وزير الدفاع: الشهيد الغماري قام بالمسؤولية الموكلة إليه على أرقى مستوى    "فتح الانتفاضة": الدماء اليمنية الزكية سترتد وبالا على العدو الصهيوني    صنعاء.. تعيين رئيس لهيئة الأركان خلفاً للغماري    سفراء الدول الخمس يناقشون تأثير العمليات في الشرق الأوسط على اليمن.. والسفير الروسي يؤكد على الحل الدبلوماسي    رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً مع سفراء عدد من الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن    في الذكرى ال62 لثورة 14 أكتوبر .. حشود الجنوب تكتب فصلاً جديداً من الإرادة الشعبية ..    السيد القائد يدعو للخروج المليوني العظيم غدًا الجمعة ويؤكد على الجهوزية لأي تطورات    ظل الحراس.. من هو المصباحي بعد نهائي المونديال؟    القطري عفيف ستوجه من المطار إلى احتفالات جائزة الأفضل مباشرة    "فيفا" يرد على تهديدات ترامب بشأن نقل مباريات كأس العالم 2026    تونس تواجه البرازيل ودياً الشهر المقبل    برشلونة يبحث العودة للانتصارات والريال للاستمرار في الصدارة    الترب يعزي في استشهاد القائد اللواء محمد الغماري    اليمن تعتزم اعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع المنظمات    وزير الشباب والرياضة المصري يكرم وفد اليمن المشارك في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي    الفارس الشبل الحارثي يوجه صفعة الشرف في وجه العنصرية    الأمين المساعد لإصلاح المهرة: الاحتفاء بأعياد الثورة تأكيد على واحدية النضال اليمني    مصلحة الهجرة تعلن انتهاء أزمة دفاتر الجوازات بعد وصول أولى الدفعات إلى عدن    الدكتور بن حبتور يعزي وزير الدفاع في وفاة عمّه    صنعاء.. البنك المركزي يوقف شبكة تحويلات مالية    مدير هيئة المواصفات يطلع على سير العمل في الشركة اليمنية لتصنيع وتعبئة التمور    أمن العاصمة عدن يكشف عن آخر المستجدات حول جريمة اغتيال الشيخ مهدي العقربي    عن ايقاف معجب من قناة الساحات    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبياً على المرتفعات وأدنى درجة حرارة سُجِّلت في ذمار    قطع الكهرباء في عدن: جريمة تعذيب جماعي ووسيلة لإذلال شعب بأكمله    بينها العفو الدولية وهيومن رايتس.. 17منظمة تدعو للإفراج الفوري عن المحامي عبد المجيد صبره    غزة.. هيروشيما الحيّة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة العالم    سعودي الناشئات يتعادل مع لبنان    القيادة العسكرية والأمنية فن وعبقرية وأمانة    تقرير أمريكي يكشف عن حجم أضرار (ترومان)    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    جدولة معلّقة.. خلاف خفي بين اليمنية وإدارة مطار المخا    قراءة تحليلية لنص "فضاءٌ ضاق بطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    السقلدي: من يترحم على الاحتلال البريطاني يهين دماء الشهداء ويشكك بمشروعية الثورة    يوفنتوس يخطط للتعاقد مع سكرينيار    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    انتقالي يهر والسلطة المحلية يكرمان أوائل طلاب ثانوية الشهيد عبدالمحسن بالمديرية    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    جنيه الذهب يخترق حاجز ال 500 الف ريال في اليمن    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع شركة ومنشأة صرافة    ذمار.. مقتل مواطن برصاصة طائشة خلال خلاف عائلي    منع صيد الوعول مؤقتاً في حضرموت    صعود الذهب إلى قمة تاريخية جديدة    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرهان الخاسر ... ما بين سقوط جدة وصمود غزة !
نشر في 26 سبتمبر يوم 17 - 11 - 2023

بتصفية حلم الدولة العربية الموحدة والقضاء على الجيش النظامي الوحيد لدي العرب وبإسقاط آخر معقل للدولة الهاشمية بالحجاز على يد كيان آل سعود بمساعدة بريطانيا حقق بذلك حلم الصهاينة بفلسطين والبدء بتنفيذ وعد بلفور .
( إن ابن سعود خير لبريطانيا في تنفيذ سياستها وحماية مصالحها في الوطن العربي ، لأنه رجل المستقبل القادر على التنفيذ ).
سراب الوعد
مع نشوب الحرب العالمية الأولي (1914- 1918 م) كانت مطالب بريطانيا من الشريف حسين بن علي هي اعلان الثورة العربية وطرد العثمانيين من الحجاز ومشاركة ابنائه في اخراجهم من سوريا، وتعهدت له مقابل ذلك بتنصيبه ملكا على دولة عربية تضم العراق وسوريا وفلسطين وجزيرة العرب.
