وجود مقاومة الامام يحيى للغزو السعودي: عدم إمكانية الاستمرار في الزحف والاحتلال وذلك للطبيعة الجبلية التي تمتاز بها المنطقة نظراً لأن القوات السعودية قد اعتادت على الحروب في مناطق صحراوية ولكنها لم تألف قط القتال في الجبال وأرجع البعض انكسارات القوات اليمنية نظراً لضعف تسليحها مقابل تسليح قوي للسعوديين الذي كانت تمدهم به بريطانيا . ويقول الاستاذ عبدالله البردوني في كتابه اليمن الجمهوري لجبن المسؤولين وفي مقدمتهم نائب الامام على الحديدة عبدالله بن الامام يحيى واخيه والذي طلع يهول الأمر على والده ويقول له: أن السعوديين لديهم معدات تسحق البيوت والدور على اهلها وكان يقصد الدبابات المجنزرة والمعروف ان بيوت تهامة في ذلك الوقت كان معظمها عبارة عن عشش من القش والامام يحيى يجهل ذلك والسبب الثاني ان القوات اليمنية اعتادت على القتال في الجبال وقد شبه بعض الكتاب الحرب بين الطرفين بالحرب بين الفيل والحوت لأن بدو ابن سعود لن يستطيعوا القتال في الاقاليم الجبلية اليمنية الوعرة ولم تفدهم المجنزرات كما لا يستطيع اليمنيون القتال في صحاري نجد، ولذلك فقد اضطر الجانبان للدخول في مفاوضات وقد كان الامام يحيى في حالة تعب وضعف كبيرين من الحرب رغم ان ابنه أحمد كان مصمماً على مواصلة الحرب بل أنه استمر فيها لفترة وجيزة بعد توقيع اتفاقية الطائف ولذلك فقد استطاع ابن سعود فرض شروطه على الامام والمتمثلة في إخلاء نجران وجبال عسير تهامة وتسليم الادارسة إليه وماطل الامام يحيى في الشروط ولكنه اضطر بعد ذلك للقبول باخلاء المناطق المذكورة وان يتم تسليم الادريسي الى لجنة الوساطة الاسلامية, ولكن ابن سعود اصر على تسليمهم الى الجيش السعودي. وفي 22ابريل 1934م قبل الامام يحيى جميع شروط ابن سعود وشرع في الانسحاب من المناطق المتفق عليها وتم تسليم الحسن الإدريسي وعبد العزيز الإدريسي إلى فيصل بن عبدالعزيز في الحديدة كما سلم بقية أفراد العائلة وعددهم 300 شخص وعلى اساس ذلك صدق الملك عبد العزيز على معاهدة الطائف في 7يونيو 1934 وصدقها الامام يحيى في 19 يونيو 1934م وبعد ذلك سلم عبد الوهاب الإدريسي إلى فيصل وهكذا تم تنفيذ جميع شروط الصلح. وفي 15 يونيو1934م سمح الملك عبد العزيز آل سعود لمبعوث الامام (عبدالله الوزير) بالعودة الى وطنه اليمن بعد ان كان قد احتجز في السعودية للضغط على الإمام يحيى خلاف المواثيق الإسلامية والإنسانية وحددت المادة بعشرين عاماً كما تقول المادة الثانية والعشرون وتظل سارية المفعول مدة عشرين سنة قمرية ويمكن تجديدها او تعديلها خلال الستة أشهر التي تسبق انتهاء مفعولها فإن لم تجدد أو تعدل تظل سارية المفعول إلى بعد ستة أشهر من إعلام احد الفريقين الفريق الآخر رغبته في التعديل (سنورد نص الاتفاقية لاحقاً) وهكذا نلاحظ كيف استغلت السعودية حالة الضعف والتشتت ونقص المعدات العسكرية لدى اليمن وقامت بالضغط عليها واحتجزت المفاوض اليمني عبدالله الوزير, واستغلت الدعم البريطاني لها من اجل فرض شروطها بينما نلاحظ التنازل السعودي عن منطقة البريمي نتيجة الضغط البريطاني . مرحلة الهدوء والتعاون: عادة مايخرج المهزوم من الحرب في حالة نفسية ضعيفة متضعضعة, ويكون مستعداً لقبول جميع شروط الطرف الغالب والمنتصر ويضطر إلى قبول التحالف معه فقد قبلت الدول المهزومة في الحربين العالميتين الأولى والثانية إلى قبول الاتفاقات الدولية المفروضة عليها وقسمت ألمانيا الى شطرين واقتطعت منها أجزاء كبيرة وفرضت شروط مهينة على اليابان ورغم ذلك قبلت اليابان ان تكون ضمن منظومة الدول الغربية وكذلك الجزء الغربي من ألمانيا. وبعد توقيع اتفاقية الطائف سعت السعودية الى رمي ثقلها في اليمن والتدخل في الشؤون الداخلية لها ودعم أسرة آل حميد الدين بكل ما تستطيع من وسائل. وهكذا اقتضت مصلحة السعودية ان تحافظ على الإمام وحكمه لأنه دعم آل سعود.. ووقف الى جوارها في الصراع مع عبد الناصر.. يتبع في الحلقة القادمة.