الجمال تظهر من جديد في عدن    وزير الأمن الإيراني: الوثائق النووية الإسرائيلية ستُنشر قريباً    ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى البحرى للصين 1.39 تريليون دولار خلال 2024    ملعب النصر يحتضن تدريبات اليمن في الكويت    مقتل وإصابة 12 شخصا برصاص مسلح داخل مسجد برداع    حجاج بيت الله يواصلون رمي الجمرات في ثاني أيام التشريق    تفقد أحوال الجرحى بالمستشفيات    مليشيا الحوثي تستحدث جمارك بدمت الضالع بعد أيام من افتتاح الطريق    الشاب الحافظ احمد.. من ختم القرآن إلى جنات الرحمن    اليوم البرتغال ضد إسبانيا في نهائي دوري الأمم الأوروبية    وفاة قائد اللواء التاسع مشاة العميد محمد الغولي    الغلاء وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بعدن تسرق فرحة الناس بالعيد    ترامب يلوح بتدخل الحكومة الفدرالية لإنهاء الشغب بلوس أنجلوس    من المستفيد من عرقلة السلام في اليمن    في الأزارق..شاب يقتل ضيفه ويدفنه بحوش المنزل    استفزاز صلاة العليمي في عدن.. مجرم شارك في توجيه الحرب على عدن" عام 2015    سيدات برشلونة ابطال كأس الملكة للمرة 11 في تاريخهم    التصفيات الاوروبية: هولندا تتجاوز فنلندا النمسا تهزم رومانيا وتعادل صربيا    احتفاءً بالعيد.. المتحف الوطني بصنعاء يفتح أبوابه مجانًا للزوار    فرنسا تطالب سلطة صنعاء بالإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة    إيران تعلن الحصول على وثائق نووية إسرائيلية    البيداء دونهم... تنويعات في حضرة العيد    منتخب اليمن يصل الكويت استعداداً لمواجهة لبنان في تصفيات كأس آسيا 2027    أكثر من 100 شهيد في غزة خلال أول وثان أيام عيد الأضحى    شركة الغاز تعلن مواصلة عمليات التموين المنتظمة لكافة المحافظات    إرسال وحده جمركيه متنقله لتسهيل الاجراءات الجمركيه لشاحنات التجار والمستوردين    ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة    أيام التشريق .. شكر وذكر    عن تكريس "ثقافة التخوين"..؟!    المركزي الصيني يعزز احتياطياته من الذهب للشهر السابع    ضيوف الرحمن يواصلون رمي الجمرات بأول أيام التشريق    فليك ولابورتا يرفضان عرض تشيلسي    برنامج أممي: الحوثي يشترط دخول المساعدات الإنسانية لليمن "حصرا" عبر مسقط    الكرة الذهبية.. صلاح يتعرض للعنصرية بسبب جنسيته    الداعري ينتقد الأوضاع المعيشية بسخرية لاذعة: "لا رواتب.. ولا كباش عيد!"    توتر غير مسبوق في مأرب    مفاجأة.. إقالة مدرب توتنهام بعد 16 يوماً من إنجازه التاريخي    مفاجأة من الماضي.. الذكاء الاصطناعي يعيد تأريخ مخطوطات البحر الميت    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    منظمات المجتمع المدني تستجيب لنداء "الشؤون الاجتماعية" وتوزع آلاف الأضاحي على الأُسر الأشد فقراً    شبوة.. مقتل شاب في أول أيام العيد خلال اشتباكات داخل مصلّى    شرطة ذمار تكشف مصير السجناء الذين فروا من سور الاصلاحية المركزية    التشبث بالعيد كلعبة طفل ونافذة نور    إب.. وفاة ثلاثة شبان من اسرة واحدة اختناقا داخل بئر مياه    من عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!    دراسة تحذر: العمل لساعات طويلة يغير بنية الدماغ    الإسعافات الأولية في حالات الإغماء    مفاجأة علمية.. مادة في البول تكشف أسرارا مخبأة في أنسجة أدمغة عمرها 200 عام    الوطن في وجدان الشرفاء فقط!!    