الشيخ الجفري: تضحيات شهدائنا تلزمنا الاصطفاف خلف قيادتنا    امانة الانتقالي تحذر من الانفجار الشعبي وتطالب بحلول جذرية للأزمات في الجنوب    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير الأعمال الجارية لإعادة تشغيل مصافي عدن    إلى أين تذهبون بنا يا أصحاب القرار في ملف الكهرباء؟    غارات على ميناء الحديدة    قصف إسرائيلي على دير البلح وسط قطاع غزة    أرتيتا سعيد بحسم الصفقات الجديدة لأرسنال مبكرًا    إطلاق النار في المناسبات... ضعف ثقافة وغياب للردع!    هل تسبب فرقعة الأصابع التهاب المفاصل؟    ارتفاع ضحايا الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 59 ألفا و29 شهيدا    صرخة جوع وقهر… لا خزي فيها ولا عار    بذور اليقطين.. الوصفة الكاملة من أجل أقصى فائدة    أسعار الذهب اليوم الإثنين 21-7-2025 في اليمن    غزة هي بداية النهاية 1-2    فتح باب التظلم للثانوية العامة وطريقتها    عدن.. سجن مفتوح للجوع والخذلان    دراسة تكشف حقائق "صادمة" عن طب "العصور المظلمة"    رغم تلقيه ضربة في الوجه.. تصرف نيمار مع مشجع اقتحم الملعب    منصة عالمية: ما هو العرض الأمريكي السري الذي رفضته حكومة صنعاء ؟!    دراسة أسترالية: البيض لا يزيد من الكوليسترول الضار    المرة 18.. كلوب بروج بطل السوبر البلجيكي    بعد اعتذار الهلال.. الاتحاد السعودي: نؤكد احترام الأنظمة وحماية المصالح    النصر يطير إلى النمسا.. والعروض أمام المبعدين    وزير الثقافة: المحتل هو من جلب المآسي والأوجاع للمحافظات المحتلة وأبنائها    دّشن مركز معلومات المغتربين بوزارة الخارجية..الرهوي يحث على مواجهة أي طارئ لضمان استقرار الوضع التمويني للمشتقات النفطية    اخر مستجدات إعادة فتح طريق حيوي يربط بين جنوب ووسط اليمن    تعز .. قوة عسكرية تختطف ضابط أمن من وسط مدينة التربة    في كلمته بذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام .. قائد الثورة : موقفنا ثابت في نصرة الشعب الفلسطيني    عدن.. خزانات مياه صلاح الدين مهددة بالانهيار بسبب أعمال إنشائية أسفلها    وزيرا التربية والصحة ورئتيس مصلحة الجمارك يفتتحون معمل الحاسوب بثانوية عبدالناصر للمتفوقين بصنعاء    الرباعي والحوثي يناقشان أوجه التعاون في مجال مكافحة التهريب    تعز تشكو المدخل و صنعاء تشكو المخرج !    غزه تموت جوعاً    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (5)    الأنظمة المأزومة إلى أين..؟ّ!    فتى المتارس في طفِّ شمهان .. الشهيد الحسن الجنيد    جوهر الجنيد من الصراري إلى كربلاء.. شهيدٌ على خَطِّ الإمام زيد    في مسيرات "مستمرون في نصرة غزة ومواجهة الاستباحة الصهيونية للأمة".. أبناء اليمن يصدحون: معكِ يا غزة .. موقفنا ثابت    من فهم منطلقات العدو إلى بناء الوعي السياسي.. مقاربة تحليلية من فكر الشهيد القائد رضوان الله عليه (2)    مرض الفشل الكلوي (13)    تقرير حقوقي يكشف عن انتهاكات فضيعة لحقوق الانسان في السويداء    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة النقيب ناصر السعيدي قائد قوات الحزام الأمني قطاع دثينة    الحكومة: مليشيا الحوثي تستغل تجارة المشتقات النفطية لتمويل أنشطتها الإرهابية    السيد القائد: نحيي ذكرى استشهاد الامام زيد كرمز تصدى للطاغوت    عدن ستدفع التعويض المالي للبنوك المفلسة في صنعاء(وثيقة)    المحمدي