الحرب العدوانية التي تشن على اليمن وعلى صنعاء الإباء والمقاومة التي استعصت على حسابات الصهاينة ليست وليدة اليوم بل هي حرب عدوانية خطط لها من السابق فقط دخلت عليها التعديلات مؤخراً لكنها في مضمونها هي حرب استعمارية .. حرب سيطرة على موقع استراتيجي على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن .. وكنا في السابق قد قدمنا تحليلاً في حلقات اربع لما نضحت به احداث التاريخ القديم .. ومحتوى الصراعات الدولية على الاستحواذ على الملاحة في البحر الأحمر.. وفي هذه الحلقة .. نواصل القراءة لتلك المجريات التي تبرز الاهمية الجوسياسية للبحر الأحمر المجرى الملاحي وكشريان اقتصادي وتجاري جعل الدول العظمى تتجه با نظارها إلى جنوبالبحر الأحمر.. ويؤكد أحد الباحثين على الأهمية السياسية والعسكرية للبحر الأحمر .. بعد افتتاح قناة السويس في الامتداد الشمالي للبحر الأحمر .. وتواصل البحرين الأحمر والأبيض المتوسط .. وتحديداً بعد ان توصلت البشرية الى آلة البخار وقدرتها على تحريك السفن والبواخر ومضاعفة سرعتها وعدم اقتصارها على الرياح الموسمية .. مما ساهم في قدرتها وقد رافق شق قناة السويس صوراً متناقضة وحادة وصراعات شديدة القوة وعظيمة المؤامرات بين الدول الاوروبية التي كانت تسعى كل منها ان تكون لها اليد الطولى في البحر الأحمر شماله وجنوبه .. بدءاً من باب المندب ووصولاً الى قناة السويس التي شهدت فترات الاعداد لشقها صراعات فرنسية بريطانية ودخول روسيا.. والنمسا.. وكذا دخول الولاياتالمتحدةالامريكية ولومن بعد في ذلك الصراع بعد أن بدأت تحظى بوافر من النفوذ الصاعد الذي جاء على حساب المستعمرين القدامى الفرنسيين والبريطانيين .. وبالتحديد دخلت امريكا في منتصف العقد الخامس حيث تمكنت من ازاحة بريطانيا وفرنسا من البحر الأحمر .. مع أن الروس لم يكونوا بعيدين عن موروث ذلك الصراع والسعي الى ايجاد موطئ قدم ومساحة نفوذ فعلية في موانئ البحر الأحمر في جنوبه وعند مدخله الجنوبي سواء بتواجدها في اثيوبيا عندما كانت ارتيريا تقع تحت سلطة أديس ابابا , أو بتواجدها في الصومال .. أو بتواجدها في ميناء عدن قبل العام 1990م كل تلك الصراعات الدولية كانت في صدارة اهتماماتها واستراتيجياتها العسكرية والاقتصادية والسعي الى فرض سيطرة قوية على البحر الأحمر وكون اليمنبجنوبها وشمالها هي المطلة والمتحكمة جغرافياً على خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر في جنوبه المدخل الجنوبي الأكثر اهمية والأكثر خطورة .. واستمر التجاذب والاستقطاب للدول المطلة على البحر الأحمر, ودارت تلك الدول في فلك تلك الصراعات طوال عقود من الزمن .. حتى طلت مرحلة الستينات عندما بدأت أوروبا تدخل مرحلة التخلي عن الاستعمار المباشر..ودخول المنطقة بكاملها مرحلة جديدة اخرى , لكنها لم تتحرر من الارتهان للارتهان إلى الموقع الجيو سياسي والجيو استراتيجي لمنطقة البحر الأحمر, وحرص دول النفوذ الدولي على أن تبقى جسور ارتباط مع العديد من الدول المطلة على البحر الأحمر .. وبعض تلك الجسور لا تختلف كثيراً عما كان قائماً ايام الاستعمار المباشر .. إذ منحت الدول النافذة دولياً تسهيلات عديدة تبدأ بالتسهيلات التجارية ووصولاً لتسهيلات العسكرية.. وبذلك دخلت المنطقة مرحلة ذات سمات خاصة , ولم تخلو من الصراعات ولكنها انتقلت الى صراعات المطابخ الاستخبارية الدولية , وادارة المؤامرات وتحت طائلة ذلك الصراع ظهرت انظمة واختفت انظمة اخرى .. وتغيرت منظومات حكم في الدول المطلة على البحر الأحمر .. وفي كثير من تلك المنظومات كانت تقف مطابخ المؤامرات وشبكات استخباراتية عملت على اعتساف الأوضاع السياسية وفرض ركائز سياسية وأنظمة حسب الاهواء الدولية ومراكز النفوذ العالمي حسب المصالح الدولية ووفق معاييرها ومقاساتها .. بمعنى ان لندن كان لها ايادي في تغيير أنظمة وفي سيادة أنظمة , وخلت الى جانبها بصورة أكثر حضوراً الولاياتالمتحدةالامريكية , وروسيا ولم تكن باريس بعيدة عن مواكب التدخلات وفرض السياسات وفرض المواقف .. والمحور من كل هذه الصراعات كان البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن هوالحاضر المؤكد الذي أرسى من خلال سلطة الجغرافية ولعنتها كما يقولون .. فالجغرافية والموقع الاستراتيجي جعل اليمن ودول المنطقة هي التي تدفع ثمناً باهظاً تجلت في تدخلات سافرة , وفي اثارة مشكلات في إسالة دماء كثيرة واقتتالات وحروب.. فقد كانت الأيادي المتدخلة لا وروبا وامريكا واضيف إليها دور صهيونياَ طغى على الكل .. وأستأسد بعد أن وضعت استراتيجية ان يكون لتل أبيب دور اكثر وحضور قوي لايقل عسكرياً وأمنياً ونفوذاً طاغياً .. نواصل في الحلقة القادمة بأذن لله.