التحديات والاستراتيجيات في ترجمة الشعر العربي إلى الإنجليزية: دراسة تحليلية لترجمة قصيدة الشاعر أحمد مطر، "الرئيس المؤتمن"    الفريق السامعي يهنئ أدباء اليمن وكتابها وصحفييها وفنانيها بعيد الاضحى    خواطر مسافر.. بنوك الطعام في كندا    يوم عرفة والقيم الانسانية    عدن تتنفس السموم.. تقرير استقصائي يكشف كارثة صحية وراء حملات "الرش الضبابي"    نص الدرس السادس لقائد الثورة من سلسلة دروس القصص القرآني    مرصد إعلامي: مايو الأكثر قمعاً على الصحفيين اليمنيين خلال العام 2025    هلال الإمارات يبدأ توزيع كسوة العيد على الأيتام في شبوة    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يواصل جهوده التوعوية بأضرار التدخين في حضرموت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة السورية .. بين التجاذبات الإقليمية وأولويات الحل الوطني
نشر في 26 سبتمبر يوم 20 - 01 - 2025

تحولت الأزمة السورية من صراع داخلي إلى ميدان لتنافس القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، على حساب استقرار الشعب وإعادة بناء الدولة،
التناقض الواضح بين المشاريع الإقليمية يزيد من تعقيد المشهد، حيث تسعى بعض القوى لتعطيل الانتقال السياسي بما يتماشى مع رؤاها للحكم في المنطقة. هذا التوجه يُعزز الانقسامات الداخلية ويدفع إلى الفوضى، وفي المجمل فإن الأزمة السورية تمثل تحديًا داخليًا، لاسيما مع غياب رؤية موحدة لبناء الدولة بين الفصائل المسلحة والطوائف والإثنيات، والتيارات السياسية، حيث أدى إسقاط النظام السابق إلى خلق فراغ سياسي وسلسلة من التجاذبات الأيديولوجية التي تُعرقل بناء الثقة بين الأطراف، الأخطاء التي ارتُكبت نتيجة غياب التخطيط السياسي والاعتماد على التصرفات الفردية ساهمت في تفاقم الأزمة، مما أتاح للقوى الخارجية فرصًا للتدخل وتغذية الانقسامات.
مواجهة التحديات
الأحداث الأخيرة تُظهر محاولات مستمرة لتوظيف الأوضاع في سوريا لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية، سواء عبر تصعيد الأوضاع الأمنية أو الدعوة لتدخلات دولية تحت مسميات إنسانية، في ظل هذه المعطيات، يتطلب الموقف مواجهة التحديات بعقلانية عبر بناء شراكة وطنية شاملة تعيد الثقة بين مكونات المجتمع، وترسم ملامح مشروع وطني جامع، لذلك يبقى مستقبل سوريا مرتبطًا بقدرتها على تجاوز التجاذبات الإقليمية والداخلية، يتطلب ذلك وضع استراتيجية متكاملة لإعادة هيكلة الدولة، بدءًا من توحيد الفصائل المسلحة تحت مظلة وطنية، وصولاً إلى معالجة الأزمات المعيشية والاقتصادية التي تهدد السلم الاجتماعي، التحرك الجاد في هذا الاتجاه، مع دعم عربي ودولي واضح، يمكن أن يكون مدخلًا لإعادة بناء الدولة وضمان الاستقرار.
الأزمة في السياق الإقليمي والدولي
شهدت سوريا خلال العقد الماضي تداخلًا غير مسبوق للمصالح الإقليمية والدولية، هذا التداخل حولها إلى ساحة لتصفية الحسابات الجيوسياسية بين قوى كبرى كروسيا والولايات المتحدة، وأخرى إقليمية مثل تركيا وإيران، هذه الأطراف لم تكتفِ بتقديم الدعم لفصائل محلية، بل سعت إلى تشكيل خارطة جديدة تعيد تعريف النفوذ في الشرق الأوسط.
الاختلافات بين هذه المشاريع ظهرت بوضوح في محاولات تعطيل العملية السياسية، حيث تتباين الرؤى حول شكل الدولة السورية المستقبلية، فبينما تُصر بعض القوى على الحفاظ على المركزية السياسية بما يضمن بقاء سوريا موحدة، تدفع أطراف أخرى نحو نماذج فيدرالية أو حتى تقسيم البلاد كأمر واقع، لتحقيق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.
