ارتفاع جديد لاسعار الذهب عند التسوية    مؤتمر علماء اليمن السنوي !    مسيرات طلابية في حجة تضامناً مع الشعب الفلسطيني    الحديث عن هشاشة الوضع الاقتصادي أو التحذير وهبوط سعر العملة ليس تشاؤم    الرئيس المشاط يعزي الشيخ أحمد الراعي في وفاة زوجته    معلمون يصنعون الجهل    بسبب الامطار ... انهيار حصن تاريخي في صنعاء .. صورة    مناقشة مرتكزات الرؤية الوطنية لتوطين الصناعات الدوائية    فريق طبي يتمكن من إعادة إنتاج الأنسولين ذاتياً لمريض سكري    الرشيد ينتزع بطاقة التأهل إلى ربع نهائي بطولة بيسان بفوز ثمين على السهام    السفير أبو رأس يوضح بشأن الأنباء المتداولة حول محاصرة منزل رئيس المؤتمر الشعبي العام بصنعاء    معتقل سابق في سجون مأرب يكشف كيف تحول أحد السجناء إلى مقعد بفعل التعذيب..!    النائب "الموهوم"    محافظ شبوة يتفقد أعمال مشروع مبنى الطوارئ بمستشفى بن زايد    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تستعرض أبرز المستجدات على الساحة الوطنية    بن سميط يحذر من مشروع "ضرب من الخيال" في شبام    أهلي جدة يكتسح القادسية بخماسية ويبلغ نهائي السوبر السعودي    الاتحاد المدني لمكافحة الفساد يطلق حملة واسعة لضبط الأسعار في عدن بالتنسيق مع وزارة الصناعة    التمر أم الموز.. أيهما أفضل لتنظيم سكر الدم وصحة القلب؟    رابطة المدربين الإيطاليين تطالب بإيقاف "إسرائيل" عن المنافسات الدولية لكرة القدم    وزير الاقتصاد يُدشن المرحلة الأولى من مشروع تحديث البنية التحتية التقنية بالوزارة    وفاة طفلتين بانهيار سقف منزل جراء الأمطار في مأرب    قرعة كأس الخليج للناشئين تضع منتخبنا في المجموعة الاولى    لوبيات تعطل الإصلاح    نبتة خضراء رخيصة الثمن.. تخفض ضغط الدم وتحمي من السرطان    محافظ حضرموت: بوادر انفراج اقتصادي بفضل تحسن    استشهاد لاعب فلسطيني أثناء محاولته الوصول لمساعدات إنسانية    المرة الثالثة.. صلاح يتوج بجائزة لاعب العام    في السوبر.. هونج كونج تحتفي ب «الدون» بعد استهجان ميسي    لجان الرقابة الرئاسية.. أداة فاعلة لتعزيز الشراكة وتحسين الأداء    لجنة الطوارئ في خور مكسر بعدن تواصل شفط مياه الأمطار ومعالجة آثار المنخفض    سنوات من الفساد تكشفها ساعات من الأمطار    الأرصاد يحذر من أمطار غزيرة وعواصف رعدية على معظم المحافظات    وزير الدفاع الإيراني: الصاروخ الإيراني الجديد سيستخدم ردا على المغامرة المحتملة للعدو الصهيوني    الاتصالات تلزم الصمت تجاه الانقطاعات المتكررة للإنترنت ومجموعة قراصنة تعلن استهداف مؤسسة اقتصادية    بدء مؤتمر علماء اليمن السنوي    القوة والضعف    مدير أمن ذمار يؤكد أهمية دور العقال في حفظ الأمن والسلم الاجتماعي    بين صمود الشعب وعجز الحكومة: أين تكمن الأزمة؟    