يطمئن على صحة الكابتن أحمد معنوز ويشيد بعطائه الرياضي والنضالي    عدن تعيش مجاعة غير مسبوقة في تاريخها    إب.. عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في مديرية السدة    ميسي يواصل الإبداع في خماسية إنتر ميامي بالدوري الأميركي    عمليات بحث لصيادين فقدوا في خليج عدن ومناشدات بتحرك رسمي    مجلس عزاء في نيويورك بوفاة البرلماني زيد أبو علي    سهول دكسم.. في الجزيرة العذراء سقطرى    حروب اليمن على الجنوب ليست وليدة اليوم بل منذ ما قبل ميلاد المسيح (ع س)    أغرب قصة تزوير في لحج.. زوجوه أخته ليستولوا على راتبه    عناصر مسلحة تطرد المنتخب الأولمبي من معسكره التدريبي بمأرب    هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟    الإسلاموية السياسية طائفية بالضرورة بغض النظر عن مذهبها    فتاوى الذكاء الاصطناعي تهدد عرش رجال الدين في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



4 سنوات على عملية "البُنيان المرصوص".. طريقُ الانتصارات من "نهم"
نشر في 26 سبتمبر يوم 30 - 01 - 2024

قبلَ أربعِ سنوات كانت جبهة "نهم" واحدةً من أكثرِ الجبهات اشتعالاً في سِياقِ المواجهةِ مع مرتزِقة العدوان الأمريكي السعوديّ، لكن الجبهةَ انطفأت إثر العملية التاريخية العظيمة "البُنيان المرصوص".
التاريخ 29 يناير 2020م..
المكان "جبهة نهم" بمحافظة صنعاء..
والحربُ المستعرة كانت بين فصيلَين:- الأول: مَن ارتموا في حُضن العدوان الأمريكي السعوديّ ويسمَّون "المرتزِقة"، والفصيل الآخر: هم الأبطال المؤمنون المجاهدون من الجيش واللجان الشعبيّة.
نتائج العملية كانت كارثيةً ومؤلمةً على الأعداء، ومثَّلت فتحاً كَبيراً لليمن في سياق معركته مع الأعداء، حَيثُ وصلت قوات الجيش واللجان الشعبيّة إلى مفرق الجوف، وتقدمت والتحمت مع القوات هناك، وبدأت بعد ذلك في عملية هجومية أُخرى لتحرير مناطق في محافظتي مأرب والجوف، وتم تكبيد العدوّ خسائر فادحة واغتنام عتاد عسكري كبير.
بلغ إجمالي مساحة تلك المناطق التي تم تحريرها إلى أكثر 2500 كيلو متر مربع طولاً وعرضاً، فيما بلغت خسائرُ العدوّ خلال هذه العملية في عدد القتلى والمصابين والأسرى، أكثرَ من 3 آلاف و500، منهم ألف وخمسمِئة قتيل وبينهم عدد كبير من القيادات من مختلف المستويات، بينما بلغ عددُ المصابين ألفًا وثمانمِئة وثلاثين مصابًا والمئات من الأسرى.
وتعد عملية "البنيان المرصوص" واحدةً من أهمِّ العمليات العسكرية في تاريخ الحروب المعاصرة، وقد وصفها قائدُ المنطقة العسكرية المركزية، اللواء عبد الخالق الحوثي، ب "المعجزة"، واعتبرها آيةً من آيات الله؛ لما تجسد فيها من تأييد إلهي عجيب منقطع النظير.
وكان العدوانُ ومرتزِقته قد ركّزوا جهدَهم بشكل كبير حول العاصمة صنعاء، والتي كانت بالنسبة للعدوان هدفاً أَسَاسياً ركز عليه بشكل كبير، وقام بتجييشِ الجيوش للزحف نحو العاصمة ومعهم الإسناد الجوي المكثّف؛ لكنهم انصدموا بصخرة صماء أمامهم وتفاجأوا بهذه العملية التي استمرت لثلاثة أَيَّام فقط؛ لخصت مرحلة كبيرة من المواجهة الطويلة والمعارك الشديدة.
ووصف خبراءُ ومحللون عسكريون هذه العملية ب فاتحة الانتصارات؛ وذلك بعد عملية "نصر من الله" في وادي آل أبو جُبارة؛ فكانت هذه العملية هي الأكبر من حَيثُ الدلالة والمعنى، وقد قلبت موازينَ المعركة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.
