انهيار كارثي ..الدولار في عدن 2872 ريال    القوات المسلحة الجنوبية تتصدى لهجوم عدائي حوثي شمال غرب الضالع    مصور: استشهد بعملية إرهابية.. شبوة تودع الشهيد المصعبي بمراسم تشييع رسمية    مصر تعلن اكتشاف ذهب وفضة في الصحراء    الحشود تتوافد الى الساحات للمشاركة في مسيرات نصرة غزة    الأرصاد يحذر من التواجد في ممرات السيول    النجم الكرواتي مودريتش يعلن رسميا رحيله عن نادي ريال مدريد    إيجا تنهي مغامرة بيلندا وتبلغ النهائي الأول    النصر إلى مقر جديد.. الإيرادات نصف مليار.. ومغادرة رائد ومرام    الإسبانية نويليا.. ثاني صفقات سيدات الهلال السعودي    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    الذهب يرتفع مع تصاعد التوترات التجارية بفعل رسوم ترامب الجديدة    جريمة بشعة في الضالع ذبح طفلة حديثة الولادة ودفنها    تدشين امتحانات القبول والمفاضلة في كلية الطب البشري جامعة ذمار    أزمة أخلاقية في المجتمع المصري: للغش مطاوعة يدافعون عنه    رسميا.. توتنهام يتعاقد مع الغاني محمد قدوس    إقرار صهيوني بصعوبة القضاء على التهديد من اليمن    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    العثور على نوع جديد من الديناصورات    مكافأة تاريخية.. كم سيجني باريس سان جيرمان إذا توج بكأس العالم للأندية؟    عن بُعد..!    إتلاف أكثر من نصف طن من المخدرات المضبوطة في سواحل العارة    حزب رابطة الجنوب العربي ينعي الفقيد الوطني بن فريد    الكتابة والذكاء الاصطناعي    خطورة ممارسات "بن حبريش" على وحدة المجتمع الحضرمي    وزير النقل يزف بشرى بشأن انجاز طريق هام يربط مأرب    صدور قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    زوجة طبيب معتقل في صنعاء تكتب مناشدة بوجع القلب للافراج عن زوجها    إسرائيل تطالب واشنطن باستئناف الضربات ضد الحوثيين في اليمن    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    لماذا تتجدد أزمات اليمن وتتعاظم مع كل الاجيال؟!    صنعاء.. تحديد موعد إعلان نتائج الثانوية العامة    إنقاذ ناجين من السفينة "إترنيتي سي" واستمرار البحث عن مفقودين في البحر الأحمر    الحكاية من البداية غلط ..؟!    صعدة: ضبط 5 أطنان حشيش و1.7 مليون حبة مخدرة خلال عام    الدولار يتخطى 2830 ريالاً والبنك المركزي يناقش مع البنوك إعادة هيكلة الشبكة الموحدة    - الممثل اليمني اليوتيوبر بلال العريف يتحوّل إلى عامل بناء في البلاط اقرأ السبب ؟    ميسي يسجل ثنائية رابعة تباعا مع إنتر ميامي ويحطم رقم بيليه    الكثيري يطّلع على نشاط اتحاد التعاونيات الزراعية الجنوبي    بعد اتهامها بعدم سداد 50 ألف يورو.. غادة عبد الرازق تخرج عن صمتها وتكشف حقيقة ما حدث    صاروخ حوثي يهز سماء إسرائيل ودوي صفارات الانذار    تحذيرات أممية: أزمة الغذاء في اليمن تتفاقم وسط نقص حاد في المساعدات    سان جيرمان يلقن ريال مدريد درسا ويتأهل لنهائي كأس العالم للأندية    رئيس الوزراء يوجه بصرف مستحقات الطلاب اليمنيين المبتعثين وتصحيح قوائم الابتعاث    سريع يعلن استهداف مطار إسرائيلي    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    بابور الاقتصاد تايراته مبنشرة    سؤال لحلف بن حبريش: أين اختفت 150 ألف لتر يوميا وقود كهرباء    ما فعلته الحرب بمدينة الحُديدة اليمنية .. رواية (فيلا ملاك الموت) للكاتب اليمني.. حميد عقبي.. سرد سينمائي يُعلن عن زمن الرماد    عدن.. المدارس الاهلية تبدأ عملية التسجيل بدون اعلان رسمي وبرسوم مشتعلة وسط صمت الوزارة    فتّش عن البلاستيك في طعامك ومنزلك.. جزيئات خفية وراء 356 ألف وفاة بأمراض القلب سنويًا    علماء يحلون لغز جمجمة "الطفل الغريب"    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن .. لعبة الدم والموت إلى أين ؟! .. «21»
