفيان: حينذاك كنت طفلاً- بالصف الثالث ابتدائي- كنت عائداً من المدرسة وشاهدت سيارة نعمان وقفت تحت بيتنا واستدعوا والدي للصعود معهم من اجل مفاقدة العمل الجاري للطريق.. طرحت الدفاتر في البيت انا وابن عمي رضوان منور ولحقنا السيارة من نفس الطريق سيراً على الاقدام وشفنا السيارة عائدة وركبنا فيها وبعد مسافة بسيطة تفاجئنا القذيفة التي أصابت السيارة وقتلت بعض الموجودين تبع ذلك رصاص كثيف وقد شاهدت استشهاد والدي وابن عمي رضوان وانا اصبت بحروق من جراء احتراق السيارة وشظايا من القذيفة الصاروخية لازالت جزيئات صغيرة منها في جسمي الى اليوم.. سألت الاستاذ محسن هل رد مرافقي نعمان على المهاجمين؟ فأجاب لم استطع التركيز بعد اصاباتي البليغة لكنني عرفت في وقت لاحق وانا في المستشفى ان الرائد نعمان هو الوحيد الذي خرج من السيارة التي كان يقودها بنفسه ورد على المهاجمين باطلاق النار من مسدسه فقتلوه دون ان يصاب أي احد من القتلة.. واضاف محسن بعد اصاباتي وحروقي البليغة خرجت بصعوبة من السيارة وشاهدت اثنين من القتلة احدهم وجه البندق الى صدري والآخر منعه وابعد البندق وقال لزميله « مافيش داعي قده منتهي».. وعن اثر استشهاد والده وابن عمه امام عينيه لا أثر في نفسه قال الاستاذ محسن ان ذلك الاثر من الاحداث السوداوية التي لا تبرح الذاكرة وهي اسوأ تأثير في حياته لن ينساها حسب قوله. ملاحظات هامة: الملاحظة الاولى: الاستاذ محسن سفيان وصف المنفذين ب «القتلة» لم اعدل هذه الكلمة تركتها كما نطقها قائلها استناداً الى العرف الصحفي الاشتراكي الذي لا يجيز تعديل او شطب او اضافة لرأي الآخرين حتى لو نختلف مع رأيهم. الملاحظة الثانية: رفاقنا اعضاء منظمة المقاومين الثوريين كانوا مناضلين ضد سلطة انقلاب 5 نوفمبر من اواخر الستينات الى عام 1974م ومن أواخر عام 1974م الى 11/10/ 1977م كانوا مناضلين ضد الجناح اليميني الرجعي وعلى رأسهم احمد حسين الغشمي في عهد الشهيد الحمدي وبعد استشهاد طيب الذكر ابراهيم محمد الحمدي وحتى عام 1990م استمر نضال المنظمة التي كبرت الى جبهة وطنية ديمقراطية ضد السلطة الرجعية في صنعاء العملية للرجعية السعودية لذلك كان مسمى كل شخص مناضل مفرد مناضلين.. اما السلطات المتعاقبة في صنعاء فقد كانوا يوسموا رفاقنا باردأ مفردات اللغة مثل: «قتلة» «قطاع طرق» مجرمين مخربين وغيرها من المسميات والتوصيفات وتلك التوصيفات باطلة وظالمة حسب ما اثبتت الايام. الملاحظة الثالثة: قبل حوالي شهرين زمان كنت قد سألت احد المنفذين عمره الآن 71 عاماً سألته عن تفاصيل عملية اغتيال الرائد نعمان قال ما فيش داعي قد مر زمان طويل على ذلك قلت له انا اعد كتاب حول حروب المناطق الوسطى يعني نسجل تاريخ حروبها واحداثها كما جرت على الواقع لكنه رفض قلت فكر وسأتصل لك بعد يومين ثم اتصلت له وطلبت التفاصيل بإلحاح ثم وافق بشرط ان لا اذكر اسمه ولا اسجل صوته بتلفون او آلة تسجيل قلت حاضر شرطك مقبول ومطاع وسرد التفاصيل ملخصها: ان مندوبنا في دمت قد اتصل لنا ونحن مختبئون في احد جروف شعب عصم وقال: جايي اصليكم الرائد نعمان مع مرافقيه العسكر فقط قلنا له تمام والآن نشتيك تستأجر بسرعة سيارة انجيز وتلحقهم وتوصل قبلهم الى تحت بيت السيد سفيان اذ اطلع معه احد من المواطنين بلغنا واذا هم لحالهم النابي السكتة.. قال تمام حاضر وعدم اتصاله معناه ان نعمان وعساكره لحالهم فنفذنا العملية كما تعرفها.. ولم نعرف ان السيد سفيان وابن اخيه وعبده العماري انهم ضمن القتلى الا بعد ساعتين اما رفيقنا فلان من غباه لم يأخذ سيارة انجيز بل ركب في سيارة نعمان بعد استئذان المرافق لكنهم اكتشفوا ان معه جهاز وحبسوه وعذبوه شهرين ولم يغير كلامه انه لقي الجهاز تحت شجرة وانه لا يوجد له انتماء في منظمة المقاومين.. هو متأكد لو اعترف سيقتلوه. عودة الى الموضوع الرفيق فلان الذي بدأ يشرح لي عن ذاك السجين الذي عذبوه في دمت ولم يعترف وكيف اخذوه ورفاقنا الى عدن وعالجوه ثم حاكموه و..و... فقاطعته قائلاً: شكراً لك يا عم فلان انا عارف حكايته وساشير اليها في حلقات البحث الذي اكتبه حالياً.. رد ضاحكاً تمااااام وفرت كما عندي “جشرة” من كثرة التتن- المقصود بالجشرة السعال والمقصود ب”التتن” التمباك- حكاية السجين الذي صمد لتعذيب الجلادين في سجن دمت ما فيش داعي لذكر اسمه لكونه مريضاً وقد تجاوز ثمانين عاماً من عمره – لكن رغم صموده وخروجه من السجن بعد تعذيبه ونزع اظافره فقد ادانوه رفاقنا بانه المتسبب لمقتل ثلاثة مواطنين وجرح رابع من ابناء المنطقة بانه المتسبب لمقتل ثلاثة مواطنين وجرح رابع من ابناء المنطقة خاصة والعمل الاستخباراتي ليس جديداً عليه كونه كان مساعد اول في جهاز المخابرات في صنعاء من عام 1965م الى عام 1968م مبررة قال: ان السيارة التي بعهدته كانت عاطلة ولم يجد سيارة انجيز واضطر الى صعود سيارة نعمان ولم يكن يتوقع اكتشاف جهازه اللاسلكي.. لم يقتنع رفاقنا بهذا المبرر فأحالوه الى المحكمة العسكرية في عدن.