الصحة العالمية: اليمن يسجل أكثر من 60 ألف إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    مارس اليمنيون كل الحروب القذر على شعب الجنوبي ولكنها فشلت    عن تجربة لم آلفها من قبل    لو كان بن حبريش بريئ لماذا رفع شعار.. "عدم المساس بالرموز القبلية والمجتمعية"    المقالح: توتر في صنعاء استعدادا لاحتفال ومنع آخر    ألونسو يحدد مشاكل ريال مدريد أمام أوساسونا    المؤتمر الشعبي العام يتخذ قرار بشأن الاحتقال بذكرى تأسيسه    كلية الطب بجامعة المحويت تحيي ذكرى المولد النبوي بندوة ثقافية وتوعوية    منخفض المونسون يتجه الى الجنوب ستصحبة أمطار غزيرة جدا    وزير الدفاع: المقاومة الشعبية كانت وستظل السند الأول لقوات الجيش في معركة التحرير    اليمنية تبدأ بيع تذاكر السفر بالريال اليمني ابتداءً من اليوم الأربعاء    تسليم 42 منزلا بعد ترميمها بصنعاء القديمة    شذرات من التاريخ: للجهلة وعيال البامبرز عن تاريخ يافع.    اكتشاف أقدم دليل على الصيد بالسهام في آسيا قبل 80 ألف عام!    محامي شيرين:كسبنا القضية بالحجز والتعويض    التشي يعود بتعادل ثمين امام ريال بيتيس في الليغا    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب .. بين«فن الصفقة» والصفعة
نشر في 26 سبتمبر يوم 09 - 02 - 2025

رجال المقاومة وسكان فلسطين عصيون على الاحتلال وداعميه
منذ ان زرع كيان الاحتلال الصهيوني في خاصرة الأمة العربية والإسلامية (فلسطين) عملت أمريكا ومعها بريطانيا والغرب عموما وكثير من دول الاتحاد الأوروبي على تقديم الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي لهذا الكيان اللقيط
إلا ان أمريكا كانت ولاتزال الداعم الأكبر والشريك الرئيسي للاحتلال الاسرائيلي في ارتكاب جرائم الحرب والابادة للفلسطينيين واحتلال أراضيهم والتوسع في أجزاء من الدول العربية في لبنان وسوريا.
ناصر الخذري
عند قراءة الأحداث منذ ما بعد كارثة 48م نجد أن قادة البيت الأبيض يفرضون العقوبات ضد الدول العربية التي تقف ضد الاحتلال الإسرائيلي حتى يصل بهم الأمر الى التدخل عسكريا وهذا ما تم من خلال غزو أمريكا للعراق عام 2003م وعدوانها وحصارها الحالي لليمن تحت مبررات واعذار واهية.
ونلاحظ ان المتغير الوحيد في سياسة البيت الأبيض هو ان المعتوه ترامب يتحدث علنا عن الأهداف الامريكية تجاه القضية الفلسطينية في حين كانت تتم خلال فترة من سبقوه بصورة أخرى بطريقة التلميح مع إعطاء الاحتلال الضوء الأخضر ودعمه بالسلاح واسناده بكل ما يريد لشن عدوانه بهدف التوسع والاحتلال للمزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية.
فلا يوجد فرق سواء تولى رئيس من الحزب الديمقراطي اومن الحزب الجمهوري فالسياسة الامريكية لن تتغير تجاه القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط والاطماع التوسعية فيها ونهب خيرات وثروات الشعوب العربية.
الا ان الجديد الذي ظهر في تاريخ قادة امريكا هو سلوك وتصرفات ترامب الملياردير الذي عاد لكرسي الحكم بعقلية تاجر العقارات منتقما لنفسه من المؤسسات القضائية والمخابراتية الامريكية وداعما بصورة اكبر من غيره لإسرائيل لتواصل العربدة بالقتل والتشريد والتهجير القسري لسكان فلسطين الاصلاء وفتح الباب واسعا امام الصهيونية لعلها تحقق أهدافها ليس في فلسطين فقط وانما في منطقة الشرق الأوسط حسب ما يحلم به الصهاينة في انشاء "مملكة إسرائيل الكبرى".
