البشاعة و..”طيور الجنة” وأسرار تنشر لأول مرة في أحداث المناطق الوسطى لربط هذا الموضوع بسابقه أود الإشارة إلى أنني ذكرت في الحلقة الماضية بعض الأعمال البشعة التي مارستها سلطة 5 نوفمبر بحق أبناء المناطق الوسطى .. فهذا الشهيد يقطعوا رأسه ويعلقوه مفرج للحارة وأولئك يسحبوهم خلف السيارات حتى الموت وذاك المقبوض كأسير حرب يضربوه ثم يقتلوه ثم يرموه إلى وادي سيل بنا ..الخ من البشاعة ورفاقنا أعضاء منظمة المقاومين لم يكونوا “طيور الجنة” فلكل فعل رد فعل ومن نتائج ردود أفعال رفاقنا هو مقتل الشيخ ناجي مسعد الحدي والشيخ عقيل محمد الحدي. وامتدت الأحداث من جديد من عمار إلى العود بين المشائخ وخصومهم وكذلك مخلاف خبان لم يكن خالياً من الأحداث وكل تلك الأحداث في مختلف مخاليف المنطقة الوسطى التي جرت خلال عامي 1972 – 1973م غذتها وأشعلتها سلطة 5 نوفمبر بقصد تأجيج المزيد من الصراع بين أبناء المنطقة. لم يقتصر على الفترة المذكورة بل استمر خلال فترات لاحقة حتى أوائل يونيو 1974م، وفي عهد الحمدي حملة واحدة وفي عهد علي عبدالله صالح جرت حرب استمرت عامين من 1981م إلى أواخر عام 1982م ملاحظتان عندما كنا في الشطر الجنوبي من الوطن سمعنا عام 1975م عن مقتل عدد من مواطني المنطقة الوسطى في سجون السلطة في دمت أمثال مسعد ضيف الله المدحجي(1) ومسعد الأبهر(2) ومحمد الشجاع(3) وحمود الزبيدي(4) وغيرهم من الضحايا الذين قتلوا على يد المقدم احمد محسن”5” وجماعته في سجن دمت وسيتم توضيح ذلك في سياق الموضوع لاحقاً ووفقاً للتسلسل الزمني للأحداث. في عام 1979 قامت السلطة بعشرات الأعمال البشعة وكان أبشعها جريمة كبرى لا تبرأ لم تحدث قط في تاريخ اليمن تمثل ذلك في إحراق ثلاث نساء إحداهن حامل بشهرها الثامن. وقد حاولت السلطة في عهد علي عبدالله صالح الصاق ذلك الفعل البشع إلى احد المحسوبين عليها من أبناء المنطقة لكن الوثائق الرسمية أثبتت بطلان ادعاء السلطة. سيتم توضيح ذلك في سياق الموضوع لاحقاً ووفقاً للتسلسل الزمني للأحداث. عودة إلى الموضوع: اشتعل محدداً الصراع بين مشايخ الرياشية والموالين لهم وبين منظمة المقاومين والمؤيدين هناك لهم وكانت النتيجة كالعادة قتل وقتل آخر.. أما مخلاف الحبيشية وكالعادة كان الصراع في اشد من أي مخلاف آخر أما طيور الجنة فهم الأطفال والنساء من اسر طرفي النزاع والمواطنين المحايدين الذين قتلوا برصاص طائش ولا احد سواهم. المواجهات المسلحة بين مشايخ مخلاف الحبيشية وخصومهم الصراع والمواجهات المسلحة بين المشايخ وخصومهم في مخلاف الحبيشية كان الاشد والاشرس من سلسلة “القتل والقتل الآخر” في المناطق الوسطى وكنت اود كتابة تفاصيله لكنني ترددت فاتصلت بالاخ والصديق الدكتور صالح محسن الجماعي أستشيره بهذا الشأن وطبعاً ليس بصفته الأكاديمية “دكتوراه في إدارة الأعمال” يعمل حالياً في وزارة الزراعة في صنعاء ولكن بصفته زميلي في مدرسة النجمة الحمراء في جنوب الوطن خلال الفترة من أواسط عام 1972م إلى أوائل عام 1977م وأنا وغيري لم نعرف منه غير الصدق وكذلك بصفته عضواً سابقاً في منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين منذ عام 1972م والجبهة الوطنية الديمقراطية فيما بعد وقد عايش بعض الأحداث التي جرت في منطقته. قال لي الدكتور الجماعي: ما فيش داعي للتفاصيل وذكر أسماء في هذا الشأن الحساس فاستحسنت رأيه السديد كونه اكبر مني سناً وأوفر عقلاً.. ملاحظة: خلال فترة دراستنا ومعرفتنا بالأخ صالح محسن الجماعي لم نعرف منه غير الصدق فإذا حصل جدل أو خلاف حول أي شيء ويشهد فيه الكل يقول خلاص قد قال صالح الجماعي شهادته أي انه مصدق لدى جميع من يعرفه هذا بالإضافة أن الأخ صالح محسن الجماعي يتميز بالرصانة والطيبة والأخلاق العالية.. عودة إلى الموضوع أعلاه: اقتنعت برأي الدكتور صالح لذلك رأيت تدوين رأيه هنا كتصريح من شخصه الكريم حول ما جرى في مخلاف الحبيشية خلال عامي 1972م – 1973م. قال الدكتور صالح محسن الجماعي: إن الأحداث التي حصلت في مخلاف الحبيشية كانت عبارة عن فعل ورد فعل راح ضحيتها بعض المشائخ وبعض أعضاء منظمة المقاومين الثوريين اليمنيين وبعض المواطنين الأبرياء ونفس الذي حصل في مخلاف الحبيشية حصل تقريباً في بقية مخاليف المنطقة الوسطى لكنه ليس صراعاً بين جمهوريين وملكيين كما يظن البعض خطأ ليس الأمر كذلك فالواقع أن الغالبية العظمى من مشايخ المناطق الوسطى هم مع الثورة والجمهورية لكن جاءت رياح الأحداث بما لا تشتهيه سفن النوايا.. واختتم الدكتور صالح الجماعي تصريحه بالقول: إن الأحداث التي جرت في أوائل السبعينات من القرن الماضي تعتبر الآن جزءًا من التاريخ لكن من المهم جداً أن يستفيد ما تبقى من جيلنا وجيل أولادنا من دروس أحداثها المرة وان لا تتكرر مطلقاً. انتهى حديث الدكتور صالح محسن الجماعي وكان حديثه مسك ختام للشروح التي حظيت بها الأحداث الداخلية في المناطق الوسطى خلال عامي 1972م – 1973م من الحلقة رقم 17 إلى هذه الحلقة رقم 29 أي 13 حلقة في عدد الأربعاء القادم اكتب تحليل حولها وما سبقها. الهوامش: مسعد ضيف الله المدحجي: مواطن من قرية الحذذ وكان مغترباً في أمريكا عاد من مطار صنعاء بعد سماعه باعتقال أهل قريته فعاد إلى دمت وحاول إطلاقهم دون جدوى, فحصلت مشادة كلامية بينه وبين احمد محسن قائد المنطقة تحولت إلى اشتباكات بالأيدي واستطاع التغلب على احمد محسن ومرافقه فاجتمع لضربه خمسة أشخاص وضربوه بقوة حتى استشهد بتاريخ 6/4/1975م. مسعد محسن الأبهر: مواطن من قرية العكرة مخلاف عمار لواء إب استشهد عام 1975م في سجن دمت من جراء عدة ضربات بمطرقة كبيرة في رأسه حتى فارق الحياة بأمر من المقدم احمد محسن التعزي قائد منطقة دمت محمد الشجاع: مواطن من قرية سحقان مخلاف عمار لواء إب استشهد عام 1975م في دمت بعد أن أخرجوه هو مجموعة من المواطنين من سجن دمت وقيدوهم ورموهم إلى سيل وادي بنا المجاور لدار الحسن. حمود الزبيدي: مواطن من قرية سحقان – عمار- استشهد من جراء بشاعة التعذيب في سجن دمت وذلك عام 1975م المقدم/ أحمد محسن قائد منطقة دمت عدة سنوات - أمر بإعدام 169 مواطناً من أبناء المناطق الوسطى لمجرد الاشتباه بدون محاكمة.