وكان الشريف في مراسلاته بريطانيا يتردد حينا ويشتط في شروطه حينا آخر . مما أزعج البريطانيين وحملهم على تكليف عميلهم ابن سعود بالضغط على الشريف، فكتب مكماهون المندوب السامي البريطاني في القاهرة إلى الشريف يطلب منه (ان يقوم بطرد الاتراك من الحجاز، وإذا لم يتمكن من ذلك فيسير هو - ابن سعود - بجنود كثيفة إلى الحجاز ويقوم بعمليات تطردهم) ، وقد نصت على ذلك الوثيقة البريطانية الموجودة في المجلد رقم 2486 بدار الوثائق البريطانية.
وقد أثمر الضغط السعودي، فأعلن الشريف قبوله التعاون مع بريطانيا بأقل الشروط، وبدأ التعاون واياها كما هو معروف في تاريخ الثورة العربية على أساس المعاهدة البريطانية الحجازية التي عقدت بين الشريف والسير مكماهون.
وكان الطرفان قد وقعا على بنودها الخمسة في شهر كانون الثاني من عام 1916 ، وتنص أهم بنودها على تعهد بريطانيا العظمى بتشكيل حكومة عربية مستقلة بكل معاني الاستقلال في داخليتها وخارجيتها، وحدودها شرقا الخليج وغربا البحر الاحمر والحدود المصرية والبحر الابيض.
وشمالا حدود ولاية حلب والموصل الشمالية إلى نهر الفرات ومجتمعة مع دجلة إلى مصبها في الخليج.
مساندة الاستعمار
ولكن بريطانيا نكصت عن الوفاء بتعهداتها هذه انطلاقا من اتفاقية (سايكس - بيكو) التي تقضي بوضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، والتزاما بوعد بلفور بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود.
ومن هنا اختلفت الطرق بالشريف حسين وبريطانيا، حيث أصر الشريف على رفض فكرة الوطن القومي لليهود وضرورة الاحتفاظ بفلسطين ضمن الدولة العربية الموحدة، وأصرت بريطانيا على تطبيق نظام الانتداب في فلسطين تمهيدا لتحقيق الوطن القومي لليهود.
ويقول (فيلبي) المستشار البريطاني الخاص لابن سعود في هذا الصدد ما نصه (لا الرشوة ولا التهديد قد أثمر في حمل الرجل العجوز - الشريف حسين- على تغيير موقفه المعارض لسياستنا بصورة عامة في جميع ربوع المنطقة )، وفي النهاية أحس لورنس باليأس وغادر جدة بعد ان اوصى الحكومة البريطانية بقطع المعونة المالية عن الحجاز والتخلي عن حسين ليقطف ثمار صلابته وعناده .
ومن جراء ذلك تكونت لدى بريطانيا فكرة عامة بالنسبة للشريف حسين عبر عنها فيلبي في تقاريره خلاصتها (ان ابن سعود خير لبريطانيا في تنفيذ سياستها وحماية مصالحها في الوطن العربي، لأنه رجل المستقبل القادر على التنفيذ).
لذلك فقد الانجليز قد أعدوا ابن سعود لمحاربة الملك حسين وحركوا عليه الاخوان بعد ان رأوا تشبثه وعناده على الاستقلال، هؤلاء الاخوان أقاموا في تربة وخرمة، ويتزعمهم الشريف خالد بن لؤي، الذي احتل المدينتين .
معاهدة استسلام
كمحاولة اخيرة لإرغام الشريف حسين على القبول بالمخططات البريطانية في الوطن العربي، قدمت له بريطانية في 21 اكتوبر 1921 مشروع معاهدة مكونة من 21 مادة تتضمن فيما تتضمنه ان يعترف الملك حسين بالإدارة البريطانية في فلسطين، وبالتالي الاعتراف بشرعية وعد بلفور.
وان يعترف الملك حسين بالانتداب البريطاني على العراق و بمعاهدات الحماية البريطانية مع ابن سعود والادريسي وغيرهما و بحقوق وامتيازات لبريطانيا في الحجاز تحد من استقلاله وتجعل المعاهدة شكلا من أشكال التبعية وأن يعترف الملك حسين بالاتفاقيات البريطانية الدولية .
وهذا يعني الاعتراف بشرعية "اتفاقية سايكس بيكو"، التي تجعل سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.
وقد رفض الشريف حسين التوقيع على هذه المعاهدة، وأصبح التلاقي بين وجهتي النظر العربية والبريطانية متعذرا.
التآمر والخيانة
وقد نصح فيلبي في بداية الامر حكومته البريطانية بأن تقوية ابن سعود ضرورية لخدمة السياسة البريطانية ليقف في وجه الملك حسين الذي بدأ يتصلب في مواقفه معها بصدد مستقبل البلاد العربية بصورة عامة وفلسطين بصورة خاصة.
و تقوية ابن سعود تعني هنا امداده بالسلاح والمال والمخططات العسكرية التي تساعده على مهاجمة الحجاز والقضاء على الشريف حسين، الذي يقف في وجه تمرير المخططات الاستعمارية والصهيونية آنذاك.