ولذلك فقد بدت تصرفات ترامب بعد عودته للبيت الأبيض في ولايته الثانية اشبه بهيجان الثور الاسباني يلاحق كل من حوله وكل من تتاح له الفرصة لملاحقتهم خارج المربع الأمريكي.
ومن المؤشرات التي تؤكد التعطش للانتقام هو التسرع بإصدار حزمة من القرارات المتهورة الهادفة الى ابتزاز كثير من الدول حول العالم اقتصاديا الى جانب تكفيك الدولة الفيدرالية الامريكية وهذا ما بدا واضحا بعد ان اسند كثير من الوظائف الهامة لشركائه من تجار العقارات ومالكي التكنولوجيا مثل ايلون ماسك الذي يراه الامريكيون الحاكم الفعلي لأمريكا فيما عين ستيف ويتكوف، الملياردير العقاري مبعوثه الخاص الى الشرق الأوسط ليضع بذلك أمريكا امام تحديات جمة ستعود عليها وعلى إسرائيل بعواقب وخيمة حتما.
الهروب الى الهامش
تعمد ترامب خلق زوبعة بتصريحات غريبة بهدف اشغال الرأي العام الأمريكي والعالمي لصرف الأنظار عما تشهده الإدارة الامريكية من توتر حيث يرى كثير من الامريكيين ان فترة حكم ترامب ستكون للانتقام اكثر منها لانتشال أمريكا من الوضع الاقتصادي المتردي الذي تغرق فيه بسبب السياسة الامريكية الرعناء.
قنابل وصواريخ للاغتيالات
ترامب المطلوب للمحاكم المحلية الأمريكية ونتنياهو المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب يلتقيان تحت قبة البيت الأبيض ليتبادلا الحديث عن خطة تهجير سكان غزة وخريطة "الشرق الأوسط الجديد" وعقد صفقات أسلحة بفتح مخازن القنابل والصواريخ الامريكية امام إسرائيل لتعوض خسائرها وما فقدته من الأسلحة خلال المواجهة مع المقاومة الفلسطينية خلال عام ونيف.
وقد اسفرت المحادثات عن الموافقة على تزويد إسرائيل بأكثر من 18 الف قنبلة معدة للطائرات و3 آلاف صاروخ هليفاير وهذا ما أكدته الخارجية الامريكية بان صفقة المبيعات تمت الموافقة عليها والتي تشمل بيع أسلحة لإسرائيل بمبلغ اكثر من 7 مليارات دولار وتتضمن الصفقة "تسليم أكثر من 2000 قنبلة من طراز GBU-39/B ذات القطر الصغير، و2800 قنبلة من طراز MK 82 شديدة الانفجار بوزن 500 رطل، و13 ألف مجموعة ذخائر".يتم تسليمها خلال العام الجاري 2025م.
وبشكل منفصل تمت الموافقة على "اتفاقية لبيع 3000 صاروخ موجه جو-أرض من طراز هيلفاير يتم تسليمها في عام 2028م وهذا النوع من الصواريخ يستخدم في عمليات الاغتيالات.
سابقة خطيرة
تصريحات ترامب حيال قطاع غزة ليست سوى فرقعة صوتية لا يستوعبها أي عاقل ولا يليق برئيس دولة تدعي بانها راعية الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم ان يقدم على تجاوز وانتهاك سيادة الدول والتدخل في شؤونها وسياساتها الداخلية.
هذه الدعوة الصريحة بتهجير سكان فلسطين وتوطينهم في اماكن أخرى تعد جريمة حرب وانتهاك سافر للقانون الدولي وسابقة خطيرة توضح أن قانون الغاب بات شريعة أمريكا لبسط نفوذها بل وسيطرتها المباشرة على الدول الرافضة للهيمنة الامريكية.
