لعقود طويلة ظل الصهاينة على مدى تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي يعتقدون أن مصير القضية الفلسطينية مرهون بمدى تماسك وثبات الموقف العربي منها، وأنهم إن تمكنوا من تحييد هذا الموقف، أو إضعافه، فإنهم بذلك يكونون قد أجهزوا على هذه القضية وقاموا بتصفيتها للأبد...! حتى اليوم لم تستوعب حكومة الكيان أن قوة القضية الفلسطينية الحقيقية هي في الداخل الفلسطيني، وأنهم كلما دجنوا المزيد من العرب، أو استمالوهم إلى جانبهم، كلما أعطى ذلك دافعاً قوياً للشعب الفلسطيني للإعتماد أكثر على نفسه وبناء قدراته العسكرية. وها هم الفلسطينيون اليوم يهددون ويتوعدون ويقصفون الكيان الصهيوني بالصواريخ ويوجعون هذا الكيان الغاصب كما لم يوجعه أحدٌ من العرب من قبل. اليوم الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة موحدة وأكثر تماسكاً وتلاحماً وقوة في مواجهة هذا الكيان المحتل الذي بدا أكثر ضعفا وهشاشة، أمام جبهة المقاومة الفلسطينية الواسعة، وأمام ضرباتها التي تفتح الطريق أمام حركات المقاومة في المنطقة عموما لمزيد من التضامن والتآزر وإعلان المواقف الثابتة في الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني ومواجهة العدوان الصهيوني النازي. فالفلسطينيون ليسوا بحاجةٍ إلى من يتاجر بقضيتهم، أو يساوم عليها، أو من يتخلى عنها أو من يتواطئ مع العدو ضدها. نعم هم اليوم، وكل يوم، يدفعون من حياتهم ودمائهم الزكية والطاهرة ضريبةً باهضة في سبيل الدفاع عن الأرض والمقدسات الإسلامية، التي ينتهكها الكيان الصهيوني من خلال تلك الممارسات الاجرامية، باقتحام جيش الاحتلال للمسجد الأقصى المبارك، والاعتداء الوحشي على المعتكفين والمصلين. وبهذا السلوك والكراهية ضد الإسلام والمسلمين تفضح المطبعين العرب، وتكشف مساعيهم الخبيثة، وكذب ادعاءاتهم الخادعة في الدفاع عن القضية الفلسطينية بتطبيعهم العلاقات مع الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني ودمائه الزكية وحقوقه المشروعة في الجهاد المقدس لتحرير أرضه. وبالرغم من هذه الانتهاكات للمقدسات الإسلامية نجد الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، يتصل برئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لتطوير العلاقات المشتركة. وقالت وكالة الأنباء الإماراتية، إن الشيخ محمد بن زايد "أكد حرص الإمارات على العلاقات الثنائية، واصفا العلاقة مع الكيان الصهيوني بالخيار الاستراتيجي لصالح السلام والتنمية، والذي ننشده للمنطقة بأسرها، كما أكد تطلع دولة الإمارات إلى مضاعفة الجهود في هذه العلاقة الواعدة". فيما كشفت صحيفة "جلوبس" الإسرائيلية أن المملكة العربية السعودية تخطط لتحويل جزيرتي تيران وصنافير على البحر الأحمر إلى وجهات سياحية من خلال بناء فنادق وكازينوهات "مفتوحة للسياح الإسرائيليين". وذكرت "جلوبس"، في تقرير لها أن السعودية قد تسمح للإسرائيليين بقضاء العطلات في الجزيرتين اللتين اشترتهما المملكة من مصر عام 2016، وتخطط لبناء جسر يربط الجزيرتين بمصر، بحيث ينتقل إليها السياح الإسرائيليون القادمون من شبه جزيرة سيناء. وأضافت أن ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان" يسعى إلى تطوير بلاده وفتحها على العالم، بما في ذلك المشاريع السياحية الضخمة على طول ساحل البحر الأحمر وصولاً إلى إيلات، كما يرغب في تحويل تيران وصنافير إلى وجهتين سياحيتين. أمام هذه الغطرسة الصهيونية في الاعتداء على المصلين، كان رد المقاومة مزلزلا وقويا وشجاعا هز كيان العدو الهش المنقسم على نفسه. إذ لم يعد الشعب الفلسطيني والمجاهدون البواسل لوحدهم، اليوم يقف من خلفهم أحرار الأمة العربية والإسلامية، قد أثبتوا أنهم قادرون على أن يصلوا بالقضية إلى حيث ينبغي لها أن تصل. ولا خوف على فلسطين وبفضل الله تم تلاحم المقاومة في خندق واحد، وهو خندق الجهاد، واصطفاف الجبهة الداخلية وإسناد محاور المقاومة في المنطقة، وكل أبناء الشعب الفلسطيني المجاهد الصامد والبطل وكل فصائله الباسلة. اليوم يعيش الكيان الصهيوني أوضاعاً سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة للغاية، وحالة من الاضطرابات الداخلية، والانقسامات الداخلية، وتفكك الجيش وتمرد جنود الاحتياط بمن فيهم طيارون رفضوا تلبية الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى تنامي المخاوف من الحرب الأهلية، وزوال الكيان المهدد بالانهيار، وهو الأمر الذي يضع حكومة الكيان الصهيوني أمام جبهة مواجهة أخرى تتكاثر فيها عمليات المقاومة من أبناء الشعب الفلسطيني ضد التواجد الصهيوني، في أنحاء متفرقة من البلاد. هذه الأحداث والتواترات المتصاعدة تضع حكومة الكيان على الهاوية، في تتزايد مواجع نتنياهو اقليمياً. وهناك متغيرات سياسية، ليس في صالح الكيان، لا سيما بعد الاتفاق السعودي- الإيراني قد يعيد خلط التحالفات الجيو سياسية في منطقة الشرق الأوسط، وكبح الهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومراجعة المواقف ممن تورطوا في التطبيع، هذا فضلا عن فشل سياسة حكومة الكيان الصهيوني التي اكتملت في انزلاقها المفضوح في الأزمة الأوكرانية وسط تسريبات تؤكد تقديمها دعما عسكرياً لكييف رغم المجاهرة بالحياد.