بداية نتساءل: ماذا يعني دخول قوات أمريكية وفرنسية إلى محافظتي حضرموت وشبوة إلى جانب القوات السعودية والإماراتية والبريطانية المحتلة وكيف سمح بدخولها من يدعون التقدمية الذين سبق لهم أن صدعوا الرؤوس بشعاراتهم البراقة المتمثلة في محاربة الاستعمار والرجعية والإمبريالية والعدو التاريخي لليمن وهم يستظلون اليوم بمظلته وتؤويهم فنادقه منفذين له كل أجنداته..؟ أليست هذه مفارقة عجيبة أن يحدث كل هذا برضاهم واختيارهم وهم يعلمون جيدا وعن سابق تجربة عاصروها أن المؤامرة مهما كان حجمها ومهما كانت كبيرة ومحبوكة ومعدا لها إعداداً دقيقاً فإنها تظل صغيرة أمام إرادة الشعوب الحرة وستتحطم لا محالة على صخرة مقاومتها الصلبة ويكون مصيرها دائما الفشل والخسران ولكنهم لا يعتبرون وغير مدركين بأن سيادة الأوطان وحريتها واستقلالها خط أحمرلا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزه وأن الدفاع عن الوطن وسيادته يمثل لأبناء الشعب اليمني ضد كل المؤامرات التي تحاك ضده بمساعدة بعض العملاء والمرتزقة الذين لا يخلو منهم شعب من الشعوب يمثل حقيقة ثابتة مرتبطة بالقدر والمصير والوجود والتاريخ الجديد الذي يتفوق ويستعصي على السدود والموانع بما في ذلك المؤامرات بكل أشكالها وأبعادها الداخلية والخارجية. وقد خسر كل الذين ظنوا بأنهم قادرون على إيقاف حركة التاريخ أو الالتفاف عليها فخلفتهم مقاومة الشعب اليمني العنيد صرعى سوء التقدير والتخبط في سيرهم الخياني متناسين بأن أبناء الشعب اليمني من الجيل الجديد الذي لم تلوثه المغريات والدفع بالدرهم والريال والدولار قد أثبت من خلال جيشه ولجانه الشعبية أنه الحامي والمحافظ على سيادة اليمن واستقلاله وتحرير قراره السياسي من الوصاية الخارجية وأن ما من قوة أو فئة أو جماعة قادرة على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لأن الوطن اليمني واحد لا يتجزأ ولم يكن في يوم من الأيام مغنماً موزعاً بين قوى سياسية معينة أو رداءاً مفصلاَ على مقاس حزب أو منطقة معينة فهو الوطن الذي يستوعب كل اليمنيين في داخله ببره وبحره وسمائه، وبفضل قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية التي جاءت مصححة لكل ما سبقها من أوضاع معقدة استطاع الشعب اليمني أن يلغي من قاموسه وإلى الأبد مفردات الارتهان للخارج وهو مرفوع الرأس الذي لا ينحني إلا لله عز وجل وليبقى الوطن اليمني الكبير قوياً شامخاً ومهاباً تعانق هامات أبنائه عنان السماء. كما أن الوحدة اليمنية التي تحققت بإرادة شعبية هي حصيلة نضال شاق خاضه الآباء والأجداد وفي نفس الوقت تشكل مطلباً جماهيرياً ولم يكن الشعب أثناء تحقيقها رقماً مفقوداً، ولذلك فالإرادة الفوقية التي اتخذت القرار لم تكن إلا ممثلة لرغبة الملايين من اليمنيين وعليه فليس بمقدور أي طرف بعد أن تحققت الوحدة فصم عراها أو النيل منها بأي شكل من الأشكال لأنها أصبحت حقيقة من حقائق التاريخ والحياة اليمنية الجديدة، فكل أسرة يمنية جزء من هذا النسيج الاجتماعي الوطني الممتزج بخارطة الوطن اليمني الكبير من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وانطلاقاً من هذه المعادلة تؤكد القيادة الثورية دائما في خطابها السياسي العزم والتصميم على تحرير كامل التراب اليمني وطرد كل غازٍ لوث بأقدامه تربة اليمن الطاهرة، وفي التاريخ القديم والحديث دروس وعبر أكد اليمنيون من خلالها أن مستقبلهم هو في الوحدة وليس في غيرها ولهذا لم تنجح كل المخططات لفصل أي جزء من اليمن عن بعضه. وإذا كانت هذه الحقيقة قد غابت عن أذهان الذين دأبوا على الكذب والخداع وافتعال الأزمات والمشاكل للشعب اليمني بعد أن وجدوا لهم ظهيرا خلفيا من خارج الوطن ارتموا في أحضانه وهو يتولى الدعم والتشجيع لكل ما يقومون به ويفعلونه من أعمال جبانة وخيانة كبرى في حق الوطن اليمني وشعبه ووحدته أن الشعب والتاريخ لن يغفرها لهم وهذه الحقيقة قد ترجمها اليمنيون عندما هبوا جميعا باستثناء العملاء والمرتزقة للدفاع عن الوطن ومواجهة العدوان الأممي الذي يشن عليه للعام الثامن على التوالي بمشاركة دول كبرى وفي نفس الوقت لمنع كل محاولة لإقامة دويلات ومشيخات على الأرض اليمنية كما تحاول اليوم قوات الاحتلال إقامتها في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية متحدية إرادة شعب لا تقهر لأنها مستمدة من إرادة الله سبحانه وتعالى.