على الصعيد الداخلي، تواجه سوريا معضلات عدة أبرزها غياب القيادة الموحدة في صفوف المعارضة، إسقاط النظام السابق لم يُنهِ الأزمة، بل كشف عن فجوة أعمق بين الفصائل المسلحة ذات التوجهات العقائدية والسياسية المختلفة، هذه الفجوة، بدلاً من أن تكون دافعًاً للاتحاد، أصبحت سببًا في تعميق الانقسامات وإضعاف الموقف التفاوضي للمعارضة أمام المجتمع الدولي، إضافة إلى ذلك، أخطاء بعض الفصائل المسلحة ساهمت في تعزيز حالة الفوضى بالتصرفات الفردية، وغياب الرؤى، أفقدت الجماعات المسلحة الكثير من الدعم الشعبي، ودفعت الشعب السوري نحو حالة من الإحباط واليأس.
مؤتمر الرياض ودلالاته
في هذا السياق، يأتي انعقاد مؤتمر وزراء خارجية العرب والغرب في السعودية كفرصة لتسليط الضوء مجددًا على الأزمة السورية ومحاولة إيجاد حل شامل لها، أهمية المؤتمر تكمن في أنه يمثل عودة الحضور العربي المكثف في الملف السوري، حيث تسعى الدول العربية إلى صياغة موقف موحد يدعم الاستقرار السياسي وإعادة الإعمار، كما يعكس المؤتمر إدراكًا دوليًا بأهمية تعزيز الدور العربي في سوريا، خصوصًا في ظل تصاعد التنافس بين القوى الخارجية، ومع ذلك، يبقى نجاح هذا المؤتمر مرهونًا بإرادة حقيقية لتنفيذ مخرجاته، وعدم الاكتفاء بالشعارات أو البيانات الختامية.
السعودية، من خلال استضافتها، تُظهر التزامها بلعب دور محوري في دفع عملية السلام، وإعادة سوريا إلى محيطها العربي، كما أن التوقيت يعكس إدراكاً متزايداً لضرورة منع انهيار سوريا كدولة، ما سيؤثر سلباً على الأمن الإقليمي والعالمي.
رغم هذا الزخم، تُواجه هذه المبادرات تحديات كبيرة، المصالح المتضاربة بين الأطراف الدولية تعرقل تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية، بينما داخلياً، ما زالت الانقسامات بين الفصائل المسلحة تمثل عقبة أمام توحيد الرؤية الوطنية، هذا بالإضافة إلى غياب الثقة بين مختلف مكونات الشعب السوري، مما يعقد أي مسعى نحو استقرار شامل، من ناحية أخرى، يعكس المؤتمر مؤشراً على تزايد القناعة بضرورة إيجاد حلول دبلوماسية تتماشى مع الواقع المعقد للأزمة، فالتوافق على خريطة طريق للحل، مع ضمانات عربية ودولية، قد يكون بداية لاستعادة الدولة السورية توازنها، ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى جدوى هذه اللقاءات إذا لم تُترجم إلى خطوات عملية واضحة.
رهانات الحل ومخاطر التقسيم
السيناريوهات المستقبلية لسوريا لا تزال محفوفة بالمخاطر، مع استمرار حالة التنافر بين الفصائل الداخلية، والتدخلات الخارجية، يظل خطر التقسيم حاضرًا بقوة، خاصة إذا لم يتم التوصل إلى صيغة توافقية تعيد بناء مؤسسات الدولة.
ويتطلب تجاوز هذه التحديات تبني استراتيجية شاملة تبدأ بإعادة الثقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري، تستند إلى رؤية وطنية جامعة تُعلي من شأن المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية، وتُرافق هذه الجهود إصلاحات اقتصادية تعيد الأمل للشعب السوري، وتوفر له الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وأخيرًا، فإن الحلول ليست مستحيلة، تجاوز هذه المرحلة المفصلية يتطلب إرادة سياسية صادقة على المستويين الداخلي والخارجي. الشعب السوري، الذي دفع ثمنًا باهظًا خلال السنوات الماضية، يستحق فرصة حقيقية لبناء دولة موحدة ومستقرة بعيدًا عن الأجندات الخارجية، نجاح هذه الجهود يعتمد على تعاون عربي ودولي حقيقي، ورؤية وطنية واضحة تعيد بناء الثقة بين القيادة والشعب، وتنقل سوريا من مرحلة الصراع إلى مرحلة البناء والتنمية.
الرهان على وعي الشعب السوري ودعمه لحلول واقعية هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة، سوريا بحاجة إلى رؤية تُعزز الوحدة الوطنية وتُعيد لها مكانتها الإقليمية، مستفيدة من زخم الجهود الدولية المتجددة لدعم السلام والاستقرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.