وفي هذا السياقِ، يقول الخبير العسكري اللواء الركن عبد الله الجفري: "نستحضرُ تلك الانتصارات والبطولات والتضحيات للمجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ولا ننسى أن نترحَّمَ على أرواح الشهداء والشفاء للجرحى الذين سطَّروا أروعَ الملاحم وأعظم الانتصارات في هذه المعركة المقدسة".
ويشيرُ اللواء الجفري في تصريحٍ لصحيفة "المسيرة" إلى أنَّ "هذه المعركة اتسمت بالنوعيةِ بكُلِّ المقاييس العسكرية والاستراتيجية، وأنها من أهم العمليات وأضخمها وأقدسها على المستوى العسكري والاستخباراتي والعملياتي والتكتيكي والتي حقّقت إنجازات كبيرة جِدًّا وانتصارات ساحقة وعظيمة في فترة زمنية قياسية ومساحة شاسعة وبأقل تكلفة وخسائر بشرية رغم المعارك الشرسة التي دارت في مناطقَ ذات طبيعة جغرافية وعرة وتضاريس مناخية قاسية".
ويلفت الجفري إلى أن "الفضل بعد الله -سبحانه وتعالى- كان لتطوير القدرات العسكرية الاستراتيجية للقوى الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر وبقية الوحدات العسكرية الأُخرى للجيش واللجان الشعبيّة، التي فرضت معادلةً جديدةً لتوازن القوى العسكرية، من خلال استراتيجية (توازن الردع) في قواعد الاشتباك"، مُشيراً إلى أن "العملية أصبحت محلَّ اهتمام الخبراء والمستشارين والمتخصصين العسكريين لدراستها كمنهجٍ يدرَّسُ في الجامعات والأكاديميات والمعاهد والمدارس العسكرية اليمنية للاستفادة منها واستخلاص الدروس والعِبَر".
دروسٌ عسكرية:
ويرى الخبراءُ العسكريون بأن الذكرى الرابعة للعملية يستفاد منها الكثير من الدروس والعبر المساندة والداعمة للتحَرّك الجهادي على مختلف الميادين والأصعدة؛ حَيثُ يقول الخبير والباحث العسكري زين العابدين عثمان: "إننا نستلهم من "عملية البنيان المرصوص" الكثير من الدروس والمسائل العسكرية الهامة؛ باعتبارها إحدى أكبر وأهمِّ العمليات الهجومية التي نفذتها قواتنا المسلحة ضد قوى العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقته؛ كونها حرّرت جبهاتٍ هي الأكثر تعقيداً وأهميّةً عسكرية كجبهة نهم التي كانت أخطر جبهة تعتمدُها قوى العدوان كمحور ضغط رئيسي على العاصمة صنعاء ورأس حربه".
ويضيف عثمان في تصريحٍ لصحيفة "المسيرة" أن "ما حقّقته عملية البنيان المرصوص يُعتَبَرُ انتصاراً عظيماً لقواتنا بفضل الله تعالى، وتمكيناً كَبيراً لم يكن في الحسبان العسكري، فقد حسمت جبهاتٍ كاملةً، وطهَّرت مساحاتٍ تُقَدَّرُ ب 2500 كم2 بدايةً من جبهة نهم، ومديريات أُخرى في محافظة الجوف ومأرب"، متبعاً أن "هذه العملية عطلت فرقة عسكرية كاملة من قوات المرتزِقة مشكلة من 22 لواء تم اغتنامُ عتادِها وإلحاق الخسائر الفادحة في عديدها".
من خصائص عملية البنيان المرصوص كذلك أنها اتسمت بعوامل الإعداد والتخطيط والتنظيم الدقيق والتكامل بين الوحدات العسكرية، وهذه كانت إحدى الجزئيات الهامة، حَيثُ كانت عملية مشتركة تداخلت فيها كُلّ التشكيلات البرية والجوية والصاروخية التي شكلت قوة مقاتلة نظامية تساندها وحدات نارية شاملة.
ويشير إلى أن "قواتِنا المسلحة ومن خلال هذه العملية وغيرها من العمليات المماثلة أصبح لديها تراكُمٌ من التجارب الناجحة، والتي عزَّزت مستوى الاحترافية والمهارات والقدرات القتالية للمجاهدين بشكلٍ أكثرَ نظاميةً وأكثر فاعلية وقدمت مدارسَ استثنائيةً في فنون الحرب والعلوم العسكرية".