فترامب التاجر المتربع على كرسي البيت الأبيض يمارس سياسة العصا بدون الجزرة مع عدد من دول العالم بشكل عام وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط التي تختزن أكثر من نصف احتياطي العالم من النفط وتتميز بالموقع الجغرافي المهم بإطلالتها على البحار والمحيطات والمضائق البحرية ويرى فيها منطقة صالحة للتوسع والاستثمار وفق نظرية الاحتلال الصهيوني.
ومهما كانت النوايا لدى ترامب وزبانيته الا ان تصريحاته عكست سياسة البيت الأبيض الذي يدار بعقلية تاجر وزعيم عصابة يسعى لتحقيق اهداف ومخططات الصهيونية على حساب معاناة الفلسطينيين.
قنبلة صوتية
وعلى الرغم من الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعاني منها اكثر من 2.5 مليون في غزة الذين يعيشون بين الركام وتحت الخيام المهترئة يعانون من الجوع والبرد والحصار الظالم من قبل الاحتلال الصهيوني إلا أن ترامب لا يرى تلك المعاناة وينظر الى غزة كأرض ساحلية على البحر المتوسط تصلح لبناء مشاريع سياحية تشرف وتسيطر عليها أمريكا حسب زعمه, هذه الهرطقات التي يروج لها ترامب اشبه بقنبلة صوتية لإثارة الجدل واشغال وسائل الإعلام ورفع السقف على المقاومة والدول العربية للقبول بخطط ترامب في التطبيع مع الاحتلال وعقد تحالفات جديدة مع الدول العربية تحت مسمى اتفاقية "ابراهام" واما اقتلاع الفلسطينيين فهو من مستحيلات العصر ويدك الاحتلال ذلك بأنها بعيدة المنال.
خطة الصهيونية
لم يأت ترامب بأي جديد في حديثه اللا معقول واللا مقبول فالمعروف ان الصهيونية وضعت ضمن خطتها قبل احتلال فلسطين ان من ضمن أهدافها بعد الاحتلال هو العمل على تهجير الفلسطينيين والعمل على تحقيق بقية الأهداف حتى تحتل المساحة الجغرافية " العراق الى السويس وحتى الوصول الى شمال السعودية".
ويعمل الاحتلال للوصول الى غايته وهدفه على تحقيقها عبر ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في فلسطين منذ احتلالها وحتى الآن بهدف اجبار السكان على ترك ارضهم والنزوح الى الدول المحيطة بها .
حق العودة
منذ كارثة 48م نزح حوالى 6 ملايين فلسطيني الى سوريا والأردن ومناطق مختلفة حول العالم وكانت الفكرة حينها ان خروجهم سيكون مؤقتا إلا ان الدعم العسكري والغطاء السياسي البريطاني والأمريكي حال دون عودة الفلسطينيين الى أراضيهم وفتح المجال للاحتلال لنهب منازلهم ومزارعهم.
ورغم معاناة اللاجئين الا ان الفلسطينيين مصرون على العودة ولن تفلح العصابات الصهيونية والأمريكية في اقتلاع سكان فلسطين مهما كانت الضغوطات ومستوى والدعم الأمريكي للاحتلال.
وعند النظر الى تلك المخططات الصهيونية فقد شهد التاريخ المعاصر محاولات متعددة لتهجير الفلسطينيين ومن ابزرها مشروع التوطين في سيناء عام 1955م الذي اقترحه الاحتلال بدعم من بريطانيا وامريكا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في شمال سيناء لكنه واجه رفضًا مصريًا حازمًا بقيادة جمال عبدالناصر ومعارضة فلسطينية شديدة.
الى ذلك ظهرت محاولات أخرى لتوطين الفلسطينيين في الأردن خلال الستينات والسبعينات، والتي تسببت في تصاعد التوتر بين الفصائل الفلسطينية والنظام الأردني، وانتهت بأحداث سبتمبر/ أيلول الأسود عام 1970م.
