ما تشهده أرض الواقع من أحداث في فلسطينوأوكرانيا يؤكد أن أمريكا ومن يتحالف معها من الدول التي تدور في فلكها كبريطانيا وفرنسا وألمانيا واستراليا وكندا وغيرها من البلدان بما في ذلك الأذيال التابعين من العرب الأثرياء يسيرون في طريق مسدود وأن آمالهم في تحقيق انتصارات تساعدهم على التحكم في مصير عالم اليوم الذي أفاقت الكثير من شعوبه من غفوتها وأعادت تشكيل وعيها الوطني بدأت تتلاشى خاصة فيما يتعلق بمسار الحرب الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكذلك الحرب في أوكرانيا التي هي في الأساس حرب أمريكية بامتياز حيث أن هدف الأولى هو القضاء على المقاومة الفلسطينية وتغييب قضية الشعب الفلسطيني بمساعدة عربية والثانية هدفها إضعاف روسيا الاتحادية كونها تشكل عقبة كأداء في طريق أمريكا لإحكام السيطرة على العالم فجاءت نتائج الحربين في فلسطينوأوكرانيا حتى اللحظة على عكس ما خططت له الادارة الأمريكية وحلفاؤها وهو الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يعيد حساباته رابطا ما يجري في فلسطينوأوكرانيا بعملية الانتخابات الرئاسية التي سيخوضها كمرشح للحزب الديمقراطي نهاية العام الجاري أمام مرشح الحزب الجمهوري المحتمل وخصمه اللدود الرئيس السابق دونالد ترامب مما يزيد حسابات بايدن تعقيدا، بينما منافسه الذي يتوعده بالفوز عليه يستغل أخطاء الادارة الديمقراطية ويجيرها لصالحه ولا يبالي بتقديمه إلى المحاكمة بتهم كثيرة نسبت اليه بما فيها تهم جنائية وصدور عدد من الأحكام ضده يراهن عليها بايدن لإضعاف موقف منافسه ترامب وإخراجه من حلبة السباق، وعليه يظل رهان بايدن على تحقيق الجيش الصهيوني انتصارا ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وتحديدا على حركة حماس التي جعلها القادة الصهاينة هدفهم الرئيس للتخلص منها منذ بداية العدوان على غزة وأيضا تحقيق نصر في أوكرانيا ضد روسيا الاتحادية هو في الحقيقة رهان خاسر لا يمكن له أن يتحقق أبدا لا في قطاع غزة ولا في أوكرانيا وأن جري بايدن وراء السراب من خلال ما يقدمه من مقترحات لتحقيق السلام حسب زعمه سيجعله يخسر كرسي الرئاسة ولن يتحقق له الفوز بولاية ثانية حتى لو لم يكن منافسه ترامب من الحزب الجمهوري ما لم يعيد حساباته من جديد ويمتنع عن دعم اسرائيل عسكريا وماديا التي يرتكب جيشها جرائم إبادة جماعية ضد الشيوخ والنساء والأطفال في قطاع غزة وتدمير البنية التحتية للقطاع وفرض الحصار الجائر على المدنيين الأبرياء إضافة إلى أن نتنياهو يستغل ضعف الإدارة الأمريكية الحالية وضعف بايدن شخصيا فيزيد من إحراجها على المستوى العالمي جاعلا أقوالها بلا أفعال ، ونفس الشيء يحدث في أوكرانيا التي لم تستفد من الدعم الغربي لها عسكريا وماديا وتحريض قيادتها لمواجهة روسيا الاتحادية فكانت النتيجة خسارتها الكبيرة في هذه الحرب التي خاضها اليهودي زيلسنكي بالوكالة عن أمريكا وحلفائها حيث كان يعتقد أنه قادر على تحقيق اهداف امريكا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوربي لتشكل أوكرانيا شوكة في حلق روسيا الاتحادية لخنقها وتقزيم نفوذها في العالم وقبول بلاده عضوا في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ولكن الرياح جرت على غير ما تشتهيه السفن فهاهو زيلسنكي اليوم يتحسر على تسببه في تدمير بلده وينتقد داعميه زاعما أنهم تخلوا عنه وانشغلوا بإسرائيل خوفا عليها من الهزيمة بعدما ورطوه في تحديه لروسيا الاتحادية وقد ربما يكون مصيره القتل أو الانتحار وهو المصير الذي سيلاقيه بلا شك نظيره نتنياهو في تل أبيب لأن فشلهما في عدم تحقيق أهداف حربيهما المعلنة مرجعيتهما واحدة ومهما كابرا وواصلا تنفيذ أجندات داعميهما واستخدامهما كأدوات فلن يخرجا بنتيجة مغايرة لما وصلت اليه الأمور حاليا من تعقيد بالنسبة لهما. أما معركة عدم التعامل بالدولار التي بدأت تلوح في الأفق فسوف تشكل الضربة القاصمة للاقتصاد الأمريكي ولا يستبعد من الادارة الأمريكية في حالة حدوث ذلك أن تقدم على خوض حرب عالمية ثالثة ستكون بالنسبة لها مسألة حياة أو موت لا سيما أنها من جنت على نفسها بسلوكها الخاطئ وانتهاج سياسة تسلطية جعلت الشعوب الحرة ترفضها وتقاومها بما في ذلك شعوب تدور أنظمتها في فلكها ولكنها وجدت نفسها بأنها لم تعد صاحبة القرار وقد امتد هذا التذمر من السياسة الأمريكية المتسلطة ليصل إلى دول حليفة لها مثل فرنسا فقد هدد الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه سيعيد النظر في علاقة فرنسابأمريكا منعا لتدخلها في الشأن الفرنسي، وهناك العديد من دول الاتحاد الأوروبي بدأ قادتها يتذمرون جهرا من سياسة أمريكا التي انعكست سلبا على أوضاع شعوبهم وأثرت على علاقة أنظمتهم الأوروبية بالدول الأخرى في قارات آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وقد سارع بعضهم إلى الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية وهو ما جعل الإدارة الأمريكية تشعر بخطورة تصرفاتها غير المسؤولة نتيجة نهجها السياسي الخاطئ وغير المتوازن مع الشعوب الأخرى وفرض عليها إرادتها خاصة موقفها المنحاز لإسرائيل في حربها الظالمة ضد قطاع غزة وقد تعزز هذا التذمر داخل أمريكا نفسها من خلال خروج طلبة الجامعات الأمريكية بمظاهرات تطالب بالوقف الفوري للحرب في غزة وإيقاف الدعم العسكري الأمريكي للجيش الصهيوني وهذا يحدث لأول مرة منذ الحرب الأمريكية ضد فيتنام في ستينيات القرن الماضي، وكذلك لأول مرة يجد اللوبي الصهيوني نفسه داخل أمريكا في أضعف حالاته وغير قادر على ممارسة ضغوطه المعتادة لكسب التأييد الكامل من قبل الشعب الأمريكي لإسرائيل بل أن هناك انقسامات على المستوى الرسمي في أوساط أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين حول ما يجري في قطاع غزة بتأييد كامل من إدارة بايدن الديمقراطية المتصهينة أكثر من الصهيونية نفسها ولعل الموقف الدولي المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وقبول الأممالمتحدة منح العضوية الكاملة للسلطة الفلسطينية قد زاد الشرخ اتساعا في موقف الإدارة الأمريكية ما بين المؤيد والمعارض وهو ما سينعكس سلبا في الانتخابات الرئاسية القادمة والتي من المؤكد أن ضحيتها سيكون بايدن نفسه نتيجة لسياساته المبنية على حسابات خاطئة وغير حكيمة.