صدمةٌ للعدو وفشلٌ لمخطّطاته:
من جانبه يشير الخبير العسكري اللواء يحيى المهدي، إلى أن "عملية "البنيان المرصوص" كانت من أهم وأعظم وأكبر العمليات العسكرية التي تحقّقت فيها أروع الانتصارات، وتجلت فيها الآيات الدالة على تحقيق وعود الله ونصره وتأييده للمؤمنين الصادقين الصابرين المرابطين في سبيله، من حَيثُ دقة التخطيط والإعداد والشجاعة والإقدام وقوة الثقة بالله أنه الناصر والمعين.
أما من حَيثُ اجتماع المناطق والقوات المسلحة المختلفة والاشتراك في معركةٍ واحدة وتحت قيادة واحدة ليُهزمَ الجمع ويولوا الدُّبُر؛ يلفت المهدي إلى أن "العدوّ كان يعتبر هزيمتَه في تلك الجبال الشاهقة والتحصينات الكبيرة من تضاريس طبيعية صعبة الاختراق ومن تحصينات إسمنتية رهيبة وحفر خنادق كبرى وتجميع أكبر قوة وعتاد وسلاح لمختلف الوحدات العسكرية مدعومة من أغنى دول العالم، والتي كانت دول العدوان وأحذيتها من العملاء والخونة تعتبر تلك المنطقةَ الكبيرة في مساحتها والشاهقة في ارتفاعها والمدججة بمختلف أنواع الآليات العسكرية وأحدث التكنولوجيا العسكرية والتحصينات المعقدة تعتبرها حصاراً خانقاً ومؤلماً للعاصمة صنعاء،
وتجلَّى ذلك من خلال الزيارات المتعاقبة لكبار قادة دول العدوان ومرتزِقتهم بما فيهم الناطق باسم دول تحالف العدوان (المالكي) الذي تفاخر بوصوله إلى تلك المنطقة المطلة على العاصمة صنعاء، والتي حشد فيها العدوان أكبرَ قوته طيلة أربع سنوات متتالية؛ بهدفِ الانقضاض على العاصمة بقوة لا قِبَلَ لليمنيين بها".
ويتحدث بأن "عملية البنيان المرصوص كانت مفاجِئَةً وصادمةً ومرعبة للعدو أربكت قيادتَهم وأفشلت كُلَّ مخطّطاتهم؛ وأن ما بنوه في أربع سنوات بكل الإمْكَانات الكبرى تم هدمُه في أربعة أَيَّام؛ لتتجلى آيات الله العظمى، كما قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)".
ويواصل: "لقد تجلت في تلك المعركة الحاسمة والخاطفة الآياتُ الربانية، من حَيثُ تثبيت أقدام المجاهدين والربط على قلوبهم لاقتحام أكبر وأشد منطقة عسكرية محصَّنة، ومن حَيثُ بثّ الرعب في قلوب الأعداء المعتدين الباغين الظالمين، وجعلهم ينهارون سريعاً، ولم تُغْنِ عنهم قوتُهم من الله شيئاً وضاقت عليهم الأرضُ بما رَحُبت ثم ولوا مدبِرين، ومن حَيثُ تحقيق وعدِ الله بغلبة القلة القليلة من المؤمنين على الفئة الكثيرة من أولياء اليهود والنصارى".
أما من حَيثُ الدروس المستفادة من عملية البنيان المرصوص في ذكراها الرابعة يلخص اللواء المهدي قائلاً: "مهما كانت إمْكَانات العدوّ كبيرة وتحصيناته عظيمة وخططه محكمة ومهما مكث من سنواتٍ طويلة فَإنَّ اللهَ قادرٌ على تحطيم كُلّ ما صنعوا في لمح البصر".
ويقول: "إن الأهمَّ من كُلّ ذلك أن يكون ولاؤهم لله ولرسوله وللمؤمنين؛ ليتحقّق لهم النصر المبين، فقد وعد اللهُ كُلَّ من يتولَّى أُولئك بالغلبة على أعدائهم مهما كانت قوة العدوّ وإمْكَاناته الرهيبة، قال تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وهذا ما يدعونا في هذه الأيّام، ونحن نتعرَّضُ لعدوان أمريكي بريطاني صهيوني مباشر أن نقولَ: إنَّ هلاكهم سيكون في لمح البصر على أيدي "رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً".