كما طرحت الأمم المتحدة ودول غربية خططًا مثل برامج التوطين الدولي عبر "الأونروا"، التي دعت إلى توطين الفلسطينيين في دول مضيفة مقابل دعم مالي، لكنها قوبلت برفض حاسم من اللاجئين الفلسطينيين الذين تمسكوا بحق العودة.
فمنذ عقود يسعى الاحتلال الى تهجير الفلسطينيين، خصوصًا في قطاع غزة، وفي كل محاولة يختلق ذرائع منها امنية وعسكرية لأخلاء المناطق السكنية بهدف خلق تغيير ديمغرافي يخدم مخططاته عبر شن العدوان المتكرر على قطاع غزة ومنها عمليته التي اسماها "الجرف الصامد" عام 2014م حيث كثف الاحتلال عملياته العدوانية في غزة وبشكل اكبر في الشمال منها مثل يبت حانون وبيت لاهيا وكما هي عادة الاحتلال وجه إنذارات للموطنين لإخلاء منازلهم ورغم النزوح الا ان السكان عادوا الى منازلهم عقب توقف القتال، وفشلت محاولات التهجير.
مشهد تاريخي
لأكثر من 15 شهرا من العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة لم تفلح العصابات الصهيونية في تحقيق أي من أهدافها التي سبق وان أعلنها الارعن نتنياهو في استعادة اسراه والقضاء على المقاومة الفلسطينية وذلك عقب عملية السابع من أكتوبر التي نفذتها المقاومة في العام 2023م.
ولكن المقاومة المسنودة بسكان غزة سطروا أروع الملاحم البطولية في التصدي للاحتلال وثبتوا وصمدوا امام بشاعة القصف والتدمير وعلى الرغم من المعاناة لتي طالت سكان القطاع وحولتهم الى نازحين في مناطق مختلفة في القطاع, إلا الثبات واسناد المقاومة كان اقوى عوامل الصمود التي عززت الانتصار على العدو الغاصب وافشلت مخطط التهجير, فبعد اتفاق وقف اطلاق النار كان للمشهد التاريخي لعودة 300 الف نازح عبر محور نتساريم الى شمال غزة المدمر سيرا على الاقدام اثر كبير في احباط الاحتلال الذي فشل في تحقيق أي من أهدافه او تغيير ديموغرافي دائم.
ازدواجية المعايير
مجددا انكشف الوجه الحقيقي لأمريكا بصورة اكثر بشاعة خاصة بعد عملية طوفان الأقصى من خلال الوقوف والمشاركة العلنية عسكريا الى جانب الاحتلال وهذا ليس بغريب على الولايات المتحدة كون (إسرائيل) تعد مقدمتها في منطقة الشرق الأوسط واي هزيمة لها تعتبر هزيمة لأمريكا ولذلك تكثف جهودها السياسية ودعمها العسكري من اجل ان يظل هذا الكيان الغاصب سيفا مسلطا على رقاب العرب.
وخلال العقود الماضية ظلت أمريكا ولا تزال هي المعضلة الكبرى التي أدت الى عدم إقامة الدولة الفلسطينية رغم تظاهرها انها مع حل الدولتين الا ان الواقع يثبت عكس ذلك تماما.
لم تلتفت الإدارة الامريكية السابقة بقيادة بايدن او الحالية بقيادة ترامب الى جرائم الإبادة ضد الإنسانية وانتهاك الاحتلال للقانون الدولي وحقوق الانسان ولم تبد أي مواقف حيال مجرمي الحرب من قيادة الاحتلال المشمولين بقرار الجنائية الدولية بل ظلت امريكا تماطل وتراوغ لمنح الاحتلال المزيد من الوقت للقتل والتدمير الشامل لكل مناحي الحياة بهدف اجبار سكان غزة على التهجير القسري.
