قراءة من كتاب البنيان المرصوص الجزء الثاني لمؤلفه القاضي حسن حسين الرصابي. على مدى حقب تاريخية مضت ظل الساحل الغربي لليمن والساحل الشرقي للبر الأفريقي مهوى الاطماع الأجنبية ومثلما هو نعمة مع الشعوب والأمم ومع النطاقات الجغرافية الإقليمية والعالمية فأنه ومازال منفذ للتنازع والصراع الدولي .. وما نشهده اليوم من عدوان على اليمن وعسكرة البحر الأحمر من قبل دول نافذة وفي مقدمتها طاغوت العصر أمريكا.. أعمال لا يقبلها اليمن ولن يقبل إلا أن تكون كامل السيادة الوطنية في بحرها وبرها, وجوها وسيظل اليمن سنداً لأشقائه المظلومين في فلسطين وفي أمتنا العربية والاسلامية وسيقف اليمن بكل ما أؤتي من قوة ضد حرب الإبادة في قطاع غزة وهذه سمة السياسة في الثقافة اليمنية اليوم . * نقول للمستعمرين الجدد من دول الاستكبار والصهاينة الذين يستعرضون عضلاتهم في البحر الأحمر اليمن مقبرة الغزاة ولن تفتح اليمن أحضانها لأي مستعمر إلا ليدفن فيها .. عودوا للتاريخ وكيف كانت نهاية المتطاولين عليه سيخبركم كم تجرعوا من المرارات والهزائم على أيدي رجال اليمن الأباة .. عودوا من حيث أتيتم وسحبوا معكم اساطيلكم وفوضاكم تتبعكم لعنات الأحرار في المعمورة. * باب المندب منفذ للتجارة الدولية والشركات الاقتصادية في العالم * قوى النفوذ الدولية تلقي بثقلها وتواجدها العسكري في هذا المضيق العالمي.. * البحر الأحمر .. شريان دولي للتجارة الدولية والإقليمية .. وهمزة وصل اقتصادية بين البلدان والشعوب والمنظومات الاقتصادية والتجارية الاقليمية والدولية وهذه ميزة جغرافية وسمة جيوسياسية ظلت مثار الاهتمام ومهبط الاطماع والأحقاد والصراع .. " باب المندب " .. حسب مصادر تاريخية كان يطلق عليه " ذا المندب" كما أطلقت عليه تسمية " باب الدموع " ," باب الحزن والندب" جراء المخاطر العظيمة للإبحار فيه وخاصة في العهود القديمة عندما كانت بتبحر فيه السفن الصغيرة بواسطة الرياح والمجاديف .. وأيضاً يطلق على هذا المضيق مسمى مدخل الوفاء أو الولاء ويسمى ايضاً مدخل بحر القلزم أو مدخل بحر اليمن أو مدخل البحر القتباني .. مضيق باب المندب يعد البوابة الجنوبية للبحر الأحمر ويقع بين اليمنوجيبوتي المسافة بين ضفتي المضيق 22كم وتعمل جزيرة ميون "بريم " اليمنية على تقسيم المضيق إلى قناتين الشرقية والتي تعرف باسم (باب إسكندر) وعرضها 3كم وعمقها من 30-50متراً وفي الشرق منها ينتصب جبل الشيخ سعيد الاستراتيجي .. أما القناة الغربية واسمها (دقة المايون) عرضها 16كم وعمقها بين 100-200 متراً وهي المستخدمة في الملاحة الدولية فيما يبلغ عرض الطريق البحري المزدوج نحو 3,5كم غربي جزيرة ميون اليمنية لأن المياه في الساحل الجيبوتي ضحلة ويبلغ طول المضيق حوالي 150كم من الشرق الساحل اليمني ومن الجنوب تمتد ارتيريا حتى الحدود الجنوبية لجيبوتي مع الصومال. وقد منحت جزيرة ميون (بريم) اليمن الإشراف والسيادة على المضيق وفقاً للقانون الدولي البحري كما نعلم ان المياه الإقليمية للدولة 12ميلاً بحرياً من نقطة على الساحل عند المد ما يعني أن الممر الملاحي في باب المندب يقع في المياه الاقليمية اليمنية فالملاحة في المضيق سيادة يمنية من آلاف السنين ولن يعترف اليمن بحيل الدول النافذة التي تشرعن بحسب مصالحها في اتفاقية 1982م واتفاقية 1994بجاماييكا التي قلصت الحقوق السيادية للدول المشاطئة للمضائق والممرات البحرية .. اليمن كامل السيادة على الممر الدولي ذهاباً وإياباً. هناك على الشاطئ الغربي لمضيق باب المندب تقع دولة جيبوتي والذي تتمتع بموقع استراتيجي هام بحكم اطلالتها على باب المندب لكنها تفتقر للموارد الاقتصادية وتعتمد في اقتصادها على الاستثمار في استضافة القواعد العسكرية الأجنبية حيث تمتلك كل من فرنسا والولايات المتحدة