يوم الاثنين الماضي صادف مرور 34 عاماً على احداث 13 يناير 1986 في جنوب الوطن والتي استمرت تسعة ايام هلك في اتون حربها كثير من الكوادر السياسية والعسكرية القياديين وكثير من اصحاب الكفاءات المهنية والتقنية تلك الاحداث للاسف لم يتم تقييمها بشكل موضوعي من احد.. بإستثناء القليل بوجهة نظر احادية الجانب. وقد عودتنا السطلة السابقة ما بعد عام 1994م واعلامها الموجه ان تجعل من ذكراها كل عام مناسبة وفرصة سانحة لتوصيف الحزب الاشتراكي بارداء مفردات اللغة.. استندوا الى احكام جاهزة لاتخلو من الادانات والتقريع للاشتراكي بدلاً من التقييم الموضوعي لتلك الاحداث والتي وان اضحت جزءاً من التاريخ لكنها كانت ولازالت تحمل في طياتها عبرة لدروس قاسية ومريرة ينبغي الاستفادة منها. في البداية اود الاشارة الى انني قد كتبت في 13يناير من العام الماضي 2019م حول او عن هذا الموضوع في هذه الصحيفة بعنوان :"مشاهدات من احداث يناير الدامي عام 1986م" لكن بشكل مستعجل وفي هذا العام بحثت عن اي جديد لنفس الشأن ووجدت ما تيسر من الجديد الذي يستحق ان يكتب في هذه المادة كمعلومات اضافية للموضوع السابق لذلك اذا وجد تكرار غير حرفي لبعض الفقرات فهو اضطراري يتطلبه السياق الذي هو كل لا يتجزأ.. كما اود الاشارة ان حرصي على الكتابة لنفس الشأن وكشف ما تيسر لي من حقائق واسرار ليس بصفتي صحفياً بل بصفتي من الضباط الشباب.. تضررت من تداعياتها الاولى في ابين اواسط عام 1984م وفي يناير عام 1986م اكتويت بنارها في عدن. ففي 17 يناير من عام 1986م تعرضت للاعتقال والسجن في مدينة التواهي محافظة عدن.. وفي احد ايام الاعتقال شربت بولي من شدة العطش وكان ضمن المعتقلين زملائي عبداللطيف علي عبدالله وسيف ثابت - الله يحفظهم – كنا ثلاثتنا برتبة ملازم اول حينذاك جملة السجناء في سجن مركز شرطة التواهي 106 أشخاص من بينهم الاستاذ راشد محمد ثابت عضو اللجنة المركزية وزير الثقافة والرائد نعمان عبده التعزي مدير دائرة الدفاع المدني وعدد من المسؤولين وكنا محشورين في غرفتين سعة الواحدة منهما المتوسطة 18 شخصاً.. قضينا خمسة ايام في السجن بدون اكل والماء لكل واحد يومياً مليان غطاء قارورة فقط.. خمسة ايام كانه دهر.. وبعد خروجنا من السجن بعد ان تم اقتحامه واقتحام مركز الشرطة في التواهي من قبل افراد حراسة علي عنتر ومجموعة من كتيبة اللواء الخامس مظلات التي كان اركانها حينذاك الملازم اول منصور راجح صيبعان بعد خروجنا من السجن بيومين شاركت مع رفاقنا من الجبهة الوطنية و مجموعتين من المتطوعين من ردفان والضالع في الهجوم الاخير على المعقلين الاخيرين لعناصر الزمرة في التواهي واصبت اصابات متوسطة وتم اسعافي الى مستشفى باصهيب العسكري.. في مستشفى باصهيب وجدنا علي سالم البيض مصاب بطلق ناري اصيب به اثناء انسحابه من مقر اللجنة المركزية بعد ان نجى من رصاص فريق القتلة لاعضاء المكتب السياسي بأعجوبه.. قال لي الدكتور الشرع اوبه تخبر احداً بوجود علي البيض لدواعي امنية قلت حاضر ومفهوم وعدت الى سريري في قسم جراحة الرجال المليىء بالجرحى من الطرفين ممن اسمونا "طغمة" واسميناهم "زمرة".. وقد كنت اتألم عندما اشاهد جريحاً يلفظ انفاسه الاخيرة بصرف النظر عن انتمائه.. حقاً لقد كانت حرب الايام التسعة من شهر يناير عام 1986م مأساة حقيقية فاقت توقعات مشعليها. اول الاحتقانات السياسية في ابين كما شاهدتها في اواخر شهر فبراير عام 1984م وكان عملي حينذاك ركن التعبئة العامة للواء الوحدة المرابط بجوار مدينة زنجبار عاصمة محافظة ابين كنت اسمع من بعض اصدقائي في زنجبار همساً بأن فيه مشاكل داخل قيادة الحزب ويوجد تياران تيار معتدل بزعامة علي ناصر محمد امين عام الحزب وتيار متشدد بزعامة علي عنتر واصحاب الضالع.. وقالوا ان علي ناصر ناوي يغير استراتيجية الحزب وتقييم علاقة قوية مع دول الخليج.. قلت لهم ربما هذه اشاعات.. قالوا اسأل اصحابك اعضاء الحزب في المحافظة وبا تعرف.. وفعلاً بعد يومين اتضح لي ان كلامهم حقيقة – وهذا سر ينشر لأول مرة. وبعد كم يوم حضرت اللقاء الشتاوري في قيادة المحافظة لمناقشة خطة التعبئة العامة للمحافظة.. حضوري كان بصفتي ركن التعبئة للواء الوحدة المرابط في عاصمة المحافظة زنجبار.. حضر اللقاء با حشيشة من المكتب التنفيذي وبعض القيادات الحزبية في المحافظة ولم يحضر الرائد علي ناصر لخشع مدير إدارة امن الدولة في ابين. وخطة التعبئة كالمعتاد كانت عبارة عن تحشيد للشباب الذين أكملوا التجنيد من مديريات المحافظة والآليات الحكومية والتقدم بدعم الوحدات لمهاجمة العدو الافتراضي المحصن على حدود محافظة البيضاء – شمال الوطن – لكن هذه المرة تفاجأت ان الخطة تغيرت لمهاجمة محافظة عدن – وهذا سر ينشر لاول مرة _ يتبع في عدد قادم