بخجل تام أحيى الفلسطينيون أمس ذكرى استقلال شعب لا زال يئن تحت وطأة الاحتلال. ذلك الاستقلال الذي أعلنه الرئيس الراحل ياسر عرفات في الجزائر في 15 نوفمبر 1988 تأتي ذكراه هذه المرة على الفلسطينيين وهم يعيشون تحت أنقاض بيوت مهدمة بفعل قذائف إسرائيلية في بيت حانون وكل أنحاء المدن الفلسطينية. فلم يشعر الفلسطينيون هذا العام وكما هو الحال كل عام بعيد استقلال حقيقي. واكتفوا بسماع خطاب للرئيس محمود عباس (أبو مازن) طالب فيه إسرائيل بإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة. وأبدى استعدادا لإقامة سلام شامل وعادل مع إسرائيل. وهذا العام أيضا لم يبد الفلسطينيون شجاعة لإحياء ذكرى إعلان وثيقة الاستقلال بالرغم من أنه تم إعلان هذا اليوم يوم عطلة رسمية. أغلقت فيها كافة الدوائر الحكومية والتي تشهد بالأساس إضراب لعدم دفع رواتب الموظفين. محمد خالد مواطن فلسطيني يتحدث بحسرة قائلا:" عن أي استقلال نتحدث ونحن نرى طائرات إسرائيل تقصف بيوتنا، نشاهد بأعيننا أطفال يقتلون كل يوم في قطاع غزة وفي نابلس وكافة المدن الفلسطينية، فمن العار علينا أن نتحدث عن استقلال لا يوجد له أي مقومات على أرض الواقع". يتابع محمد :" كيف نذهب إلى رام الله لنحيي ذكرى الاستقلال وأنا ذاهب للاحتفال بهذه الحرية المطلقة أجد بطريقي خمسة حواجز عسكرية إسرائيل تمنعني من دخول رام الله، فعن أي استقلال نتحدث". أما عالية (أم تحسين) فهي مسنة فلسطينية تجاوزت الستين من عمرها سألناها ماذا تعني هذه المناسبة لها فردت قائلة :" استقلال على صوت القنابل". وتقول أم تحسين:" على ما يبدو فاتنا قطار الحرية نأمل أن يحتفل الجيل القادم بحرية حقيقية وعيد استقلال حقيقي وتكون فلسطين قد تحررت من الاحتلال". وصبيحة هذا اليوم خلت الصفحات الأولى للصحف الفلسطينية من أي أخبار تتحدث عن فعاليات إحياء ذكرى الاستقلال سوى مقتطفات من خطاب الرئيس أبو مازن. مثلت وثيقة إعلان الاستقلال عندما أعلنها الرئيس الراحل عرفات قبل 18 عاما تغيرا كبيرا في مسار القضية الفلسطينية. واعتبر ذلك في حينه انجازا كبيرا. وعكف الفلسطينيون على إحياء هذه الذكرى بمراسم رسمية كون ذلك أول إعلان رسمي عن وجود كيان حقيقي للفلسطينيين. عندما قال عرفات "على أرض الرسالات السماوية إلى البشر، على أرض فلسطين ولد الشعب العربي الفلسطيني، نما وتطور وأبدع وجوده الإنساني عبر علاقة عضوية، لا انفصام فيه ولا انقطاع، بين الشعب والأرض والتاريخ. وأعلن عرفات ذلك باسم المجلس الوطني الفلسطيني قائلا:" باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني نعلن قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وإن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، تصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب". وتحدث عرفات بصفة رسمية عن وجود دولة فلسطينية قائلا:" دولة فلسطين دولة عربية هي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، من تراثها وحضارتها، ومن طموحها الحاضر إلى تحقيق أهدافها في التحرر والتطور والديمقراطية والوحدة. وهي إذ تؤكد التزامها بميثاق جامعة الدول العربية، وإصرارها على تعزيز العمل العربي المشترك، تناشد أبناء أمتها مساعدتها على اكتمال ولادتها العملية، بحشد الطاقات وتكثيف الجهود لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي". وأكد عرفات ان هذه الدولة تعلن التزامها بمبادئ الأممالمتحدة وأهدافها وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته.