أصدر فرع البنك المركزي اليمني في مدينة عدن، تقريراً مرجعياً منتصف الأسبوع الماضي، كشف عن أزمات متعددة تواجهها تلك الحكومة العاجزة عن القيام بأدنى واجباتها تجاه المواطنين اليمنيين في المحافظات الجنوبية المحتلة، وان كان الهدف من التقرير هو الدفاع عن قرارها التصعيدي ضد البنوك التجارية والإسلامية، بعد أن قوبلت برد منطقي من قبل البنوك التي تمسكت بمصالحها ومودعيها، وفضلت الحفاظ على حياديتها كونها مؤسسات مالية أهلية، لجا فرع البنك بعدن إلى تسويق العديد من الاتهامات المزعومة عن واقع القطاع المصرفي اليمني في صنعاء، مع التلويح بالاستقواء بقرار التصنيف الأمريكي ضد صنعاء لمعاقبة البنوك التجارية والإسلامية لرفضها المنطقي نقل مراكزها الرئيسية من صنعاء إلى عدن كون القانون اليمني يقف في صف القطاع المصرفي ويمنح البنوك التجارية والإسلامية حق امتلاك قرارها. وفي خضم التصعيد الإعلامي الذي يقوم به فرع البنك المركزي في عدن ضد القطاع المصرفي وضد البنك المركزي اليمني في صنعاء، فإن المؤشرات كشفت عن أزمات متعددة يعانيها فرع البنك المركزي بعدن وتعانيها حكومة المرتزقة ولعل قيام الفرع بإعلان مزادان لبيع نحو 60 مليون دولار في غضون أسبوع، يؤكد أن تلك الحكومة تعاني من عجز مالي حاد ما دفعها إلى التوجيه لفرع البنك بالتصرف لحشد السيولة الممكنة للحد من تلك الأزمة المالية التي تعانيها والتي أدت إلى عجزها الكامل عن مواجهة أزمة الكهرباء التي تعيشها المدينة الساحلية منذ اسابيع، لذلك حاولت إلقاء فشلها في إدارة الملف الاقتصادي على حكومة صنعاء وللبنك المركزي اليمني، وهذا الأسلوب تلجا إليه الحكومات العاجزة لصرف نظر الرأي العام عن أزماتها الرئيسية لافتعال أزمات أخرى، وان كانت تلك الحكومة التي فشلت في إقناع سلطاتها في حضرموت بدعم محطات كهرباء عدن بنحو 1000 برميل من المازوت من قطاعات النفط في محافظة حضرموت، سبق لها أن رفضت قبل أسابيع عرض صنعاء الأخير بخصوص إعادة إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز مقابل الاتفاق على صرف مرتبات موظفي الدولة وفقاً لكشوفات العام 2014م، رغم إدراكها أنها منزوعة القرار وان الموافقة على عرض صنعاء سيدفع نحو اتفاق حقيقي سيفرض على ادوات العدوان سيخفف من أزماتها، إلا أنها تواصل المكابرة، كما هو حالها مع قراراتها بشأن نقل مقرات البنوك والتي تكاد فترة الشهرين أن تكتمل دون أي مؤشرات لنقل البنوك، الا أنها تواصل إطلاق التهديدات ضد القطاع المصرفي الاهلي، رغم علمها استحالة نقل مراكز البنوك لأكثر من عامل، خاصة وأن تلك الحكومة فاقدة للسيطرة في تلك المحافظات ولم تستطيع توفير الحماية لنفسها ولفرع البنك في عدن الذي يخضع لحماية سعودية، اضف إلى ان هذه مطالب نقل البنوك التجارية والإسلامية من عاصمة للجمهورية اليمنية الى عاصمة مؤقته اجراء غير قانوني وغير منطقي، سيما وأن فرغ البنك الذي تبنى هذه المطالب لايزال يبحث عن ملاذ أمن له في محافظات أخرى، أو في الخارج لنقل وظائف البنك. وما يخفيه فرع البنك الذي يسعى لتسجيل حضور اعلامي لا اكثر، هو شبح الإفلاس الذي يتهدد حكومة الطرف الآخر، والذي أصبح شبه مؤكد وفقاً للتقارير والبيانات، وفي هذا الاتجاه حذر البنك الدولي في تقرير حديث له من إقتراب إفلاس حكومة المرتزقة، يضاف إلى أن مؤشرات أخرى تفيد إلى أن العجز المالي لتلك الحكومة العميلة وصل مستويات غير مسبوقة مؤخراً، ما سيدفعها لسد العجز من مصادر تضخمية ولا يستبعد لجؤها إلى طباعة كتلة نقدية جديدة، بعد أن فقد فرع البنك في عدن كافة المخزون من الفئات النقدية المطبوعة واضطر لصرف كتلة كبيرة من فئة 200 ريال لأول مرة منذ طباعة هذه الفئة عام 2018م، فالمؤشرات سوداوية بامتياز والوضع المالي لحكومة المرتزقة التي تجاوز عجزها المالي العام المنصرم 1.3 تريليون ريال، تم سد هذا العجز الكبير من خلال السحب على المكشوف من حساب الحكومة لدى فرع البنك المركزي في عدن ينبئ بمستقبل قاتم لها، ويعود ذلك إلى سياسات حكومة المرتزقة الاقتصادية التدميرية التي انتهجتها خلال السنوات الماضية ومنها السياسة التوسعية التي لجأت إليها والممثلة بالسحب على المكشوف من حسابها في فرع البنك المركزي في عدن، بهدف تمويل عجزها الكبير الناتج عن فشلها في استعادة القنوات الإيرادية التي وجهت خلال النصف الأول من العام 2016م، بالسطو على عليها، بذريعة عدم التعامل مع بنك صنعاء، وذلك في إطار التهيئة لنقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى مدينة عدن ،وعمدت إلى العبث الكبير بها دون أدنى الاعتبارات لأثار وتداعيات تلك السياسات التدميرية على القوة الشرائية للعملة وعلى معدلات التضخم وعلى الاستقرار المعيشي لملايين اليمنيين، وعلى القطاع المصرفي ككل، وكنتيجة للعديد من الممارسات التي أبرزها، قيام البنك في عدن بالمضاربة بالعملة الأجنبية والتسبب بأزمة ثقة في السوق بالعملة المحلية، سيما وأن بنك عدن أعلن منذ اليوم الأول عن نقل وظائف البنك من صنعاء اليه، بيع كتلة نقدية كانت في فرع البنك بعدن من العملات الأجنبية بالمزاد العلني وبأسعار اكبر من الاسعار السائدة في السوق الموازي حينذاك ، يضاف إلى قيام فرع البنك في يوليو 2017م، بالتخلي عن أهم وظيفة تقوم بها المصارف المركزية في العالم أجمع وتتمثل بالدفاع عن سعر صرف العملة المحلية امام العملات الأجنبية في الأسواق المحلية، وعوضاً عن قيام فرع البنك بوقف استهداف العملة المحلية حينذاك أعلن تعويم الريال اليمني بشكل كلي، ليتخلى عن أي دور في هذا الجانب، وفي المقابل ركز فرع البنك جهوده خلال الفترة 2017-2020م، بطباعة وإصدار أوراق نقدية جديدة للريال وهو ما أفضى إلى حدوث تضخم هائل، وأدى الى فقدان الريال اليمني ثلثي قيمته بحلول عام 2020م. يضاف إلى حشد المزيد من المساعدات والمنح والودائع من الدول الأجنبية وهو ما أدى إلى ارتفاع حجم الدين العام الخارجي الى اكثر من 10 مليارات دولار، بعدما كان الدين الخارجي لا يتجاوز 6,7 مليار دولار اواخر العام 2016م، ولان الهدف من تلك الممارسات والسياسات التدمير وليس العكس، فقد اتهم فريق الخبراء فرع البنك المركزي في مدينة عدن بالضلوع في عملية اختلاس مبلغ 423 مليون دولار أمريكي من الوديعة البالغة ملياري دولار أمريكي قدمتها السعودية للبنك أوائل عام 2018م، لتمويل واردات السلع الأساسية والمساعدة في استقرار سعر صرف الريال اليمني، وفي نفس الاتجاه، كشف ما يسمى برئيس اللجنة الاقتصادية السابقة في حكومة عدن، حافظ معياد، مطلع العام 2019م، عن واقعة فساد بالوثائق، ليؤكد ضلوع فرع البنك في عدن بإدارة المضاربة بالعملة أمام العملات الأجنبية، وأكد وفقاً لوثائق سربها معياد حينها، واقعة فساد بنحو تسعة مليارات ريال، قال إنها ناتجة عن المضاربة المفتعلة وذهبت لصالح فاسدين . ورغم أن آثار الممارسات التدميرية التي ارتكبت من قبل حكومة الارتزاق الموالية للتحالف السعودي الإماراتي واضحة ومشهودة، وساهمت بتعزيز حالة الانقسام النقدي والمالي بين صنعاءوعدن، وضاعفت معاناة اليمنيين، واضافت تعقيدات جديدة للمشهد الاقتصادي اليمني، الا أنها تحاول تبرئة نفسها بتسويق تقارير مرجعية وتمويل حملات إعلامية مدفوعة كلفت المال العام المنهوب في عدن ملايين الريالات، وهي محاولة لن تعفي تلك الحكومة من تحمل المسؤولية تجاه الجرائم التي ارتكبها بحق الاقتصاد