شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة تغيرات كبيرة وكشفت الأحداث عن مدى التباين والاختلاف بين الخطاب الرسمي للدول العربية والممارسات الفعلية لها كما كشفت الديناميكيات الجديدة التي تحكم التوجهات العربية إزاء القضية الفلسطينية فبينما تمسكت بعض الدول العربية بمواقفها التقليدية الداعمة للحقوق الفلسطينية عبر التصريحات الرسمية والتحركات الدبلوماسية اتجهت أخرى نحو تبني مقاربات أكثر "براغماتية" تراوحت ما بين الوساطة الدبلوماسية والاكتفاء ببيانات الشجب والتنديد، والانخراط في مسارات التطبيع التي باتت تُلقي بظلالها على المشهد الإقليمي في المقابل برزت الجمهورية اليمنية بقيادة السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي بمواقف استثنائية تجاوزت الإطار الخطابي إلى خطوات عملية غير مسبوقة في السياق العربي الحديث فإلى جانب تبني مواقف سياسية منددة فرضت حظراً بحرياً على السفن المتجهة إلى الموانئ الفلسطينيةالمحتلة الواقعة تحت سيطرة الكيان الإسرائيلي الغاصب عبر باب المندب ثم تطور الموقف إلى التدخل العسكري من خلال العمليات العسكرية المباشرة ضد الكيان الغاصب وشمل ذلك استهداف مواقع استراتيجية داخل فلسطينالمحتلة، ثم تطور الموقف إلى استهداف السفن الأمريكية وذلك بعد اعتراف الأخيرة بدعمها المباشر وتدخلها العسكري مع الكيان الغاصب وأخيرًا قام رجال الله بفرض حصار جوي على الكيان الغاصب وذلك بالاستهداف المتكرر لمطار اللد (بن غريون) وبعد أن أقدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالتورط بشن غارات على مواقع مختلفة في اليمن تلقت بالمقابل ضربات قوية وغير متوقعة لحاملات طائراتها ومعداتها الحربية في البحر الأحمر وتم إسقاط العديد من طائراتها التي تعد فخر صناعتها الحربية في أجواء اليمنوالبحر الأحمر كل هذا جعل من أعظم دولة عسكريًا تقف عاجزة أمام الصمود والقوة اليمنية مما اضطرها للاستسلام والخضوع واللجوء إلى إبرام اتفاق مع رجال الرجال في اليمن وتخلت لفظياً وفعلياً عن أكبر حليف لها في منطقة الشرق الأوسط وهي إسرائيل. لكن حكام العرب ما يزالون مستمرين في الخضوع والذل وتقديم الجزية لترمب ودولته المجرمة على حساب القضية الفلسطينية والمستضعفين في غزة وقد ظهر هذا جلياً من خلال استقبالهم له وخطاباتهم معه ووصفهم له بأرقى وأجمل العبارات وتقديم الأموال الطائلة له تحت مُسمى الاستثمارات والتي نعرف جيداً بأنها استثمارات وهمية وإن كانت حقيقة فهي تصب بالدرجة الأولى في صالح الولاياتالمتحدةالأمريكية بينما يوجه له السيد القائد عبدالملك الحوثي في خطاباته أقسى العبارات وأشدها وأكثرها تناسباً معه كترمب الكافر أو العجوز الأرعن والمجرم وغيرها من العبارات التي تجعل كل حكام العرب مندهشين من قوة العبارات التي يستخدمها السيد عبدالملك وما يقابلها من صمت أمريكي إزاء هذه الكلمات المهينة بحق من يعتبرونه ربهم الأعلى، وكذلك دعوته دائمًا إلى مقاطعة البضائع الأمريكية. يتجلى لنا من خلال ما سبق سرده قوة الإيمان والعزة والشموخ والرحمة والرأفة والإسناد للمؤمنين والمستضعفين والشدة والغلظة على الكفار وما يقابلها من ضعف إيمان أو انعدامه لدى البعض وخنوع وخضوع ومهانة وذل أمام الكفار والشدة والغلظة واللامبالاة تجاه المؤمنين والمستضعفين من أبناء الأمة الإسلامية الذين يعتبرون قادة لهم، فلله الحمد والمنة على نعمة الإيمان والقيادة والمشروع القرآني.