في الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة اليمنية، ألقى الرئيس مهدي المشاط خطابًا سياسيًا عميقًا حمل بين طياته رسائل وطنية وإقليمية، وأعاد التأكيد على قداسة الوحدة اليمنية بوصفها حجر الزاوية في معركة التحرر والاستقلال، ومشروعًا جامعًا في مواجهة مشاريع التقسيم والاحتلال والهيمنة. الرئيس المشاط استهل خطابه بتهنئة الشعب اليمني وقائد الثورة والعلماء وقوات الجيش والأمن وكافة قبائل اليمن بعيد الوحدة المباركة، مؤكدًا أن هذا المنجز لم يكن حكرًا على منطقة أو فئة، بل جاء امتدادًا طبيعيا لتاريخ طويل من الكفاح الوطني. وبيّن أن الوحدة اليمنية لم تكن مجرّد تقارب جغرافي، بل وحدة قلوب ومصير وموقف، وأنها لا تزال تمثل اليوم عنوان عزة اليمنيين وضمان سيادتهم، والملاذ الآمن لجمع الكلمة ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية. وفي ظل محاولات الخارج لتمزيق اليمن، شدد الرئيس المشاط على أن التمسك بالوحدة لم يكن بدافع عاطفي، بل من منطلق وطني، عقلاني، إيماني وعروبي، يؤمن بأن التفتيت ليس حلاً، بل بوابة للفوضى والتبعية. وأكد أن أخطاء الماضي لا تُعالج بالتقسيم والانفصال، بل عبر الإنصاف والعدالة والإصلاح وضمان الحقوق والمشاركة العادلة لكل أبناء الوطن. وفي مقارنة لافتة ، أشار المشاط إلى معاناة المواطنين في المناطق المحتلة من الانهيار وانعدام الخدمات، مقابل وحدة الشعب اليمني وصموده من الشمال إلى الجنوب في وجه العدوان. وأكد أن من خانوا الوحدة وتمحوروا حول مصالحهم الضيقة يعيشون اليوم في فنادق الخارج، بينما الشعب في الداخل يواجه التحديات ويصنع المواقف المشرفة. وأضاف: "كما تجاوزنا محاولات التقسيم قديماً والأقلمة حديثاً، فإننا قادرون على كسر مخططات قوى العدوان الرامية لتفتيت اليمن"، معتبرًا أن الرهان على الخارج طريق للدمار، بينما الرهان على الشعب هو طريق المستقبل. الرئيس المشاط لم يغفل البعد القومي والإسلامي للوحدة، فرأى أن الوحدة اليمنية هي اللبنة الأولى في طريق الوحدة العربية الشاملة، وأشار إلى أن العالم اليوم يشهد تشكّل تحالفات على الرغم من تنوعها، بينما نحن في اليمن أولى بالوحدة وأحق بالحفاظ عليها. وفي ظل معركة "طوفان الأقصى"، أوضح أن اليمن جسّد أسمى صور الوحدة العربية والإسلامية من خلال موقفه الشجاع في نصرة الشعب الفلسطيني، مذكّرًا بأن الشعب اليمني توحّد ضد العدوان الأمريكي والإسرائيلي، وأن اسم اليمن الموحد بات يُذكر بإكبار في المحافل الدولية. وجّه المشاط تحذيراً واضحاً لقوى العدوان وأدواتها من مغبة المساس بالوحدة اليمنية، مؤكداً على استمرار الجهاد والنضال حتى طرد المحتلين وتحرير كل شبر من أرض الجمهورية اليمنية، مع الاستعداد التام لمواجهة أي تجدد للعدوان الأمريكي أو الأمريكي الصهيوني. وفي رسالة مباشرة لأهالي غزة، شدد الرئيس المشاط على ثبات الموقف اليمني المبدئي والديني في دعم القضية الفلسطينية، قائلاً: "لا يضركم خذلان المتخاذلين، فالله معكم ونحن معكم، دمكم دمنا وألمكم ألمنا"، مؤكداً أن مقدرات القوات المسلحة اليمنية تحت تصرفهم حتى وقف العدوان ورفع الحصار. وعلى الصعيد الإقليمي، عبّر الرئيس عن أسفه من المواقف الشكلية للقمة العربية في بغداد، التي كان من المفترض بها أن تفرض إدخال المساعدات لغزة وتكسر قيود الحصار، لا أن تبقى رهينة المواقف الإنشائية. وأكد في ختام خطابه أن الصراع اليوم هو في جوهره صراع عربي وإسلامي مع الكيان الصهيوني الغاصب، الذي لا يستهدف فلسطين وحدها، بل الأمة جمعاء، محملاً الأمة العربية والإسلامية مسؤولية الجهاد والمواجهة، وليس فصيلاً أو دولة بمفردها. خطاب الرئيس المشاط جاء ليؤكد أن اليمن لن يكون إلا موحداً، حراً، مستقلاً، متماسكاً في وجه كل المشاريع التقسيمية، وأن الوحدة اليمنية ستبقى عنوان العزة والكرامة والسيادة، وصخرة تتحطم عليها مشاريع الغزاة والطامعين.