فرض عقوبات
ففي حين ادان بايدن قرار محكمة الجنايات الدولية باعتقال نتنياهو وغالانت على خلقية ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة كان ترامب الارعن اكثر تعصبا من سلفه فبادر الى الانسحاب من منظمة حقوق الانسان مدعيا بانها تعادي"السامية" واوقف الدعم عن "الاونروا" وأخيرا اصدر قرارا بفرض عقوبات ضد محكمة الجنايات الدولية بسبب قرارها ضد مجرمي الحرب من قادة كيان الاحتلال الصهيوني.. مما يجعل أمريكا دولة مارقة تنتهك القوانين الدولية ولا تعمل بها الا عندما تتوافق مع مصالحها ومصالح إسرائيل.
من يحكم أمريكا
خلال عقود من الزمن تتباين وجهات نظر قادة البيت الأبيض في المناورة حول عدد من القضايا المتعلقة بتحقيق السلام في العالم وحقوق الانسان والتدخل في سياسات الدول النامية تحت عناوين (حقوق الانسان ومكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية) لكن الدولة العميقة في أمريكا تظل صاحبة القرار النهائي والكل يجمع على ان دعم وحماية الاحتلال الصهيوني أولوية لدى أي رئيس امريكي وهذا ما تؤكده الاحداث التاريخية ولذلك عندما حاول الرئيس الأمريكي جون كيندي معارضة إسرائيل حول امتلاكها سلاحاً نووياً تم تصفيته من قبل (الموساد) وهذه من الاغتيالات التي قيدت ضد مجهول.
ولذلك فإن ترامب يسير وفق رؤية ومخططات اللوبي الصهيوني الرامية الى تحقيق اهداف الاحتلال في التوسع والسيطرة على الأراضي العربية المحتلة واصبح اداة سهلة في ايدي اليمين المتطرف اكثر ممن سبقوه فكان الأكثر تعصبا مع الاحتلال حيث وقع خلال ولايته الأولى على نقل سفارة واشنطن الى القدس واعتمادها عاصمة ابدية للاحتلال واعترف بسيادة (إسرائيل) على الجولان السوري المحتل منذ عام 1967م, وربما يعترف حاليا بسيادتها على الأراضي الجديدة (سلسلة جبل الشيخ ومناطق أخرى في الجنوب السوري) التي احتلتها عقب سقوط النظام السوري نهاية العام 2024م.
فوضى سياسية
وحيال الدعوة الى تهجير الفلسطينيين التي قوبلت برفض فلسطيني وعربي واسع حتما سيتراجع ترامب لأنه تاجر ويتماشى مع السوق والى جانب الرفض العربي الواسع امتدت تداعيات الفوضى السياسية لترامب الى الكونجرس التي رفضها أيضا أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي معتبرين ان التهجير القسري انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب مكتملة الأركان.
"فن الصفقة"
رغم ان الدعم والحماية للاحتلال الصهيوني احد الثوابت في سياسة أمريكا واحد شروط نجاح أي مرشح للبيت الأبيض الا ان ترامب- التاجر المتهم بجرائم عدة والمطلوب امام المحاكم الامريكية- يدير سياسته وفق ما يحقق له الربح بأي صورة من الصور حتى وان كانت على حساب ومستقبل أمريكا نفسها.
وفيما يرى العرب وكثير من دول العالم خطورة سياسة ترامب وتوجهه الهستيري تجاه جيران أمريكا ودول أخرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي بشكل عام وتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص يراها آخرون من الكتاب والمحللين السياسيين في الغرب أنها تندرج في اطار توجه ترامب التي تعتمد على المبالغة لغرض فرض الشروط بدلا من التفاوض عليها.