الوطني، وقيامها بتنفيذ اجندات امريكية بحق الوطن، فعلى سبيل المثال، اتهم التقرير المرجعي الصادر عن فرع البنك في عدنصنعاء، بوقف التعامل بالعملة المطبوعة، واعتبر هذه الخطوة كارثية بالنسبة له، الا أنه لم يذكر دوافع قرار صنعاء بمنع التداول بالعملة المطبوعة من التداول في نطاق الأسواق الواقعة تحت سيطرتها والتي تتجاوز 65% من إجمالي السوق التجاري اليمني، وابقى الحدث دون إجابة خاصة وأن صنعاء منعت التعامل بالعملة المطبوعة دون غطاء نقدي في مناطق سيطرتها بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ نقل وظائف البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وتناسى معدو التقرير أن الذاكرة اليمنية تحتفظ بكل الانتهاكات التي تعرض لها. ومن خلال مضمون التقرير المرجعي لبنك عدن الصادر قبل أيام، يتضح أن فرغ البنك يحاول الهروب من أزمة السيولة التي يعانيها بعد أن فقد السيطرة على الكتلة النقدية الضخمة التي أصدرها خلال السنوات الماضية كنفقات ورواتب وغير ذلك، ولكونه بنك حكومة لا وجود لها على الأرض ولا سيطرة، فإن وظيفته المتاحة هو البحث عن تمويلات تضخمية لعجز وفشل السياسية المالية لحكومة المرتزقة، فيقوم فرع البنك في عدن بتمويل عجز تلك الحكومة بطباعة تريليونات الريالات من العملة دون غطاء مستغلاً الاعتراف الأمريكي والسعودي والإماراتية والبريطاني بفرع البنك. المثير للسخرية أن فرع البنك في عدن اتهم البنك المركزي في صنعاء، بالمضي نحن الشمول المالي، وهو اعتراف بنجاح البنك باتخاذ خطوات إيجابية نحو تعزيز الشمول المالي، والدفع بالقطاع المصرفي اليمني بالاتجاه نحو الدفع الالكتروني، والذي أصبح اليوم في ظل التطورات المصرفية التي يشهدها العالم، وتجاهل الحديث عن تلقيه منح مالية للتدريب والتأهيل ورفع القدرات في هذا الجانب، وان مؤسسات مالية دولية طالبت اليمن بسرعة تنفيذ خطوات في إطار الدفع الالكتروني، كما لم يتحدث عن عجزة الكامل في اتخاذ أي خطوات في هذا الاتجاه، ولم يجرؤ الحديث عن تفوق صنعاء في هذا الجانب واتخاذها خطوات جيدة ،وانه تعمد إعاقة هذا التوجه وهناك بيانات صادرة عنه تحذر من الانتقال نحو الدفع الالكتروني، ولم يتحدث أن هناك قانون يعود للعام 2006م بهذا الجانب، وان هناك ستة تراخيص منحت لبنوك قبل الحرب والحصار، وقبل الأخير تحدث البنك في عدن في تقريره عن قيام صنعاء بسك 100 ريال معدنية، وتناسى أنه طبع 5.2 تريليون ريال دون غطاء لسد عجز حكومة المرتزقة، وأن سك فئة 100 ريال لم تأت لتضاعف معاناة القطاع المصرفي كون اصدارها استند إلى القانون وجاء في إطار المعالجات التي قام بها البنك في صنعاء لسد حاجة السوق بالسيولة من فئة 100 ريال معدنية، في حين كان الأحرى بفرع البنك في عدن أن يعالج تداعيات الإصدار النقدي الكارثي الذي دفع الاقتصاد الوطني ثمناً باهضاً لتلك السياسيات التدميرية. ختاماً.. نؤكد أن كل المؤشرات تفيد بأن فرع البنك المركزي في عدن يواجه اسوأ الأزمات، وان حكومة.المرتزقة تواجه حالة إفلاس، وعلية نرى أن الحل الوحيد لتلك الحكومة ولفرع البنك، التوقف عن أي سياسات تصعيدية تجاه صنعاء، والقبول بالعروض المقدمة بشأن تحييد البنك وبشأن إعادة إنتاج النفط وصرف المرتبات لكافة الموظفين، والتقاط أي فرص تقدم من قبل الأممالمتحدة قد تسهم في تخفيف تلك الأزمات وتوقف تداعيات انهيار الأوضاع وخروجها عن السيطرة في عدن، فالعروض المقدمة من قبل صنعاء بشأن تحييد الاقتصاد وتحييد البنك واعادة تصدير النفط اليمني وصرف المرتبات من عائدات النفط بما يضمن استدامة رواتب الموظفين ويخفف من معاناتهم متاحة ، وتمثل اليوم قارب نجاه لتلك الحكومة أن أرادت تجنب الغرق .