ويزيد: "بالتالي فَإنَّ الأمريكيين ومن معهم أكثر الناس حرصاً على الحياة وحباً للبقاء فيها وأكثر ولاءً للشيطان الذي أمر الله عباده بقتال أولياء الشيطان ووصف كيد الشيطان بالضعيف والمذموم والمدحور، أما أمريكا فهي تمثِّلُ رأسَ الشر وهي الشيطان الأكبر فسيكون زوالُ هيمنتها وغطرستها وكبرها ونهاية جرائمها على أيدي المستضعَفين في الأرض؛ لتتحقّقَ إرادَة الله تعالى التي قال فيها: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)".
ويذكر المجاهدون المشاركون في هذه العملية أن التدخُّلَ الإلهي حاضرٌ بقوة في تحييد الطيران؛ فقد أرسل اللهُ في تلك العملية غُيُوماً حجبت الرؤيةَ على الطيران، وأرسل اللهُ الأمطارَ على غير عادتها؛ لتثبِّتَ الأقدام وتتلطَّفَ الأجواءُ الباردة بفعل الأمطار؛ فحمى الله المجاهدين من استهداف الطيران الذي ظل يحلّق لكنه لا يرى الأهداف، كما أن القوةَ الصاروخية كانت قد استهدفت الاتصالاتِ ونجحت في قطع الاتصالات بين المرتزِقة بعضهم ببعض وبينهم وبين طيران التحالف الذي حتى وإن قصف، فقد كانت ضرباتُه عشوائيةً دون جدوى؛ كونه لا يعرف ماذا يحدُثُ على الأرض! وقد شاركت وحداتُ الدفاع الجوي في العملية وكانت لمنظومة فاطر1 دورٌ مهمٌّ في إرباك طيران العدوّ وإعاقته عن شن الغارات إلى جانب استهداف العدوّ في العمق السعوديّ، من خلال عمليات القوة الصاروخية والطيران المسيَّر التي استهدفت مرابضَ الطائرات في الأراضي والمطارات السعوديّة.
وبهذا يتحقّقُ الوعدُ الحَقُّ من الله الذي قطعه لأوليائه وللمؤمنين الذين يسيرون على هديه ومنهاجِه بأن ينجيَهم من كيد الكائدين ويحقّقَ على أيديهم الآيات العظيمة ويغلبَ بهم قوى الاستكبار والجبروت؛ وهو ما تشهدُه اليمنُ والمنطقةُ هذه الأيّام من أحداث وما يتحقَّقُ من انتصاراتٍ ضد رأسِ الشرِّ أمريكا وأتباعِها.
صحيفة المسيرة
قبلَ أربعِ سنوات كانت جبهة "نهم" واحدةً من أكثرِ الجبهات اشتعالاً في سِياقِ المواجهةِ مع مرتزِقة العدوان الأمريكي السعوديّ، لكن الجبهةَ انطفأت إثر العملية التاريخية العظيمة "البُنيان المرصوص".
التاريخ 29 يناير 2020م..
المكان "جبهة نهم" بمحافظة صنعاء..
والحربُ المستعرة كانت بين فصيلَين:- الأول: مَن ارتموا في حُضن العدوان الأمريكي السعوديّ ويسمَّون "المرتزِقة"، والفصيل الآخر: هم الأبطال المؤمنون المجاهدون من الجيش واللجان الشعبيّة.
نتائج العملية كانت كارثيةً ومؤلمةً على الأعداء، ومثَّلت فتحاً كَبيراً لليمن في سياق معركته مع الأعداء، حَيثُ وصلت قوات الجيش واللجان الشعبيّة إلى مفرق الجوف، وتقدمت والتحمت مع القوات هناك، وبدأت بعد ذلك في عملية هجومية أُخرى لتحرير مناطق في محافظتي مأرب والجوف، وتم تكبيد العدوّ خسائر فادحة واغتنام عتاد عسكري كبير.
بلغ إجمالي مساحة تلك المناطق التي تم تحريرها إلى أكثر 2500 كيلو متر مربع طولاً وعرضاً، فيما بلغت خسائرُ العدوّ خلال هذه العملية في عدد القتلى والمصابين والأسرى، أكثرَ من 3 آلاف و500، منهم ألف وخمسمِئة قتيل وبينهم عدد كبير من القيادات من مختلف المستويات، بينما بلغ عددُ المصابين ألفًا وثمانمِئة وثلاثين مصابًا والمئات من الأسرى.