وفي هذا السياق قال الكاتب لويس باستاس في مقال نشرته جريدة "إلباييس" الإسبانية: "أن نهج ترامب معروف، فهو يعكس فلسفته التي تجسدها فكرة "فن الصفقة" التي عنون بها كتابه، والتي تقوم على فرض الشروط بدلا من التفاوض عليها, واليوم، يطبق هذه العقيدة مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الملياردير العقاري الذي يفتقر إلى أي خبرة دبلوماسية، لكنه شريك ترامب في لعبة الغولف، مما يجعله مطلعا عن كثب على أسلوبه القائم على الصفقات والابتزاز، وكذلك ميله للكذب، حتى أثناء ضرب الكرة."
وأضاف: "هذه هي الدبلوماسية التي يحاول ترامب فرضها على العالم، حيث لا مكان للعدالة أو القانون، بل فقط للقوة والصفقات العابرة، وحيث لا صوت يعلو فوق منطق "العرض الذي لا يمكن رفضه".
وقد استشهد الكثير من المحللين على ذلك من خلال تراجع ترامب عن قرارات "التعريفات الجمركية" بعد ان تم التوصل الى تفاهمات مع المكسيك تتوافق مع خطط ترامب بنشر قوات على الحدود قوامها 10 الاف جندي لمنع تهريب المخدرات الى أمريكا فيما لا تزال المفاوضات جارية مع بقية الدول التي شملتها القرارات.
تفكيك الدولة الفيدرالية
وعن تصريحات ترامب وقراراته يرى عدد من المحللين انها تهدف الى حرف المسار وانظار وسائل الإعلام عن الداخل الأمريكي الذي يشهد توترا بسبب سياسة الانتقام التي بدأ بها ترامب بعد 24 ساعة من وصوله الى البيت الأبيض ومنها تفكيك "الدولة الفيدرالية" وهذا ما أشار اليه الكاتب الإسرائيلي أورييل داسكال في مقال بموقع "واللاه" العبري إن الجميع يتحدث اليوم عن اقتراح دونالد ترامب بشأن الاستيلاء على غزة وتهجير اكثر من 2 مليون فلسطيني، لكن الحقيقة أن هذا هو بالضبط ما يريده ترامب وهو: "تحويل الأنظار عما يحدث في واشنطن."
ويوضح أن كل شيء يسير وفقًا لخطة ستيف بانون، مستشار ترامب السابق، الذي وصف استراتيجيته الإعلامية بأنها "إطلاق النار بأسرع معدل"، حيث قال: "نظرًا لأن وسائل الإعلام تتكون من أشخاص أغبياء، فلا يمكنها التركيز إلا على شيء واحد، لذا علينا أن نغرقهم بسيلٍ من الأخبار المثيرة، وسيفقدون السيطرة على ما هو مهم حقًا.. بانج، بانج، بانج، ولن يتعافوا".
ويتابع الكاتب الإسرائيلي أنه لهذا السبب، يلقي ترامب بمقترحات غير واقعية مثل شراء غرينلاند، واحتلال بنما، ونقل الفلسطينيين إليها، لأنه يعلم أن وسائل الإعلام ستنشغل بهذه العناوين، بدلًا من التركيز على التغييرات الجذرية التي تحدث داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية.
ويشرح أنه بينما تنشغل وسائل الإعلام برؤية ترامب لغزة، يجري في واشنطن تفكيك منهجي وسريع للحكومة وأجهزة الاستخبارات الأمريكية"
ويؤكد داسكال أن ما يحدث اليوم في واشنطن ليس مجرد صراع سياسي، بل هو إعادة تشكيل جذرية للحكومة الأمريكية، قد تؤثر ليس فقط على مستقبل الولايات المتحدة، ولكن أيضًا على الأمن العالمي، بما في ذلك (إسرائيل)"
وقال: "إذا كان ترامب وماسك يمضيان في تنفيذ رؤيتهما المتطرفة، فإن العالم سيواجه عصرًا جديدًا من الفوضى السياسية، حيث تتحكم الشركات الكبرى في الدول، وتُفكك الحكومات لمصلحة القلة الأكثر ثراءً.