الامريكية وجمهورية الصين والمانيا ودول اخرى أربية وعربية قواعد عسكرية تدر على جمهورية جيبوتي مئات الملايين من الدولارات سنوياً من عوائد تأجير الأرض للقواعد الأجنبية أما في الساحل اليمني ولله الحمد لا يوجد أي قاعدة أجنبية . دعونا نعود للورى للعام 1513م حين امتدت الاطماع الاستعمارية الغربية في هذه المنطقة منذ أن تحرك البرتغاليون لفرض سيطرتهم على جزيرة سقطرى في خليج عدن واقامة حصن قوي فيها لتضييق الخناق والحصار على مدخل البحر الأحمر .. ثم توالت الاطماع العثمانية والهولندية والإيطالية والبريطانية والفرنسية, الالمانية .. مما دفع الشركة الهولندية في عام 1614م إلى ارسال أسطول بحري إلى البحر الأحمر بقيادة " بيتردين بروك " للحصول على معلومات كاملة ودقيقة تضمن لها اقامة وانجاز نشاط تجاري هولندي في عدن والسواحل الغربية منها فتعرضوا إلى موقف طارد من العثمانيين مما أضطر الهولنديين للتوجه نحو المخا في عام 1620م لكن تعرضوا للفشل الذريع ولم يتمكن من إقامة وكالة تجارية ولكن الهولنديين لم يساورهم اليأس فعملوا على بناء شراكات تجارية مع مدن السواحل المطلة على البحر الاحمر في وقت لاحق استمرت تلك العلاقات التجارية حتى عام 1763م وعلى أثر الهولنديين جاء التحرك البريطاني الذين ساروا على النهج الهولندي فأستطاع البريطانيون اقامة وكالات تجارية ولجوئهم الى حمايتها بالقوة الحربية البحرية . . وفي سنة 1600م منحت مملكة بريطانيا امتيازاً لشركة الهند الشرقية البريطانية امتياز السماح بإقامة وكالات تجارية في عدن وفي سواحل البحر الأحمر .. وفي عام 1612م حقق الضابط البريطاني " وليم كلينج " نجاحاً ملموساً في اقامة وكالات تجارية بعد فشل تلاث محاولات سبق ان قام بها في عدن .. وفي العام 1799م احتلت بريطانيا جزيرة ميون واطلقت عليها مسمى جزيرة " بريم " وهذا قاد إلى أن توجه لندن الى احتلال عدن في العام 1839م .. ومن هنا .. ومن الخلفية التاريخية للأهمية الجيوستراتجية للبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن فأن القراءة الرافضة لما يجري اليوم من مواقف بعضها ينذر باشتعال الصراع وبعضها محتقن لا يبشر بخير فان المعطيات تشير الى ان تطورات عديدة شهدتها المنطقة مؤخراً واذا عرضنا بعض المواقف الحديثة حول ما يشهده البحر الأحمر من دول المنطقة ومن دول خارج المنطقة فأنها تشير بالكثير من المواقف التي تؤكد ان هناك تنافساً وصراعاً خفياً ومعلناً حول النفوذ وحول الاستحواذ على الجزر اليمنية والشواطئ اليمنية والتحكم في حوض البحر الأحمر.. بحسب معلومات استخبارية عن ارسال عسكريين من دولة اقليمية إلى جزيرة زقر لدراسة إنشاء قاعدة عسكرية وهناك معلومات مسربة تشير إلى انه تم تزويد قوات خفر السواحل لحكومة المرتزقة في عدن بزوارق حربية وعتاد ولم يعد يخفى على مراقب ان امريكا كانت قد أعلنت من سابق عن تأسيس قوة مهام جديدة مع من اسمتهم دولاً خليجية احدى مهامها : * القيام بدوريات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن * التصدي لتهريب الاسلحة إلى اليمن . وبحسب مراقبين عسكريين فان هذه المهام انما هي ذرائع لمطامع صهيونية تجلت في لقاء ات جرت في الامارات وفي الدوحة وفي الرياض .. ومن اخطر هذه اللقاءات ما سمي " قمة النقب " التي جمعت مصر والمغرب والامارات والبحرين وامريكا .. الخلاصة ان البحر الأحمر سيظل نافذة دولية للأطماع وللشراكات والبناء والتنمية .. وان كان سيبقى مصدر تحديات خطيرة تواجه دولة المنشاء وتحديداً اليمن التي تتحكم بمفتاحه الجنوبي وكل ما نتمناه ان تكون هذه الجغرافية والجوسياسية نعمة لمصلحة شعوب المنطقة وأولها اليمن بعد ان ظلت الجغرافية في سابقات الايام والسنوات لعنة اصابت شعوب المنطقة وجعلتها تحت تحديات غير معهودة .