نشر في 26 سبتمبر يوم 23 - 03 - 2020

ونتيجة إصرار الإمام يحيى حميد الدين على إجلاء الإدارسة ، وطردهم من الأراضي اليمنية التي يسيطرون عليها ، بمساعدة الإنجليز الذين يحتلون جنوب اليمن ، وإعتبار الإمام يحيى الأدارسة بأنهم محتلين ورفضه للتفاوض معهم ، توجه الإدارسة إلى الملك عبد العزيز آل سعود ، وعرضوا التحالف معه ، إلا أن مساعيهم في هذا الجانب باءت بالفشل ، ولم يخسر الأدارسة آنذاك هدية البريطانيين لهم والمتمثلة بتمكينهم من السيطرة على الحديدة فحسب ، بل إنهم خسروا استقلالهم كذلك ، وقد حاول الأدارسة التي كانت الرياح حينها على غير ماتشتهي سفنهم ، حاولوا عبثا التشبث بالبقاء بأي وسيلة كانت ، جتى ولو ظلوا تابعين لهذا الطرف أو ذاك .
فيما أوعز البريطانيون إلى صنيعتهم ، وحليفهم إبن سعود بالإستيلاء على منطقة عسير اليمنية التي كانت تحت سيطرة الأدارسة ، ومنحوه الضوء الأخضر لذلك ، بل وقدموا له المساعدات العسكرية اللازمة في سياق ترتيباتهم الجديدة للأوضاع في المنطقة بما يخدم مصالحهم الإستعمارية ، وبحلول عام 1930 م ، نصب عبد العزيز آل سعود حاكما سعوديا على المنطقة التي كانت تحت سيطرة الأدارسة من قبل .
وعلى مايبدو فإنه كان من مصلحة البريطانيين في تلك الفترة ، اختفاء الإدريسي كلاعب مؤثر في المنطقة ، وإلغاء المعاهدة التي وقعوها مع الأدارسة عام 1915 م .وكانت عسير حينها دويلة حاجزة أنشأها الإنجليز أساسا ، ولم يكن البريطانيون مستعدين ولا يقبلون أيضا بإستيلاء الإمبراطورية الإيطالية عليها ، وإحتكار حق التنقيب عن النفط في جزر فرسان .
وأمام الأخطار المحدقة بهم من كل جانب ، وتخلي حلفائهم السابقين الإنجليز عنهم ، قاد الأدارسة تمردا ضد السعوديين عام 1932 م ، والتحقوا بالإمام يحيى حميد الدين ، إلا أن السعودية المسنودة بقوة من بريطانيا تمكنت من قمع ثورة الأدارسة ، والقضاء عليها عام 1933 م ، في الوقت الذي تمكنت فيه قوات المملكة المتوكلية اليمنية من اقتحام عسير ، ونجران ، وجرت مفاوضات على عودة الادارسة لحكم عسير إلا أنها باءت بالفشل ، ثم أخذت تطورات الأحداث حينها بعدا آخر أكثر خطورة ، حيث تأزمت الأوضاع بين الرياض ، وصنعاء أكثر فأكثر ، وهو ماأدى بالتالي إلى اندلاع الحرب السعودية - اليمنية مابين مارس ومايو من عام 1934 م ، وحاكى ابن سعود حلفائه البريطانيين ، فلم يوجه قواته نحو المرتفعات الشمالية من اليمن ، بل توجه بقواته مباشرة نحو الساحل التهامي ، وأحتل الحديدة ، ومدينة باجل المجاورة ، فيما كانت القوات اليمنية بقيادة الأمير أحمد بن يحيى حميد تتوغل متقدمة في العمق السعودي وحققت تقدما لافتا ، وكانت بعد تقدمها على مقربة من الطائف ، إلا أن الإمام يحيى سارع بعد احتلال القوات السعودية الحديدة ، بالقبول بوقف المعارك بين الجانبين ، وتوقيع معاهدة الطائف التي لاقت رفضا قاطعا من قبل نجله وولي عهده أحمد الذي أعتبرها مهينة ، ومجحفة بحق اليمن ، واتهم عبدالله الوزير بتبني هذه المعاهدة التي نصت على تأجير عسير ، وجيزان ونجران اليمنية للسعودية على أن تجدد الإتفاقية هذه كل عشرين سنة قمرية .