تطهير عرقي
الى ذلك رفض أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في الكونغرس تصريحات ترامب بتهجير سكان غزة وسيطرة امريكا على القطاع، ووصفوا الخطوة بأنها تطهير عرقي.
حيث تقدم النائب الديمقراطي آل غرين بمشروع مساءلة لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب متهما إياه ب"التطهير العرقي في غزة"، واصفا تصريحات ترامب بشأن غزة بأنها "شنيعة".
وقال: "التطهير العرقي ليس مزحة، خصوصا عندما يأتي من رئيس الولايات المتحدة أقوى شخص في العالم والذي لديه قدرة على تنفيذ ما يقوله، ويجب أن يخجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الوقوف هناك والسماح بهذه التصريحات. فقد كان التطهير العرقي عبر التاريخ جريمة ضد الإنسانية".
وتابع قائلا: "أقف هنا اليوم لأن حركة محاكمة الرئيس قد بدأت.. أقف هنا اليوم لأعلن أنني سأقدم لائحة اتهام ضد الرئيس بسبب الأفعال البشعة التي اقترحها والتي ارتكبها"، مشيرا إلى أنه وضع الأساس لمحاكمة الرئيس الأمريكي وعزله.
واجهة لامتصاص الصدمات
يظل رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو مجرد واجهة لامتصاص الصدمات فيما أمريكا هي المسؤول بالدرجة الأولى عن الجرائم المروعة التي شهدها قطاع غزة خلال 15 شهرا كونها الممول بالسلاح والمشارك بالعمليات المباشرة ضد الفلسطينيين بالقتل والتهجير ومسؤولة أيضا عما يحصل اليوم من قتل وتجريف للشوارع والأراضي في جنين بالضفة الغربية.
فتظل إسرائيل هي تلك اليد الممدودة من البيت الأبيض للقتل في فلسطين لتنفيذ المخططات الاستعمارية التي تبطش بها أمريكا كل من يخالف توجهها من الدول العربية وبأموال عربية للأسف.
صفعة قوية
المقاومة مستمرة والفلسطينيون صامدون ومتجذرون في ارضهم ولم ولن ترهبهم جرائم الاحتلال أو تهديدات ترامب ونتنياهو ووزير دفاعه الذي ظهر بتصريحه السخيف بأنهم سيوفرون الطريق الآمن للخروج الطوعي للفلسطينيين من غزة نحو الوجهة التي حددها ترامب.
وبالتأكيد ان هذا الهراء لن يلقي له الفلسطينيون بالا فقد افشلوا كل مخططات الصهاينة ولم ولن تنال من ايمانهم وارادتهم القوية والصلبة جرائم العدوان وحصاره الجائر وها هم اليوم يوجهون صفعة قوية لترامب وللاحتلال برسائلهم من مختلف مناطق قطاع غزة بتلك العروض العسكرية المهيبة ووسط حضور جماهيري واسع اثناء مراسم تسليم اسرى العدو بأسلحة النخبة التي تم اغتنامها في عملية طوفان الأقصى وبذلك التنظيم والجاهزية والانتشار المنظم لكتائب المقاومة الفلسطينية يؤكد ان رجال المقاومة وسكان غزة عصيون على الاحتلال وداعميه.
يبدو ان قادة الاحتلال لم يعوا الدرس ويحاولون استغلال زوبعة ترامب التي لن تؤثر مطلقا على المقاومة وسكان غزة والضفة الثابتين في ارضهم ثبات الجبال الرواسي فغزة وفلسطين بعيدة المنال وستظل المقاومة والتصدي للاحتلال مستمر جيلا بعد جيل حتى تتحرر فلسطين ويتطهر المسجد الأقصى المبارك من دنس اليهود الغاصبين واطماع الصهاينة والأمريكان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.