وفعلا قدمت بريطانيا لعبد العزيز جميع المساعدات المطلوبة كالعمل على خلق طابور خامس في الحجاز يتآمر على حكم الملك حسين ويبشر بسلطان ابن سعود. وكان على رأس هذا الطابور بعض الاسر ذات النفوذ المالي الكبير في الحجاز والارتباطات المشبوهة بالشركات البريطانية في الهند ولندن.
وتكوين جهاز ضخم للتجسس على الملك حسين وعلى الاوضاع العسكرية في الحجاز، وقد تولت السفارة البريطانية في جدة ادارة هذا الجهاز وعلى رأسها المستر جلبرت السفير البريطاني. وشارك فيلبي الذي كان يقيم في تلك الفترة بجدة خصيصا لهذا الغرض في ايصال المعلومات السرية عن المخططات والقوات الحجازية إلى ابن سعود اولا بأول.
و العمل على تثبيط عزم الملك حسين وابنه الملك علي من بعده عن الاستمرار في القتال وجرهما إلى الاعتماد على الوساطة البريطانية ، في الوقت الذي كان الانجليز فيه يعززون القوات السعودية ويدفعونها للإسراع بالزحف على مدن الحجاز.
و شل حركة الطيران الحجازي الذي كان يعتبر عامل تفوق لجيش الشريف، ولم تتوقف بريطانيا عن تخريبه ومنعه من المشاركة في القتال.
واستصدار فتاوى شرعية من عملاء المخابرات البريطانية المتزيين بزي رجال الدين لصالح ابن سعود. فقام بالهجوم على الحجاز وشجعه على ذلك رجال الدين في جدة وحصوله على فتاوى من البلاد الإسلامية الخاضعة تحت الانتداب البريطاني وبمساعدة الانجليز.
سقوط جدة
ظل الصهاينة يضغطون على بريطانيا بتنفيذ وعد بلفور وتؤيدهم أمريكا بقوة، وقد حاولت بريطانيا ان تقنع الملك حسين بإعطاء فلسطين لليهود في مقابل تشكيل امارة في شرق الاردن يكون ابنه عبد الله اميرا عليها، ولكن الملك لم يقنع بكل المحاولات البريطانية واصر على توحيد البلدان العربية الآسيوية كلها في دولة عربية واحدة، تنفيذا للوعد البريطاني المعطى له وقد وجدت بريطانيا الحل الوحيد لهذا الاشكال في ازالة الملك حسين والخلاص بذلك من الوعد القديم،
وكان ابن سعود هو الحربة التي وجهتها بريطانيا لقلب الحكم الهاشمي في الحجاز ففي شهر اغسطس 1924م , بدأ عبد العزيز زحفه على الحجاز، وفي 17 ديسمبر 1925 تم استسلام جدة بواسطة السفارة البريطانية هناك.
وهكذا حقق ابن سعود لبريطانيا اسقاط آخر وثيقة تلزمه بقيام الدولة العربية التي تعهدت بها، وإسكات آخر معارضة مسندة باعتراف بريطاني لقيام وطن قومي لليهود في فلسطين، ان انهاء الدولة الهاشمية في الحجاز قد ألقى عن عاتق بريطانيا عبئين، عبء الالتزام بقيام دولة عربية كبرى .. وعبء الالتزام بكون فلسطين ضمن الدولة العربية، وان إسقاط الملك حسين ولو من الناحية الشكلية قد اطلق يد بريطانيا في تقسيم البلاد العربية وتسليم فلسطين للصهاينة، وهو أمر لم يحظ بشرف القيام به سوى ابن سعود.
صمود غزة
إن مواقف الحكم السعودي من قضايا التحرر الوطني والعربي والإسلامي واحدة لا تختلف، فكلما كانت القضية الإسلامية أو العربية أو الوطنية في جانب .
إنضم الحكم السعودي إلى الجانب الغربي واتخذ موقفا منسجما مع مصالحه ، ولو على حساب القضايا الوطنية والعربية والاسلامية واهمها قضية فلسطين قضية العرب الأولى ، وللبرهان على ثبوت هذا الموقف الدائم منذ زرع كيان آل سعود في قلب الجزيرة العربية على يد الاستعمار البريطاني والذي يتنافى مع المسؤولية الوطنية والكرامة العربية والواجبات الإسلامية وهذا ما يثبته اليوم بمعركة طوفان الاقصى .
فاليوم سيكون الرهان خاسر بتصفية القضية الفلسطينية بصمود غزة والمقاومة فمائة عام ما بين سقوط جدة 1925م وصمود غزة 2023م يبرهن ويشهد أن التاريخ وأن اعاد نفسه لكنه يعيد برهان خاسر ولن يكسب الاستعمار والغرب والصهاينة واحفاد ابن سعود بل خسر رهانهم امام معركة طوفان الاقصى وصمود غزة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.