وتعد عملية "البنيان المرصوص" واحدةً من أهمِّ العمليات العسكرية في تاريخ الحروب المعاصرة، وقد وصفها قائدُ المنطقة العسكرية المركزية، اللواء عبد الخالق الحوثي، ب "المعجزة"، واعتبرها آيةً من آيات الله؛ لما تجسد فيها من تأييد إلهي عجيب منقطع النظير.
وكان العدوانُ ومرتزِقته قد ركّزوا جهدَهم بشكل كبير حول العاصمة صنعاء، والتي كانت بالنسبة للعدوان هدفاً أَسَاسياً ركز عليه بشكل كبير، وقام بتجييشِ الجيوش للزحف نحو العاصمة ومعهم الإسناد الجوي المكثّف؛ لكنهم انصدموا بصخرة صماء أمامهم وتفاجأوا بهذه العملية التي استمرت لثلاثة أَيَّام فقط؛ لخصت مرحلة كبيرة من المواجهة الطويلة والمعارك الشديدة.
ووصف خبراءُ ومحللون عسكريون هذه العملية ب فاتحة الانتصارات؛ وذلك بعد عملية "نصر من الله" في وادي آل أبو جُبارة؛ فكانت هذه العملية هي الأكبر من حَيثُ الدلالة والمعنى، وقد قلبت موازينَ المعركة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.
وفي هذا السياقِ، يقول الخبير العسكري اللواء الركن عبد الله الجفري: "نستحضرُ تلك الانتصارات والبطولات والتضحيات للمجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة ولا ننسى أن نترحَّمَ على أرواح الشهداء والشفاء للجرحى الذين سطَّروا أروعَ الملاحم وأعظم الانتصارات في هذه المعركة المقدسة".
ويشيرُ اللواء الجفري في تصريحٍ لصحيفة "المسيرة" إلى أنَّ "هذه المعركة اتسمت بالنوعيةِ بكُلِّ المقاييس العسكرية والاستراتيجية، وأنها من أهم العمليات وأضخمها وأقدسها على المستوى العسكري والاستخباراتي والعملياتي والتكتيكي والتي حقّقت إنجازات كبيرة جِدًّا وانتصارات ساحقة وعظيمة في فترة زمنية قياسية ومساحة شاسعة وبأقل تكلفة وخسائر بشرية رغم المعارك الشرسة التي دارت في مناطقَ ذات طبيعة جغرافية وعرة وتضاريس مناخية قاسية".
ويلفت الجفري إلى أن "الفضل بعد الله -سبحانه وتعالى- كان لتطوير القدرات العسكرية الاستراتيجية للقوى الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر وبقية الوحدات العسكرية الأُخرى للجيش واللجان الشعبيّة، التي فرضت معادلةً جديدةً لتوازن القوى العسكرية، من خلال استراتيجية (توازن الردع) في قواعد الاشتباك"، مُشيراً إلى أن "العملية أصبحت محلَّ اهتمام الخبراء والمستشارين والمتخصصين العسكريين لدراستها كمنهجٍ يدرَّسُ في الجامعات والأكاديميات والمعاهد والمدارس العسكرية اليمنية للاستفادة منها واستخلاص الدروس والعِبَر".
دروسٌ عسكرية:
ويرى الخبراءُ العسكريون بأن الذكرى الرابعة للعملية يستفاد منها الكثير من الدروس والعبر المساندة والداعمة للتحَرّك الجهادي على مختلف الميادين والأصعدة؛ حَيثُ يقول الخبير والباحث العسكري زين العابدين عثمان: "إننا نستلهم من "عملية البنيان المرصوص" الكثير من الدروس والمسائل العسكرية الهامة؛ باعتبارها إحدى أكبر وأهمِّ العمليات الهجومية التي نفذتها قواتنا المسلحة ضد قوى العدوان السعوديّ الإماراتي ومرتزِقته؛ كونها حرّرت جبهاتٍ هي الأكثر تعقيداً وأهميّةً عسكرية كجبهة نهم التي كانت أخطر جبهة تعتمدُها قوى العدوان كمحور ضغط رئيسي على العاصمة صنعاء ورأس حربه".
