فرقة للموساد في المهرة ولجنة أمريكية في عدن    شهيد مشروع تصحيح مسار الثورة    الهجوم والهجوم المضاد    باحث سياسي: قبل الغزو اليمني كانت "مساجد الجنوب لله وحده"    من عامل نظافة 7 سنوات إلى تحقيق شهادة جامعية بامتياز    الجيش السعودي يستهدف المناطق الحدودية    مايكروسوفت: انقطاع عدة كابلات بحرية دولية في البحر الأحمر (2)    سردية اللعبة المكشوفة.. هبوط وارتفاع العملة المحلية والأسعار    حرمان جيشنا وأمننا من مرتبات 17 شهرا وأموالنا تذهب للأوغاد    التناقض في سياسات ترامب الخارجية    صفقة الظلام: كيف تتحول جوجل ويوتيوب إلى أدوات لتصميم الدعاية الإسرائيلية    صحيفة أمريكية: صنعاء قادرة على تعطيل القواعد الجوية الإسرائيلية    البوسنة تتصدر بسداسية.. والنمسا تكسب قبرص    اليمن وعمان في مواجهة الصعود للنهائي    رونالدو يتجاوز ميسي في عدد الأهداف بتصفيات كأس العالم    المنحة الإماراتية: بادرة كريمة لدعم الطلبة الجنوبيين في مسيرتهم الجامعية    ريتيجي ابن الأسطورة يبصم على الثامن مع الآزوري    خماسية برتغالية في أرمينيا بنكهة قطبي الرياض    تصفيات كأس العالم: نيجيريا تبقي على حظوظها بالفوز على رواندا    اعتزال ميسي " ملئة الدنيا وشغلت الناس "... !    مركز الأرصاد يتوقع أمطارًا رعدية ورياحًا قوية في عدة محافظات    القيادة المحلية لانتقالي حبان تعقد اجتماعها الموسع للفصل الثاني من العام الجاري    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة أخرى    بيان البنك المركزي بعدن.. دفاع مرتبك أم هروب من المسؤولية؟    ترحيل 2476 مهاجراً دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة    شرطة الجوف تستعيد سيارتين مسروقتين    وزارة الاقتصاد تكرم المخترع الراحل محمد العفيفي    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    بعد قليل .. انطلاق حملة تغريدات استمراراً للاحتفال بذكرى المولد النبوي    نسائية مديريتي برط العنان والمراشي تحتفي بذكرى المولد النبوي    قيادة الانتقالي تناقش ملفات الضرائب والكهرباء والأراضي    البرلمان العربي يدين التصريحات الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبده حسين حبيش    توقعات بهطول أمطار مصحوبة بالعواصف الرعدية في عموم محافظات الجنوب    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    تسجيل هزة أرضية غرب اليمن    العلامة مفتاح يؤكد على مضاعفة الجهود لتوفير خدمات الكهرباء والمياه    الرئيس الزُبيدي يُعزي في وفاة المناضلين مختار ومحمد العوسجي    بدء صيانة شارع كورنيش المرشدي في المنصورة    تعز.. اعتقال أكاديمي أثناء زيارته لمنزل والده    77 مليون ريال غرامة وإغلاق فوري.. 6 أحكام قضائية ضد محطات وقود متلاعبة بتعز    تهريب ملك قتبان الى باريس    واشنطن ترسل 10 طائرات مقاتلة إلى بورتوريكو وسط تصاعد التوتر مع فنزويلا    أمسية للجانب العسكري بمحافظة إب بذكرى المولد النبوي الشريف    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    ضمن استراتيجية بناء جيل متسلح بالعلم.. 100 طالب وطالبة يبتعثهم المجلس الانتقالي للدراسة في الخارج بدعم من دولة الإمارات    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    الصمود والمواجهة: إرادة تصنع النصر    وفاة طفلين يتيمين في ظروف غامضة بمحافظة إب    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي إبراهيم الحائر في وفاة والده    البيت الهادئ يدعو للقلق .. قراءة في تجربة طه الجند    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    حل طبيعي .. شاي أعشاب يثبت فعاليته في السيطرة على سكر الدم    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    اكتشاف يعيد فهم ممارسات طب الأسنان القديم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماكرون تلاعب بفرنسا وأدخلها النفق المظلم
نشر في 26 سبتمبر يوم 09 - 07 - 2024

توصل الإتحاد الأوروبي مؤخراً خلال انعقاد القمة الأوروبية في بروكسل, إلى اتفاق تقاسم وتوزيع المناصب السياسية القيادية للسنوات الخمس القادمة, وحرص صقور الإتحاد على استباق الجولة الأولى للإنتخابات الفرنسية,
وتوزيع المناصب على الإئتلاف المهيمن على برلمان الإتحاد الأوروبي، الذي يضم كل من حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) وحلفائه الرئيسيين وتجمع الإشتراكيين والديمقراطيين وحزب تجديد أوروبا الوَسطي.