وبحسب العديد من المؤرخين والمحللين المهتمين بملف العلاقات اليمنية - السعودية ، وتعقيداته الكثيرة ، فقد استعجل الإمام يحيى بتوقيع معاهدة الطائف مع مملكة آل سعود في الوقت الذي كان ابن سعود حينها يفتقر للإمكانيات اللازمة لإستمرار الحرب أصلا ومع تقدم قوات نجله في العمق السعودي ، ويبدو أن دافع الإمام يحيى للقبول بتلك الإتفاقية وتوقيعها يرجع إلى خشيته من ان تطول فترة سيطرة السعوديين على الحديدة ومينائها وتهويل مستشاريه لحدث سقوط الحديدة بيد ابن سعود ، فيما كان عبد العزيز بدوره يخشى تمردا جديدا من الإخوان المسلمين عليه بالإضافة إلى سبب آخر يتمثل في افتقار قواته الخبرة القتالية لخوض المعارك في المناطق الجبلية ، ولذلك توجه بقواته مسرعا نحو تهامة .
وكان بإمكان الإمام يحيى وفقا لعدة مؤرخين : أن يفعل مثلما فعل اسلافه مع الأتراك بإستدراج خصمه السعودي للقتال في مناطق المرتفعات الشمالية ، حيث يتواجد رجال القبائل الأشداء والمقاتلين الشجعان ، وتحويل مناطقهم هذه إلى مقبرة أخرى للغزاة ، وهذه المرة السعوديين الذين يفتقدون لخبرة القتال في مناطق جبلية وعرة يجهلون عنها كل شيئ ، وفق تعبير “ برنارد رايخ “ أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن.وعلى الصعيد السياسي ، وضمن ردود الأفعال الساخطة والرافضة لمعاهدة الطائف ، فقد قوبلت المعاهدة هذه بإستهجان ورفض من معظم النخب والقوى السياسية اليمنية آنذاك وأعتبرتها تفريط بحقوق اليمن في أجزاء من أراضيه .
ويقال أن معاهدة الطائف التي أنهت الحرب اليمنية - السعودية عام 1934 م قد ألبت الطبقة الثرية في اليمن في تلك الفترة على الإمام يحيى ، وشككت كثيرا في مصداقيته وشرعيته كحاكم ، وقد تزعزعت شرعية الإمام يحيى ومصداقيته كثيرا في نظر النخب السياسية اليمنية بمن فيهم أبناء الإمام يحيى نفسه في أعقاب قبوله بتوقيع اتفاقية الطائف مع السعودية واعتبارها اتفاقية مهينة كان الأولى رفضها او تعديلها وتأجيلها آنذاك لاسيما واليمن كانت حينها في موقف قوة لاضعف .
ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا ضمن السياق إلى أن الإمام يحيى حميد الدين الذي يأخذ عليه الكثيرين افتقاده للتصورات الأنسب والأصلح لقيام وتأسيس دولة بسبب محدودية خبرته بذلك توجه في أعقاب جلاء الأتراك عن اليمن عام 1918 م ، إلى تأسيس حكم ثيوقراطي ، وتبنى سياسة انعزالية فرضها على اليمن واليمنيين ، وبررها بخوفه من سقوط البلاد تحت سيطرة وسلطة القوى الإستعمارية المتصارعة عقب الحرب العالمية الأولى ، وكذلك اراد أن ينأى بمملكته ويبعدها عن التيارات القومية التي ظهرت في المنطقة العربية في فترة تاريخية كان من المستحيل أن يثبت فيها شيئ ثابت ويبقى على حاله ووضعه دون أن يتأثر سلبا وايجابا بما يحدث .
وقد اعتبر الكثير من المحللين بأن الإمام يحيى بالغ كثيرا في مخاوفه على اليمن مما حدث في عصره ، وكان لسياسة العزلة والإنغلاق التي فرضها على اليمن اثرها السلبي على نظام حكمه وكانت جزء من الأسباب التي عجلت بإنهاء مشواره السياسي اغتيالا وعلى النحو المعروف للجميع وبطريقة مأساوية !.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.