ويضيف عثمان في تصريحٍ لصحيفة "المسيرة" أن "ما حقّقته عملية البنيان المرصوص يُعتَبَرُ انتصاراً عظيماً لقواتنا بفضل الله تعالى، وتمكيناً كَبيراً لم يكن في الحسبان العسكري، فقد حسمت جبهاتٍ كاملةً، وطهَّرت مساحاتٍ تُقَدَّرُ ب 2500 كم2 بدايةً من جبهة نهم، ومديريات أُخرى في محافظة الجوف ومأرب"، متبعاً أن "هذه العملية عطلت فرقة عسكرية كاملة من قوات المرتزِقة مشكلة من 22 لواء تم اغتنامُ عتادِها وإلحاق الخسائر الفادحة في عديدها".
من خصائص عملية البنيان المرصوص كذلك أنها اتسمت بعوامل الإعداد والتخطيط والتنظيم الدقيق والتكامل بين الوحدات العسكرية، وهذه كانت إحدى الجزئيات الهامة، حَيثُ كانت عملية مشتركة تداخلت فيها كُلّ التشكيلات البرية والجوية والصاروخية التي شكلت قوة مقاتلة نظامية تساندها وحدات نارية شاملة.
ويشير إلى أن "قواتِنا المسلحة ومن خلال هذه العملية وغيرها من العمليات المماثلة أصبح لديها تراكُمٌ من التجارب الناجحة، والتي عزَّزت مستوى الاحترافية والمهارات والقدرات القتالية للمجاهدين بشكلٍ أكثرَ نظاميةً وأكثر فاعلية وقدمت مدارسَ استثنائيةً في فنون الحرب والعلوم العسكرية".
صدمةٌ للعدو وفشلٌ لمخطّطاته:
من جانبه يشير الخبير العسكري اللواء يحيى المهدي، إلى أن "عملية "البنيان المرصوص" كانت من أهم وأعظم وأكبر العمليات العسكرية التي تحقّقت فيها أروع الانتصارات، وتجلت فيها الآيات الدالة على تحقيق وعود الله ونصره وتأييده للمؤمنين الصادقين الصابرين المرابطين في سبيله، من حَيثُ دقة التخطيط والإعداد والشجاعة والإقدام وقوة الثقة بالله أنه الناصر والمعين.
أما من حَيثُ اجتماع المناطق والقوات المسلحة المختلفة والاشتراك في معركةٍ واحدة وتحت قيادة واحدة ليُهزمَ الجمع ويولوا الدُّبُر؛ يلفت المهدي إلى أن "العدوّ كان يعتبر هزيمتَه في تلك الجبال الشاهقة والتحصينات الكبيرة من تضاريس طبيعية صعبة الاختراق ومن تحصينات إسمنتية رهيبة وحفر خنادق كبرى وتجميع أكبر قوة وعتاد وسلاح لمختلف الوحدات العسكرية مدعومة من أغنى دول العالم، والتي كانت دول العدوان وأحذيتها من العملاء والخونة تعتبر تلك المنطقةَ الكبيرة في مساحتها والشاهقة في ارتفاعها والمدججة بمختلف أنواع الآليات العسكرية وأحدث التكنولوجيا العسكرية والتحصينات المعقدة تعتبرها حصاراً خانقاً ومؤلماً للعاصمة صنعاء،
وتجلَّى ذلك من خلال الزيارات المتعاقبة لكبار قادة دول العدوان ومرتزِقتهم بما فيهم الناطق باسم دول تحالف العدوان (المالكي) الذي تفاخر بوصوله إلى تلك المنطقة المطلة على العاصمة صنعاء، والتي حشد فيها العدوان أكبرَ قوته طيلة أربع سنوات متتالية؛ بهدفِ الانقضاض على العاصمة بقوة لا قِبَلَ لليمنيين بها".
ويتحدث بأن "عملية البنيان المرصوص كانت مفاجِئَةً وصادمةً ومرعبة للعدو أربكت قيادتَهم وأفشلت كُلَّ مخطّطاتهم؛ وأن ما بنوه في أربع سنوات بكل الإمْكَانات الكبرى تم هدمُه في أربعة أَيَّام؛ لتتجلى آيات الله العظمى، كما قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)".