حيث تم إعادة تعيين أورسولا فون دير لاين رئيسةً للمفوضية لولاية ثانية, ورئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس ممثلاً أعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وتم ترشيح رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو كوستا لرئاسة المجلس الأوروبي, على الرغم من تورط كل من كالاس و كوستا في بلادهم بفضائح سياسية وقضايا فساد, ناهيك عن الشكوك التي تحيط بطريقة أداء فون دير لاين, واستغلالها منصبها ونفوذها لدفع المفوضية دائماً بإتجاه تقديم الدعم والتمويل لحكومة كييف.
إن ضلوع الرئيس الفرنسي بعملية تسهيل وصول "أصدقائه" لإعتلاء المناصب العليا في الإتحاد الأوروبي, بات أمراً مكشوفاً, وقد تم بالتوافق المستشار الألماني شولتز, وعدد من الزعماء الأوروبيين الذين أشادوا بإتفاق بروكسل وبالتعيينات الجديدة, بإستثناء جورجيا ميلوني التي صوتت ضد ترشيح كوستا وكالاس، وامتنعت عن التصويت على تعيين فون دير لاين.
ولا يخفى على أحد إهتمام الرئيس ماكرون بما هو أبعد من مصالح فرنسا وأوروبا والإتحاد الأوروبي في السلام والأمن الأوروبي, وبإنشغاله بما يجري في أوكرانيا, وبإلتحاقه الدائم بالموقف الأمريكي وبضرورة هزيمة روسيا, وبإخضاع أوروبا لإرادتها وصبغها باليمين, وسط رهانه على استحالة فوز اليمين في فرنسا, وبقدرته على منح الأفضلية لحزبه وما يمكن تسميته بالماكرونية السياسية, خصوصاً وأنه يسير نحو إنهاء ولايته الثانية والنهائية له كرئيسٍ لفرنسا, وعليه تعمد اللجوء إلى إنتخاباتٍ مبكرة بهدف قطع الطريق على أحزاب اليمين واليسار؟.
لكن نتائج الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية الفرنسية حملت له وللكثير من الفرنسيين التعاسة والحزن والغضب, بالتوازي مع التعاسة التي أصابت زيلينسكي وهو يتابع أداء بايدن أمام دونالد ترامب في المناظرة التلفزيونية, وهو يدرك أن ترامب قد ينهي الصراع في أوكرانيا خلال يومٍ واحد كما وعد.
يبدو العامل المشترك والحاسم بين الانتخابات الفرنسية والرئاسية الأمريكية هو أوكرانيا, فالبرلمان الفرنسي القادم, سيكون تحت سيطرة نواب التجمع اليساري وجان لوك ميلينشون، وتجمع مارين لوبان اليميني بدرجة أقل, وسيكون البيت الأبيض تحت قيادة دونالد ترامب, وبذلك ستتحول شراكة بايدن الأمريكي – ماكرون الفرنسي الداعمة لإستمرار الحرب في أوكرانيا, إلى شراكة معاكسة تماماً, فترامب يريد أنهاء الصراع في يومٍ واحد, وكذلك يعتقد الكثيرون بأن لوبان تفضل الحل السلمي في أوكرانيا, وتدعم المفاوضات مع روسيا.
والأمر ينسحب أيضاً على مواقف ميلونشون وغالبية اليسار من القضية الفلسطينية, ودعمهم لوقف العدوان على غزة, على عكس زيلينسكي وحكومته, والأمر ينسحب أيضاً على مسألة زعامة فرنسا لمعسكر الحرب على روسيا, والتي يبحث عنها ماكرون وقراره بإرسال القوات الفرنسية إلى جبهات المواجهة المباشرة, ناهيك عن رفضهم إنضمام أوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي.
يبدو أن فرنسا تسير نحو تحدي نهج ماكرون, الذي وعد مؤخراً, زيلينسكي بحضورالرئيس بايدن في باريس أثناء احتفالية الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي, بتقديم "المزيد من الأموال لأوكرانيا"، ورغبته ببدء محادثات انضمام كييف إلى الإتحاد الأوروبي, كذلك هجومه على معارضيه الفرنسيين جراء دعمه لزيلينسكي ووصّفهم بال "مشبعين بروح الهزيمة".
ومع إنكسار شوكة إدارة بايدن وماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية وعشرات القادة الأوروبين, بمواجهة روسيا في أوكرانيا, وكذلك هزائم نتنياهو واّلة بطشه العسكرية في غزة, والتي دعمها الرئيس ماكرون قبل تسعة أشهر وأيد "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها", أكدت أن الحضور القوي ل لوبان وميلينشون, الذي أفرزته نتائج الجولة الأولى للإنتخات, لن يسمح لماكرون بمواصلة دعمه المالي والمادي لأوكرانيا , والإستفراد الإسرائيلي - الأمريكي بالفلسطينيين في غزة.
