ما يحدث في سوريا كعنوان عام وباختصار شديد هو حلقة من حلقات مخطط بناء الشرق الاوسط الجديد والذي اعلنت عنه وزيرة خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية كونداليزا رايس عام 2005م هذا الإعلان يعتبر التدشين العملي لهذا المشروع الذي صاحبه ما اطلق عليه بالفوضى الخلاقة وهذا المشروع (الخطة) هو حلقة مترابطة من حلقات مشاريع الصهيونية العالمية التي تستهدف منطقتنا العربية والاسلامية والتي تسعى من خلالها لطمس الهوية وتغيير الواقع والحضور العربي والاسلامي بواقع تسيطر عليه (إسرائيل) ومن خلفها الدول الداعمة لها.. بعد وصول الشرع وجماعته المدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية الى حكم سورية بعد سقوط النظام السوري في ديسمبر من العام 2024م يمثل واحدة من الحقائق التي اظهرت للعالم بأن الجماعات المتشددة ماهي الا صناعة واداة من ادوات الغرب منذ اعلان الجهاد الامريكي في افغانستان في ثمانينات القرن الماضي بل اصبحت هذا الحقيقة من المسلمات لدى اغلب شعوب المنطقة ما عدا تلك العقول المستلبة والتي تحركها العصبية والمصالح وبالتأكيد الادارة الصانعة لهذا الجماعات المسلحة (أمريكا والغرب).. ما يحدث او ما حدث مباشرة في أعقاب وصول (الجولاني) احمد الشرع الى داخل الساحة الأموية بقلب العاصمة السورية دمشق والتطورات المتلاحقة التي مورست على الارض من قبل سلطة الامر الواقع في الساحل ضد العلويين ومع رجالات النظام السابق وصولا الى استهداف الطائفة الدرزية في محافظة السويداء ما هو الا برنامج معد مسبقا وما على الشرع وجماعته الا القيام به وكذا ما اعلنه الشرع من مواقف وتوجهات نظام الامر الواقع حول العلاقة مع محور المقاومة والتي كانت سوريا احد اعمدة المحور وانحيازه الى مشاريع التطبيع وقيامه بتضييق مساحة الوجود للقيادات المقاومة الفلسطينية داخل سوريا والتقائه المعلن في عداوته لإيران وحزب الله وفصائل محور المقاومة مع عداوة الكيان الغاصب ووصفه لذلك بان لديه هو وإسرائيل عدوا مشتركا كل هذه الاحداث والمواقف كانت محاولة مستميتة لأرسال رسائل التطمين الى العدو الاسرائيلي بانه سيكون حليفا ناجحا ومناسبا لهم في مساعيهم لتحقيق حلم (اسرائيل الكبرى) وما يحمله هذا الحلم من مشاريع التطبيع ونسف الهوية والسيادة والاستقرار لجميع دول منطقة الشرق الاوسط رغم انه يعلم ان وجوده وتمكنه من سوريا ما كان ليحدث الا لأنه جزء من ادوات امريكا واسرائيل لكن عبثا حاول ان يقنع الكيان بمساعيه وبرامجه والدليل انه في الوقت الذي يسوق نفسه ليكون اكثر خدمة وانبطاحا لهذا الكيان الا ان الكيان استأسد وكشر عن انيابه وشن اعتداءات جوية وبرية متواصلة انتهك فيها سيادة سوريا ودمر مقدراته العسكرية واحتل ما تبقى من الجولان وغيرها من مناطق في درعا وصولا الى جبل الشيخ وريف دمشق في منهج لا يعني فيه انه تعبير عن استخفاف بنظام الامر الواقع السوري الجديد وانما لأنه يعلم ان هذا النظام الجديد الذي جاء بدعم امريكي له دور آخر لا علاقة له ببناء اتفاقيات سلام وتطبيع مع إسرائيل وتغيير واقع وعقيدة الشعب السوري في عداوته المطلقة لإسرائيل وتحت ادارة متكاملة تديرها سلطة الامر الواقع للدولة السورية في جميع خارطتها الجيوسياسية بالكامل.. احمد الشرع رئيس الحكومة الانتقالية السورية بالغ في رفع سقف احلامه وحدث نفسه بانه وإن كان يوقن انه مجرد اداة من ادوات المشروع الصهيوني الا ان محاولاته لتسويق نفسه ليكون حاكما كامل الصلاحية لكل سوريا حتى ولو بالشروط التي تفرضها عليه امريكا والغرب واسرائيل الا انه لم يتعظ ممن سبقه والدليل ان الكيان اليوم يتعامل مع سوريا كساحة مستباحة دون ان ينظر الى وجود هذا الطارئ الجديد داخل العاصمة السورية بل ويتعامل معه حينما تدعو اليه الحاجة عند الكيان لاستخدامه في موضوع ما هنا او هناك داخل سوريا لان الكيان يعلم ان الدور الوظيفي لهذا الطارئ الجديد بيد امريكا التي تحركه في عناوين بعيدة عن الاولويات الراهنة الملحة لإسرائيل كأن يضعف معنويات شعوب المنطقة التي تقف مع محور الجهاد والمقاومة وتعزيز انظمة الانبطاح والتطبيع في المنطقة خاصة فيما تحمله سوريا من مكانة داخل المحور ومدى تأثير انتقالها لمحور الاعتدال والتطبيع العربي اضافة الى ضرب الوجود الروسي والإيراني داخل المنطقة.. تصرفات الكيان الغاصب داخل سوريا والتي كان آخرها ضرب القصر وقيادة الاركان داخل العاصمة ما هو الا دليل واضح ان الكيان يحمل نفسية من لا يثق في اي شيء مهما بالغ الاخرون في تقديم قرابين الولاء والانصياع لذلك سيظل يتعامل مع احمد الشرع بانه ذلك الإرهابي المتشدد وكانه يقول اننا لا نثق به فربما انه يتعامل بالتقية حتى تلوح له الفرصة ويعيد عداوته ومهاجمته للكيان رغم ان تاريخ هذه الجماعات لم يشهد لها موقفا قامت فيه باستهداف (إسرائيل) او داعميه ولكنها الطبيعة الصهيونية. من هنا يتضح ان ما يحدث في سوريا يجب ان ينظر اليه من زاوية مساعي امريكا لبناء شرق اوسط جديد ومن يأسف على ما وصل اليه حال نظام الشرع فعليه الا يأسف لان الجماعات المسلحة هذه لها دور وظيفي تمضي في تحقيقه مثلها مثل الدور الوظيفي الذي لعبته وتلعبه اسرائيل اللقيطة في المنطقة منذ ما يقارب ثمانية عقود لخدمة مشاريع الهيمنة الغربية الصهيونية وهذا هو واقع الحال للكيانين.. وأخيراً فان مآلات الأحداث تتجه الى وصول حالة الاشتباك بين مشروعين يتصارعان وأننا بالفعل سنشهد معركة فاصلة يبرز الإيمان كله فيها للشرك والنفاق كله.. والعاقبة للمتقين..