ويواصل: "لقد تجلت في تلك المعركة الحاسمة والخاطفة الآياتُ الربانية، من حَيثُ تثبيت أقدام المجاهدين والربط على قلوبهم لاقتحام أكبر وأشد منطقة عسكرية محصَّنة، ومن حَيثُ بثّ الرعب في قلوب الأعداء المعتدين الباغين الظالمين، وجعلهم ينهارون سريعاً، ولم تُغْنِ عنهم قوتُهم من الله شيئاً وضاقت عليهم الأرضُ بما رَحُبت ثم ولوا مدبِرين، ومن حَيثُ تحقيق وعدِ الله بغلبة القلة القليلة من المؤمنين على الفئة الكثيرة من أولياء اليهود والنصارى".
أما من حَيثُ الدروس المستفادة من عملية البنيان المرصوص في ذكراها الرابعة يلخص اللواء المهدي قائلاً: "مهما كانت إمْكَانات العدوّ كبيرة وتحصيناته عظيمة وخططه محكمة ومهما مكث من سنواتٍ طويلة فَإنَّ اللهَ قادرٌ على تحطيم كُلّ ما صنعوا في لمح البصر".
ويقول: "إن الأهمَّ من كُلّ ذلك أن يكون ولاؤهم لله ولرسوله وللمؤمنين؛ ليتحقّق لهم النصر المبين، فقد وعد اللهُ كُلَّ من يتولَّى أُولئك بالغلبة على أعدائهم مهما كانت قوة العدوّ وإمْكَاناته الرهيبة، قال تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وهذا ما يدعونا في هذه الأيّام، ونحن نتعرَّضُ لعدوان أمريكي بريطاني صهيوني مباشر أن نقولَ: إنَّ هلاكهم سيكون في لمح البصر على أيدي "رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً".
ويزيد: "بالتالي فَإنَّ الأمريكيين ومن معهم أكثر الناس حرصاً على الحياة وحباً للبقاء فيها وأكثر ولاءً للشيطان الذي أمر الله عباده بقتال أولياء الشيطان ووصف كيد الشيطان بالضعيف والمذموم والمدحور، أما أمريكا فهي تمثِّلُ رأسَ الشر وهي الشيطان الأكبر فسيكون زوالُ هيمنتها وغطرستها وكبرها ونهاية جرائمها على أيدي المستضعَفين في الأرض؛ لتتحقّقَ إرادَة الله تعالى التي قال فيها: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)".
ويذكر المجاهدون المشاركون في هذه العملية أن التدخُّلَ الإلهي حاضرٌ بقوة في تحييد الطيران؛ فقد أرسل اللهُ في تلك العملية غُيُوماً حجبت الرؤيةَ على الطيران، وأرسل اللهُ الأمطارَ على غير عادتها؛ لتثبِّتَ الأقدام وتتلطَّفَ الأجواءُ الباردة بفعل الأمطار؛ فحمى الله المجاهدين من استهداف الطيران الذي ظل يحلّق لكنه لا يرى الأهداف، كما أن القوةَ الصاروخية كانت قد استهدفت الاتصالاتِ ونجحت في قطع الاتصالات بين المرتزِقة بعضهم ببعض وبينهم وبين طيران التحالف الذي حتى وإن قصف، فقد كانت ضرباتُه عشوائيةً دون جدوى؛ كونه لا يعرف ماذا يحدُثُ على الأرض! وقد شاركت وحداتُ الدفاع الجوي في العملية وكانت لمنظومة فاطر1 دورٌ مهمٌّ في إرباك طيران العدوّ وإعاقته عن شن الغارات إلى جانب استهداف العدوّ في العمق السعوديّ، من خلال عمليات القوة الصاروخية والطيران المسيَّر التي استهدفت مرابضَ الطائرات في الأراضي والمطارات السعوديّة.
وبهذا يتحقّقُ الوعدُ الحَقُّ من الله الذي قطعه لأوليائه وللمؤمنين الذين يسيرون على هديه ومنهاجِه بأن ينجيَهم من كيد الكائدين ويحقّقَ على أيديهم الآيات العظيمة ويغلبَ بهم قوى الاستكبار والجبروت؛ وهو ما تشهدُه اليمنُ والمنطقةُ هذه الأيّام من أحداث وما يتحقَّقُ من انتصاراتٍ ضد رأسِ الشرِّ أمريكا وأتباعِها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.