إن نتائج الجولة الانتخابية الأولى في فرنسا, أظهرت الشارع الفرنسي الذي عجز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عن التأييد الواضح لماكرون أولوبان, وسار في طريق "لا ماكرون , لا لوبان ", بأنه يتجه اليوم نحو اختيار طريق لوبان, بما سمح لها بالقول: أن "معسكر ماكرون تم محوه عمليا".
لكن كراهية غالبية الفرنسيين للرئيس ماكرون أكدت قبيل الجولة الثانية أن أصوات الناخبين ستصب في صالح لوبان واليمين المتطرف, على غرار جيرانهم الألمان والطليان والهولنديين وغيرهم, وكان على ماكرون استغلال ال /7/ أيام التي تفصل بين الجولتين الإنتخابيتين لتدارك كارثية نتائج الجولة الأولى.
فلجأ إلى "الإنسحابات التكتيكية" والتخلص من مجموعة نوابه، وتعريض مصداقية فرنسا وسلامها الداخلي للخطر, ولإسقاط رئيس وزرائه غابرييل أتال, على أمل نجاح التصويت التكتيكي الجماعي لوقف لوبان – بارديلا وحزب الجبهة الوطنية, لكن وعي الفرنسيين أنقذ البلاد, واتجهت الأصوات نحو التجمع اليساري الذي تمكن من تحقيق الفوز دون غالبية مطلقة, الأمر الذي سيفرض على ماكرون تشكيل حكومة إئتلافية ستكون ضعيفة قبل أن تولد, للأسف رأى الفرنسيون بأم أعينهم ما فعله ماكرون بغطرسته وطموحاته الأوروبية, وشراكته الأمريكية , كيف أنه أذل الفرنسيين وأضعف فرنسا وأوصلها إلى حكومة ستكون متناقضة ومتنافرة بطبيعتها.
وما بعد ظهور نتائج الجولة الثانية وفوز التجمع اليساري, ومن خلال خطابٍ ناري طالب جان لوك ميلينشون بأحقية التجمع اليساري بقيادة البلاد وبرئاسة الحكومة, لكن ماكرون لن يمنح غريمه وصديقه السابق ميلونشون هكذا فرصة, وطلب من غابرييل أتال البقاء في منصبه كرئيس للوزراء - في الوقت الحالي - من أجل "ضمان استقرار البلاد".
خصوصاً وأن التوتر بلغ مداه فور إعلان النتائج, بصعود اليسار إلى الصدارة وتراجع اليمين إلى المركز الثالث, واحتلال إئتلاف الماكرونية المرتبة الثانية, يا له من مشهد خصوصاً وأنه قد جاء بعكس التوقعات واستطلاعات الرأي, وأن الثابت الوحيد فيه أن ماكرون أدخل البلاد بحالة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي, والتي كان من أولى تداعياتها, فوضى في شوارع باريس وغير مدن, ومواجهات مع رجال الشرطة والأمن.
خسر ماكرون, وعقد أتال عزمه على الإستقالة, وبدت لوبان غاضبة, فيما وصف بارديلا التحالفات الأخيرة والإنسحابات التكتيكية والتصويت التكتيكي ب " تحالف العار المضلل", فيما تبين أن ميلونشون هو الأكثر سعادة, وسط إعتقاده بأحقيته بتشكيل الحكومة ورئاستها.
من الواضح أن ماكرون فتح نوافذ الداخل الفرنسي, ووضع حياة ومستقبل الفرنسيين رهينة دوامة الأحداث الخارجية, بدءاً من أوكرانيا وصولاً إلى غزة والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي, وربطها من جهةٍ أخرى بإستمرار ترشيح الرئيس بايدن, والحفاظ على شراكة بايدن – ماكرون .
على الرغم من انتهاء الانتخابات البرلمانية في فرنسا, لكن تداعياتها بدأت, ولن يستطيع أحد تكهن الطريق التي ستسير عليه فرنسا, وفي أي نفق أدخلها الرئيس ماكرون, وسيبقى السؤال, هل كانت التغييرات الداخلية التي حققتها لوبان على تجمعها الوطني كافية لتكون يميناً يختلف عن نظرائه في أوروبا, وهل سيرسل ميلونشون القوات الفرنسية لحماية غزة والدولة الفلسطينية من الهمجية والمجازر الإسرائيلية, على عكس ماكرون الذي أراد إرسالها إلى أوكرانيا لقتال القوات الروسية ؟, ووسط "الدخان" الذي بدأ يعلو سماء باريس هل يكون ماكرون "نيرون" الذي أحرق فرنسا, بعدما تلاعب بها وأدخلها في النفق المظلم.
#كاتب وباحث استراتيجي
9/7/2024


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.