اللغة العربية هويتنا وحضارتنا وتراثنا ومن يفرط بهويته يعرض للمسخ والتشويه والتشويش.. فالامة بدون لغة قوية هي امة ضعيفة وبلا هوية وهناك كوكبة من الباحثين المستشرقين يحاولون اتهام اللغة العربية بالتطرف والغلو لارتباطها بالقران والاسلام.. ويطلقون عليها "بالاسلاموفيبا".. مع ان الاسلام دين المحبة والسلام والوئام بل هو الدين الذي يدعو إلى حوار الثقافات والحضارات والديانات والتعايش معا في حب وسلام.. ونزول القران الكريم بلغة عربية فصيحة فيه تأييد وتقديس لعظمة اللغة العربية- كما جاء في قوله عز وجل: (انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون).. سورة يوسف- (2).. فاللغة العربية تمتلك تركيبا دلاليا بديعا وفريدا نحويا وحرفيا وصوتيا وبلاغيا لا يجارى ولا يبارى مع اللغات الاخرى.. وهي سمات وخصائص لغوية مختصرة على ارقى واسمى انواع التفلسف والتفكير والابداع.. فالعربية عند شعوبها وأهلها هي اللسان وليست العرق أو المذهب أو القبيلة.. كما جاء في الحديث النبوي الشريف- قال عليه الصلاة والسلام واله: "يا أيها الناس أن الرب واحد والأب واحد وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم وإنما هي اللسان فمن تكلم بالعربية فهو عربي".. فاللغة قبل ان تكون أداة تواصل وتفاهم وتخاطب بين البشر والمجتمعات هي أداة لبناء وصياغة وتنمية وتطور الهويات وترسيخ قيم ومبادئ الانتماء الوطني.. هي ليست حروفا وكلمات يرمز بها عن الافكار والمشاعر والاحساسيس والاشياء من حولننا وانما قوالب "هوياتية- فكرية" لتوصيل ونقل تبادل الثقافات والحضارات والافكار والمشاعر في شكل رموز لفظية في دلالات ومعان بما يلبي احتياجات ومقاصد الاخرين.. نحن اليوم نعيش ثورة الاتصالات في اوج وهجها.. وهناك مصطلحات وتسميات علمية حديثة تطفو كل يوم على السطح فلابد لمجامعنا اللغوية في عواصم الدول العربية ان تراعي وتواكب تلك المصطلحات الحديثة والاسماء العلمية والتكنولوجية بما يتناسب مع التركيبة اللغوية وبنيتها الدلالية للغتنا العربية الام.. هناك هجمة شرسة من جهات داخلية وخارجية على لغتنا العربية خاصة الذين درسوا في بلاد الافرنج أو العرب المهاجرين الذين تأثروا بثقافة وحضارة تلك الدول.. كما ان هناك شركات ومحالاً تجارية ومطاعم وغيرها تستخدم اسماء اعجمية واجنبية لمنتجاتها واصنافا للدعاية والترويج وعلى رأسها شركات الاتصالات وغيرها من المؤسسات التجارية والصناعية الكبرى فاقحام تلك الاسماء غير العربية في ترويج الاعلانات والدعايات يشكل خطورة كبيرة على لغتنا العربية وتهديدا على قواعدها وهويتها.. لذا نطالب جهات الاختصاص بوضع القوانين والتشريعات اللازمة للحد من تلك الظاهرة غير الحضارية في مجتمعاتنا.. لذا علينا ان نلزم جميع المتحدثين الرسميين في شتى المحافل العربية والاقليمية والدولية باستخدام اللغة العربية الفصيحة وخاصة في المدارس والجامعات والكليات المختلفة.. اذا كانت الصين تلزم كافة الصينيين في انحاء الصين المترامية الاطراف بجعل اللغة الرسمية هي "اللغة الخانية" بالرغم من كثرة اللهجات الصينية في المدن وقراها.. لان "اللغة الخانية" هي لغة اهل بكين العاصمة.. اما كان الاحرى بنا ان نعتز بلغتنا العربية لغة القرآن ولغة اهل الجنة.. ومن يتخلى عن لغته العربية كأنه تجرد عن هويته وعروبته وعقيدته وارومته.. لذا ندعو المختصين والمهتمين وجهات الاختصاص والاكاديميين للدفاع عن اللغة العربية عبر وسائط وتقنيات الاعلام الرقمي والتكنولوجي فمقطع مميز ومبدع في "اليوتيوب" يمكن ان يحقق انجازات كبيرة ونتائج مثمرة ما لم تحققه عشرات المقالات أو الدراسات أو المحاضرات لاسيما في ظل ضعف السلوك القرائي والاملائي ناهيك عن النحوي والصرف لدى جيل اليوم.. ولنأخذ الدروس والعبر من الاخرين: ذات يوم قال الرئيس الفرنسي الراحل "شارل ديجول": "لقد صنعت لنا اللغة الفرنسية ما لم تصنعه الجيوش".. لان ارتقاء اللغة والاعتزاز بها هو اعتزاز بالهوية والوطنية.. والارض والانسان.. ونحن- العرب- ومن ابناء جلدتنا من يتهم لغتنا العربية بالجمود والتخلف وبانها لغة غير حضارية.. وقد يؤيد بكل اسف هذا الرأي اكاديميون ومختصون من ابنائنا درسوا وتلقوا علومهم في بلاد الافرنج.. وهنا تكمن الكارثة..!! وهناك دعوات علمية لرقمنة اللغة العربية من جهات ومراكز مختصة للارتقاء باللغة العربية لاتمام مشروع البصمة الصوتية العربية وهذا المشروع سيقدم خدمات رقمية راقية وحضارية تضاهي ما بدأت به الامم الاخرى في مجال الهندسة اللسانية.. وهنا نقول للمنظومة التعليمية في الدول العربية: "دعونا نتعلم العربية من جديد وطرائق حديثة مواكبة لروح العصر".. كلمات مضيئة: علينا ان نتحاشى لغة النت والتواصل الاجتماعي الفجة ونتصدى لتلك الظواهر التي قد تسيء إلى لغتنا العربية كانتصار اخلاقي.. لذا لابد من تطوير وتحديث مناهجنا الدراسية في اللغة العربية وادخال برامج تربوية هادفة في مدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا وانديتنا الثقافية للتأهيل والارتقاء بلغتنا العربية وشبابنا بمده بالاتجاهات والمهارات المبدعة ليكونوا قادرين على مواكبة مستجدات العصر الحديث.. وتفعيل ادوات الاتصال الحديثة والارتقاء باللغة العربية وفنونها المختلفة عبر الفضاء الافتراضي..!